من أجل تأمين مياه الشرب يسعى سكان قرية “محطب” في ريف محافظة إب (وسط اليمن) لبناء خزان للحفاظ على مياه الينابيع النقية المهدرة، لتخفيف معاناة المواطنين في الحصول الماء من تلك الينابيع التي تزداد كميتها خلال موسم الأمطار، مما يجعلها تهدر في الأرض دون أن يستفيد منها السكان، في الوقت الذي يعانون مع انعدام المياه بالمنازل مع توقف موسم الأمطار.
وخلال السنوات الماضية تسببت الحرب بانقطاع شبكات المياه الحكومية، في العديد من المحافظات والمدن وعلى وجه الخصوص في المناطق الريفية، حيث أدى الإهمال وارتفاع أسعار مادة الديزل إلى انقطاع شبكات المياه المتواجدة في غالبية المديريات من بينها ريف محافظة إب الذي يعاني فيها المواطنون من صعوبات جمة جراء عدم توفر المياه.
ورأى السكان أن حملة جمع التبرعات بهدف بناء خزان لحفظ المياه في القرية، سيخفف معاناتهم في الحصول على مياه الشرب بشكل منتظم خلال السنة عندما تنقطع الأمطار، حيث يعتمد السكان على شراء الماء من أجل احتياجهم المنزلي.
وقال “محمد” – أحد سكان القرية – “في الشتاء لا نجد ما نشرب نمكث ساعات طويلة للحصول على 20 لتر من الماء، وخسارة أن نرى المياه يهدر ونحن بحاجة إليها، نتمنى أن يساهم الجميع في إتمام بناء الخزان”.
ورغم ان حجم الخزان لا يلبي احتياجات سكان القرية المكتظة بالسكان، الا انه يؤمن جزء بسيط، ومازال السكان ينقلونه إلى مسافات بعيدة بشكل يومي. وقالت امرأة في العقد السادس من عمرها “أنها تحمل الماء فوق رأسها يوميا لمسافة كيلو من أجل الشرب”.
حملة البحث عن تمويل
وأطلق السكان في قرية “محطب” حملة لجمع التبرعات بهدف بناء خزان للمياه بمساحة 14 متر مربع، بتكلفة تقديرية بنحو ستة مليون، ما يعادل 11,300 دولار أمريكي، إذ يطمحون في الحصول على تمويل أكبر من توسعة المساحة، ليكون مناسب للقرية المكتظة بالسكان والتي تعد الأكبر في المنطقة.
خزان مياة قرية “محطب” والذي يظهر قديم ومتهالك يستفيد منه حوالي ألف نسمة (منصة ريف اليمن)
وقال مسؤول الحملة المهندس أحمد حمود: “أن الخزان سوف يساهم في توفير الماء النقي والصحي للسكان، ويحل مشكلة الخزان القديم الذي أصبح متهالك وغير صالح للاستخدام إذ أن الخزان القديم سعته صغيرة حوالي 3.5 متر مكعب وكمية الماء تزداد في فصل الصيف بكميات كبيرة لذلك يعتبر بناء الخزان مهم لحفظ الماء من الإسراف ومن الهدر الذي يتكرر كل عام”.
وأضاف في حديث لـ”منصة ريف اليمن”، “قمنا بعمل دراسة جدوى لبناء خزان سعة 14 متر مكعب في ذات المكان، الذي يتواجد فيه الخزان القديم وكون المشروع من أحد الصدقات الجارية فإننا نأمل أن يتفاعل الجميع في إتمام المشروع”.
وأوضح “لم نقدم الملف لأي منظمة نظرا لعدم معرفتنا لكن نأمل أن يساعدونا من خلال منصتكم، والتفاعل مع الحملة حتى اللحظة لا يزال بطيء جدا وذلك بسبب الظروف المعيشية القاسية التي يمر يعيشها المواطنون لكن مع ذلك اعتقد مثل هذه المشاريع تحتاج قليل من الصبر حتى يتم إنجازها”.
مئات الأسر مستفيدة
بشكل يومي تسير النساء والأطفال مسافات طويلة مشياً على الأقدام حتى تصل إلى مكان تواجد خزان الماء المتهالك للحصول على المياه لكنها تعود في غالبية الأيام دون الحصول على عليه بسبب الازدحام الشديد، وعدم توفر المياه في الخزان.
وقالت نساء من سكان القرية “بعض الأيام نعود إلى المنزل دون الحصول الماء بسبب أنه إما أهدر للشارع بسبب امتلاء الخزان خلال الليل”، “لكنه ملاذنا الوحيد الذي نعتمد عليه في توفير المياه الصالحة للشرب وإذا استطعنا شراء الماء وايت (صهريج) ماء يكون للاستخدام المنزلي ومن الصعوبة الحصول عليه دائما”.
يقول المهندس حمود “الخزان يخدم أكثر من ألف نسمة موزعين في 200 أسرة، ويحاول السكان تقسيم الاسر في مربعات، ليتم توزيع الماء بين الأهالي بالتساوي خصوصاً في فصل الشتاء حيث تقل مياه العيون”.
وبفعل استمرار انقطاع مشروع المياه منذ حوالي 16عاماً يعد هذا الماء الذي يتجمع في الخزان المتهالك، هو الملجأ الوحيد لعشرات الأسر الذين لا يستطيعون شراء صهاريج المياه بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق.
أزمة مياه
إلى جانب صعوبة تأمين متطلبات الحياة اليومية يعاني المواطنون في قرية محطب الأكثر كثافة سكانية، من صعوبة الحصول على المياه بشكل عام والمياه الصالحة للشرب بشكل خاص، منذ توقف مشروع المياه في غالبية المناطق الريفية عقب اندلاع الحرب في اليمن.
مياه مهدرة تخرج من ينابيع نقية، تكثر خلال موسم الأمطار ولا يوجد خزان كافي يسعها (منصة ريف اليمن)
“حمود قاسم (55 سنةً) أحد سكان القرية يقول لـ” منصة ريف اليمن”،” نواجه صعوبات كبيرة في الحصول المياه الصالحة للشرب، نقطع مسافات طويلة للبحث على المياه خاصةً خلال فصل الشتاء الذي يستمر لنحو ستة أشهر التي تعد من أصعب الأيام في حياتنا “.
ثم يضيف: “خلال فصل الشتاء تتضاعف تكاليف صهاريج المياه حتى تصل إلى نحو 27 ألف ريال يمني أي ما يعادل نحو 50 دولار أمريكي بسعر صنعاء، ونحن غير قادرين على شرائها بفعل تدهور وضعنا المعيشي، أنا مثل غيري من المواطنين بالكاد أتمكن من شراء الاحتياجات الضرورية”.
“نأمل أن يتكاتف الجميع من أصحاب الأموال والمغتربين للمساهمة في توفير الأموال، ونحن سوف نساهم في العمل، الخزان مصلحة عامة لكافة سكان القرية، خيرة يصل إلى كافة أهل القرية وليس حكرا لأحد”، يقول قاسم.
من جانبه قال عضو المجلس المحلي عبد الغني الوجيه:” تمكن أهمية بناء الخزان بأنه المصدر الأول والأساسي لجمع الماء من العين المتواجدة بالقرب من العين (نبع الماء) الوحيدة التي تظل طول العام وتزداد غزارتها في فصل الصيف”.
وأضاف في حديث لـ”منصة ريف اليمن”:” الخزان يساهم في تخفيف معاناة الكثير من الأسر ويساهم في توفير المياه لهم خصوصاً في ظل الظروف المعيشية القاسية التي يمر بها المواطن”.
ودعا عضو المجلس المحلي وأحد واجهات القرية، المنظمات المهتمة بالمشاريع الإنسانية إلى مساعدة القرية في إنجاز هذا المشروع المهم، ودعا المغتربين اليمنيين سوى من ابناء القرية وغيرهم والميسورين إلى التعاون في توفير الأموال لبناء الخزان.