بينما الرجال يُحاربون.. نساء الريف صمام أمان لتأمين الغذاء

بينما الرجال يُحاربون.. نساء الريف صمام أمان لتأمين الغذاء

تقول “فاطمة قاسم” (52 عاما) إن العمل في الأراضي الزراعية، وتربية الأغنام، والا هو مصدر دخلها الوحيد الذي تعتمد عليه في تأمين الغذاء لأفراد عائلتها على غرار مئات النساء اللواتي يعملن في الزراعة في معظم ريف اليمن.

وتعتمد غالبية المجتمعات في المناطق الريفية بمحافظة إب على الزراعة بدرجة أساسية في توفير الغذاء والاكتفاء الذاتي من الحبوب المتنوعة، لعام كامل على الأكثر، حتى يعود موسم الزراعة السنوي مع هطول الامطار في فصل الصيف.

وخلال سنوات الحرب في اليمن تحملت المرأة اليمنية أعباء مضاعفة وعلى وجه الخصوص في الريف، حيث تحملت غالبية النساء تحمل تكاليف أعباء الحياة اليومية في تأمين الغذاء، خصوصا أولئك اللاتي فقدن أزواجهن أو أبنائهن في جبهات القتال المختلفة، أو من هم مازالوا في الجبهات يقاتلون تاركين النساء تتحمل أعباء المعيشية.

نساء اليمن والزرعة

تقول “فاطمة قاسم” بأن زوجها كان يعمل في البناء، بمدينة “تعز” اليمنية لكنة توقف عن العمل منذ اندلاع الحرب في اليمن، بسبب انعدام فرص العمل، بالإضافة إلى عجزه أيضا عن ممارسة مهنة البناء بسبب تقدمه في العمر، وتعرضه للعديد من الأمراض خلال السنوات الماضية.

وعلى الرغم من أن ممارسة الأعمال الزراعية تعد من الأعمال الشاقة بالنسبة للنساء إلا أن السيدة “فاطمة” تمكنت خلال الأعوام السابقة من العمل في الأراضي الزراعية وتحملت العبء الأكبر في الاهتمام بالأرض ابتدأ من بداية زراعة الثمار وحتى موسم الحصاد.

ومع بداية الموسم الزراعي الجديد لم تستطع السيدة “فاطمة” توفير تكاليف زراعة الثمار والتي تصل إلى نحو 20 ألف ريال يمني أي ما يعادل نحو 30 دولار أمريكي، لكنها تعمل على توفير الحلول في توفير المبلغ، كي لا تتأخر عن بدء موعد حرث الأرض ووضع البذور.

تروي “فاطمة” قصتها في الوقوف أمام تحديات المعيشية التي فرضتها الحرب خلال السنوات الماضية، من خلال العمل في الزراعة، حيث تعتني بالزرع في أرضها الصغيرة، وأيضاَ الأغنام التي توفر لها دخل مادي من خلال بيع بعض منها، بالإضافة إلى البقرة التي توفر الحليب ومشتقاته، كغذاء للأسرة.

بينما الرجال يُحاربون.. نساء الريف صمام أمان لتأمين الغذاءكيف تمارس الزراعة؟

تقول “فاطمة” بأنها تبدأ بإعداد الأرض للزراعة قبل بدء موسم الأمطار من خلال اعداد الأرض وتهيئتها للزراعة حتى تضع البذور، وتقضي معظم وقتها خلال فصل الصيف وهو موسم الزرعة في ريف محافظة إب في الحقل للاعتناء بالمزروعات من الحبوب، والقيام بكافة الأعمال الزراعية والتي تمر بمراحل متعددة جميعها يتطلب من المزارعين بذل جهود كبيرة خلال تلك الفترة.

وتضيف “فاطمة” بأنها تسابق شروق الشمس عند كل صباح للوصول إلى الأرض الزراعية للعمل في المزرعة قبل أن تعود إلى منزلها لتناول وجبة الإفطار والذهاب إلى راعي الأغنام وبقرتها الوحيدة، تحت أشعة الشمس الحارقة إلى ساعة متأخرة من الظهيرة.

لا ينتهي الأمر عند ذلك فحسب فهي بعد عودتها إلى المنزل تستعد بعد صلاة العصر للذهاب الى العمل في الأرض بمزرعة أخرى، بسبب أن أراضيها متباعدة عن بعضها، وتساعدها بناتها في إعداد الطعام في المنزل وجلب حصتهم من الماء يومياً.

تقول “فاطمة” بأنها في صيف 2019 حققت الاكتفاء الذاتي من الحبوب المتنوعة بين الذرة البيضاء، والذرة الشامية والبقوليات مثل، الفاصوليا، والفول، والعدس، ومع انقطاع زوجها عن العمل فهي تعتمد بشكل كلي في توفير الغذاء لأفراد عائلتها على تلك الحبوب المختلفة التي حصلت عليها من أرضها الزراعية.

العمل بدلا من المحاربين

ومع انخراط المئات من الشباب والرجال في المناطق الريفية في الحرب والذهاب إلى جبهات القتال خلال السنوات الماضية تكافح العديد من النساء في الريف في العمل على إصلاح الأراضي الزراعية، والاهتمام بها، وأصبحت معظم المناطق الريفية، تعتمد بشكل كبير على النساء في العمل الزراعي.

تماماً مثل “فاطمة” تعمل السيدة “سعيدة مصلح” في الزراعة، وتربية الأغنام، في قريتها الواقعة هي أيضا بريف السياني بمحافظة، وقالت: “تحملت خلال السنوات الماضية عبء توفير متطلبات الحياة لأفراد عائلتها بعد وفاة زوجها في عام 2017″، وتفاقمت معاناتها بشكل أكبر مع التحاق الابن الأكبر لها في صفوف جيش الحكومة المعترف بها.

وأضافت “كان الأب يتحمل كل مصاريف المنزل من خلال عمله الحر، ونتعاون في الزراعة أيضا حيث كان يتحمل كل العمل الشاق بالأرض، وأن أعتني بالأغنام والبقرة، لكن الان أتحمل كل شيء، إبني الأكبر جندي في الجيش لكنه لا يستلم راتبه الا كل أربعة أشهر”.

وتكافح “سعيدة” في تربية الأغنام، والزراعة لتأمين الغذاء لأسرتها، مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات الأساسية والتي بدورها انعكست سلبا على حياة المواطنين، وفاقمت من معاناتهم، بالإضافة إلى الأزمات المستمرة في المشتقات النفطية، والغاز المنزلي، خلال السنوات الماضية.

وبالإضافة إلى العمل في الزراعة وتربية الأغنام والمواشي تعمل العديد من النساء في المناطق الريفية بمحافظة إب في الاحتطاب، وجلب المياه من أماكن ومسافات بعيدة وذلك في إطار مساهمة المرأة الريفية في تأمين الغذاء والوقوف إلى جانب أزواجهن خلال سنوات الحرب في اليمن.

ومع دخول الحرب في اليمن عامها السابع تتضاعف معاناة المواطنين وعلى وجه الخصوص في المناطق الريفية، ووفقاً للأمم المتحدة فإن نحو 50 ألف شخص يعيشون حالياً في ظروف تشبه المجاعة، فيما يبعد 5 ملايين شخص خطوة واحدة عن هذا الوضع.

وبحسب الأمم المتحدة، سيواجه أكثر من 16 مليون شخص من بين 29 مليونا الجوع في اليمن هذا العام، كما تحذّر وكالات تابعة للأمم المتحدة من أن 400 ألف طفل تحت سن الخامسة يواجهون خطر الموت جرّاء سوء التغذية الحاد في 2021، في زيادة بنسبة 22 بالمئة عن العام 2020.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :