الحديدة.. زراعة الكمون تجربة ناجحة تعزز الزراعة المحلية

التجربة تٌمثل نموذجًا ناجحًا لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن

الحديدة.. زراعة الكمون تجربة ناجحة تعزز الزراعة المحلية

التجربة تٌمثل نموذجًا ناجحًا لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن

في تجربة رائدة تعزز الزراعة المحلية، وتعكس الابتكار في استغلال الموارد الزراعية المتاحة؛ تمكن المزارع “أحمد محمد برقي” من تحقيق إنجاز مميز بزراعة الكمون لأول مرة في منطقة القناوص بمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، خلال موسم الشتاء من أكتوبر 2024 الماضي، حيث تمت زراعته على مساحة معادين اثنين، (وحدات قياس المساحة المستخدمة غرب اليمن، حيث يعادل المعاد الواحد مائة لبنة صنعاني).

والكمون هو أحد النباتات العشبية الغنية بالمواد الغذائية، وتتعدد استعمالاته؛ إذ شاع استخدامه منذ قديم الأزل كأحد التوابل التي تمنح الطعام نكهة مميزة، ومصدر للزيوت العطرية، وعلاج العديد من المشاكل الصحية، ويتم زراعته خلال شهري أكتوبر ونوفمبر.


     مواضيع مقترحة


يتحدث برقي عن تجربته في زراعة الكمون قائلاً: “بدأت بحراثة الأرض مرتين في أكتوبر الماضي مع إضافة السماد البلدي لتهيئة التربة بشكل مثالي”، لافتا إلى أن “نجاح زراعة الكمون يتطلب عناية فائقة، بدءًا من تجهيز أنظمة الري (الليات) واستخدام بذور عالية الجودة لضمان نمو صحي للنباتات”.

ويضيف في حديثه لمنصة ريف اليمن أن عملية الري بدأت في اليوم الثاني بعد الزراعة، وتكررت كل أربعة أيام في البداية، لتزداد تدريجيًا إلى خمسة أو سبعة أيام مع نمو النبات، مؤكدا على أهمية التسميد الدوري والرش الوقائي، لما له من دور في تعزيز النمو ومكافحة الآفات مثل الحشرات والديدان، إلى جانب السيطرة على الرطوبة.

 انموذجًا بين المزارعين

ويلفت برقي إلى أن مرحلة الحصاد تتطلب إيقاف الري قبل 15 يومًا من موعد الحصاد لتجفيف المحصول، وبعد ذلك تُجفف الحبوب لمدة ثلاثة أيام على كل جهة، ثم تُفرش وتُضرب بالعصا لغربلتها وتنقيتها، منوها بأن الدورة الزراعية بأكملها تستغرق حوالي أربعة أشهر، وبعدها يتم تخزين الحبوب تمهيدًا لبيعها للتجار.

وأشار برقي إلى أن هذه التجربة لم تنتج محاصيل عالية الجودة فحسب، بل جعلته نموذجًا يُحتذى به بين المزارعين في منطقته، وشدد على أن النجاح يعتمد على الجهد المستمر، والانتباه للتفاصيل في كل مرحلة من مراحل الزراعة.

زراعة الكمون في الحديدة: تجربة ناجحة تعزز الزراعة المحلية
نجاح زراعة الكمون يتطلب عناية فائقة واستخدام بذور عالية الجودة لضمان نمو صحي للنباتات

ومحافظة الحديدة، أو ما يُعرف بـ “وادي تهامة”، تعتبر “سلة غذاء اليمن”؛ حيث تنتج غالبية المحاصيل من الخضار والفواكه والحبوب والبقوليات، لكنها تعيش وضعاً إنسانياً سيئاً جراء الحرب، وتتوسع فيها المجاعة والفقر، رغم الجُهد الكبير الذي يبذله المواطنون في الزراعة.


تهامة بفضل مقوماتها الزراعية والمناخية المتنوعة، تشكل منطقة واعدة لتحقيق نهضة زراعية شاملة، ومشروع زراعة الكمون  سيساهم في خدمة الوطن بشكل عام


ويرى المهندس والخبير الزراعي “صديق جبريل” أن تهامة، بفضل مقوماتها الزراعية والمناخية المتنوعة، تشكل منطقة واعدة لتحقيق نهضة زراعية شاملة، مؤكدًا أن مشروع زراعة الكمون وغيره من المحاصيل سيساهم في خدمة الوطن بشكل عام، وتهامة على وجه الخصوص.

وقال جبريل لمنصة ريف اليمن إن مشروع زراعة الكمون في تهامة يمثل نموذجًا ناجحًا لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، مؤكداً أن زراعة الكمون بطريقة الشتل في الوقت المناسب أدت إلى نتائج إيجابية، مقارنة بالزراعة المباشرة التي لم تحقق النجاح المطلوب.

تقليل فاتورة الاستيراد

وأضاف جبريل أن المشروع اعتمد على إنشاء مشاتل جاهزة للنقل، مع توفير إرشادات زراعية للمزارعين لضمان أفضل النتائج، مشيدا بدور المزارع أحمد برقي في نجاح زراعة الكمون كونه من المحاصيل النادرة في تهامة، مما يشير إلى إمكانية تحويله إلى مشروع زراعي استثماري يساهم في تقليل فاتورة الاستيراد، وتوفير العملات الصعبة للدولة.

وتابع جبريل قائلًا: “اتباع الإرشادات الزراعية الدقيقة رفع من جودة المحصول؛ مما يُعد إنجازًا تاريخيًا يعكس الإمكانيات الكبيرة لتهامة، التي تُعرف بكونها سلة اليمن الغذائية”.

ورغم التحديات التي واجهها المشروع، أبرزها غياب الدعم الكافي من الجهات المعنية، إلا أن النجاح الذي تحقق بجهود ذاتية يؤكد أن الاستثمار في الزراعة يمكن أن يكون أحد الحلول لتعزيز الأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.

زراعة الكمون في الحديدة: تجربة ناجحة تعزز الزراعة المحلية
الكمون لا يحتاج إلى ري متكرر حيث يكفيه ري واحد في البداية، وتستمر فترة نموه من 90 إلى 120 يومًا

من جانبه، أوضح الخبير الزراعي “عبد القادر السميطي” أن زراعة الكمون تتم خلال شهري أكتوبر وأوائل نوفمبر، مشيرًا إلى أن التبكير في الزراعة يؤدي إلى زيادة الإنتاج.


رغم التحديات التي واجهها المشروع إلا أن النجاح الذي تحقق بجهود ذاتية يؤكد أن الاستثمار في الزراعة يمكن أن يكون أحد الحلول لتعزيز الأمن الغذائي


وأكد السميطي خلال حديثه لمنصة ريف اليمن، أن الكمون حساس جدًا للرطوبة الزائدة، مما قد يؤدي إلى ذبول النباتات وموتها، مشددًا على ضرورة الري بعد الزراعة مباشرة.

وأضاف أن الكمون لا يحتاج إلى ري متكرر، حيث يكفيه ري واحد في البداية، وتستمر فترة نموه من 90 إلى 120 يومًا، بارتفاع يتراوح بين 40 إلى 50 سم، موضحا أن المحصول يمكن أن ينتج ما بين 700 إلى 800 كيلو جرام من الكمون في الفدان أو المعاد الواحد، مما يجعله محصولًا مربحًا للمزارعين.

وأشار السميطي إلى أن المناطق الشمالية ومحافظة الجوف تُعتبر من أفضل المناطق لزراعة الكمون في اليمن، منوهًا بضرورة إجراء مزيد من الأبحاث لتطوير زراعة هذا المحصول المطلوب والمربح في البلاد.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: