المهرية.. لغة ممتدّة الجذور يهدّدها الانقراض

المهرية.. لغة ممتدّة الجذور يهدّدها الانقراض

المهرية لغة محكيّة وغير مكتوبة، فيها جميع أصوات العربية، إضافةً إلى ثلاثة أصوات غير موجودة في لغة أخرى، وتُعدّ المهرية واحدة من أقدم اللغات السامية الجنوبية الحديثة.

ذكرت دراسة أُجريت في جامعة “ساينس” الماليزية أنه توجد ندرة كبيرة في المعلومات عن اللغات القديمة في الجنوب العربي، وقد اكتُشفت عدد من اللغات، ومنها المهرية، من النقوش الموجودة في مناطق مختلفة في شبه الجزيرة العربية.

عمر اللغة المهرية

وتكشف بعض الدراسات أن عمر اللغة المهرية يتجاوز 3000 سنة، وترى دراسة أخرى أن عمرها تجاوز 5000 سنة، منطلقة من مبادئ علم الإنسان الأنثروبولوجيا، ويرجع باحثون تاريخ المهرية إلى ما قبل ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي.

وفي عام ألف بعد الميلاد كتب الرحالة العربي شمس الدين المقدسي يقول إنه علي حدود حمير (ما يعرف الآن باليمن) توجد قبيلة عربية تتحدث بلسان لا يفهمه أحد، وتعكس الروايات التي ترويها أجيال من المهرة لأبنائهم قدم اللغة وعمق جذورها التاريخية.

ينتمي المتحدثون باللغة المهرية نسبا -بحسب الروايات التاريخية- إلى مهرة بن حيدان بن عمرو بن لحاف بن قضاعة، وبعض قبائل الإقليم الجنوبي (محافظة ظفار) المنحدرة من أصول مهرية، كما تتحدّث بها بعض قبائل السعودية في الربع الخالي والمنطقة الشرقية المنحدرة من الأصل نفسه، وتتحدث بها أيضاً قبائل المهرة في الإمارات.

لا تزال المهرية تستخدم لغةً عامية يتحدث بها عشرات الآلاف من المتحدثين في المهرة باليمن وظفار بعمان وفي جزيرة سقطرى، بحسب الدراسة.

التقارب مع العربية

تتقارب المهرية المعاصرة مع العربية الفصحى تقارباً كبيراً، فمعظم الأفعال فيها متوافق مع الفصحى لفظاً ودلالة، ومعظم الأسماء فيها متوافق أيضاً، مثل ألفاظ الأسرة، وأعضاء الجسم، والألوان، وألفاظ العدد، وغير ذلك كثير.

كما تتطابق المهرية مع العربية الفصحى في الصيغ الفعلية، وتقسيمات الفعل (ماضٍ، ومضارع، وأمر)، وأبنية المجهول والتعدية والاستعمال، والظواهر اللغوية اللهجية والإمالة والتخفيف ومد الحركات، والأنظمة اللغوية في تقسيمات الضمائر (متكلم، ومخاطب، وغائب)، والنسبة والعدد، كما تحتفظ المهرية المعاصرة اليوم بعناصر لغويةٍ عربيةٍ جنوبية عدة.

العدد الإجمالي للمتحدثين باللغة المهرية غير معروف، وتختلف التقديرات قليلا، ومن المحتمل أن يكون العدد على الأقل 130 ألفا، ويعيش أكثر من نصف هذه المجموعة في اليمن، بحسب “بريل”، بينما تقول اليونسكو إن العدد يصل إلي ٩٩٩ ألف شخص.

خطر الانقراض

المهرية هي إحدى اللغات المهددة بالانقراض؛ إذ توجد خمس لغات أخري تصارع من أجل البقاء -كلهن من أسرة اللغات السامية الجنوبية الحديثة.

ونظرا لهيمنة اللغة العربية في المنطقة على مدار الـ 1400 عام الماضية، تتعرّض المهرية حاليا لخطر الانقراض، حسبما تصنفها اليونسكو، على الرغم من غناها الثقافي والأدبي.

تعرضت المهرية لمصير كثير من اللغات القديمة التي تراجعت بسبب الحداثة والتحضر الاجتماعي، وفقا لما ذكرته دراسة أجرتها رئيسة قسم اللغة في جامعة ليدز، جانيت واتسون، والباحث العماني، عبد الله المهري.

تقول جانيت واطسون, أستاذة اللغات بجامعة ليدز البريطانية, في دراسة لها بهذا الشأن، إن قبائل المهرة هم تقليديا بدو رحل ورعاة للإبل والماعز، وقد ضعفت لغتهم مع التغييرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة والتوسع في استخدام اللغة العربية، لا سيما منذ سبعينيات القرن الماضي.

يوم اللغة المهرية

منذ العام 2013 اعتُمد الثاني من أكتوبر/ تشرين ثاني، يوماً سنوياً للغة المهرية أطلق عليه “يوم اللغة المهرية” كلغة محلية مهمة جداً في اليمن لكنها تشكل هوية سكان محافظة المهرة التي تقع شرقي البلاد، ويخشى الباحثون عليها من الاندثار.

وهذا الاحتفاء هو محاولة للحفاظ عليها من الاندثار، والتي تعد واحدة من أقدم اللغات السامية الجنوبية الحديثة وتسليط الضوء على أهميتها التاريخية والإنسانية.

المصدر: ريف اليمن + مواقع الكترونية

الكاتب

مواضيع مقترحة: