تعتبر مدينة شبام حضرموت واحدة من أبرز المدن التاريخية، فهي تشتهر بناطحات السحاب المبنية بالطين، إذ أطلق عليها مصطلح “مانهاتن الصحراء”، وضمتها منظمة اليونسكو إلى قائمة التراث العالمي عام 1982.
وشيد اليمنيون القدماء أول ناطحات سحاب في العالم بمدينة شبام بمحافظة حضرموت شرقي اليمن، إذ تبدوا المباني الطينة أكثر جمالاً من المباني الحديثة في عموم البلاد
لا تزال مباني مدينة شبام التاريخية تقف بشموخ حتى وقتنا الحاضر برغم العواصف التي تحيط بها، مجسدة بذلك أهم الشواهد الحية على إبداع وقدرة الإنسان اليمني في الهندسة والعمارة.
الموقع والسكان
تقع مدينة شبام بمحافظة حضرموت شرقي اليمن وتبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء نحو 990 كيلو متر وعن مدينة المكلا عاصمة حضرموت نحو 350 كيلو متر وتبعد عن سيئون 21 كيلو متر وتقع بين مدينة سيئون ومدينة القطن.
ويبلغ عدد سكانها نحو 16094 نسمة حسب التعداد السكاني لعام 2004.
مواضيع ذات صلة
صعدة.. الأرض الخصبة والتأريخ العريق
محمية بُرع الطبيعية
محافظة إب.. جنة اليمن الخضراء وسحر الطبيعة المتجددة
الإقتصاد
تشتهر مدينة شبام بنشاطها التجاري فهي من أكثر المدن نشاطاً بمحافظة حضرموت وتمثل سوق تجاري كبير لمنتجات المنطقة، لذلك يقصدها اليمنيون من جميع أنحاء اليمن، إذ كانت القوافل تعمل بنقل العديد من من المنتجات المختلفة والمتباينة، مثل: الذرة الشامية، والقمح، والشعير، والسمن، والسليط، والقطن، والبطانيات، والقماش، وغيرها.
وعلى مدى سنوات طويلة لعبت مدينة شبام دوراً رئيسًا في الحياة الاقتصادية والتجارية في اليمن بفعل موقعها البري البحري، حيث كانت القوافل التجارية تقدم إليها لبيع منتجاتها، بالإضافة إلى خروج القوافل التجارية بحراً عبر ميناء الشحر باتجاه العراق والشام والحجاز، والصين والهند.
التأريخ
يعود تاريخ مدينة شبام حضرموت إلى أكثر من 600 سنة، فهي إلى جانب مدينة صنعاء القديمة من أقدم نماذج العمارة في اليمن إذ تحتوي على نحو 500 ناطحة سحاب يتراوح ارتفاعها بين 23 إلى 24 متر تم تشييدها من الطين وجذوع النخيل.
وبحسب المؤرخين فإن مدينة شبام كانت أكبر من حجما من من المدينة الحالية إذ كانت تمتد إلى المرتفعات الجبلية المطلة عليها، إلا أنها تعرضت للدمار في القرن الثاني عشر ميلادي والخامس عشر عندما تعرضت لسيول غزيرة أدت لحدوث فيضانات عالية اجتاحت المدينة وتسببت بتدمير أجزاء كبيرة من ناطحات السحاب.
المعالم السياحية
تزخر مدينة شبام بوجود العديد من المعالم السياحية، فهي من أقدم نموذج للبناء المدني المنظم ذلك ما جعلها تحظى بالاهتمام المحلي والعالمي للدخول ضمن التراث الإنساني العالمي “اليونسكو” عام 1982.
ومن أهم المعالم السياحية مسجد “يوم الجمعة” الذي يعود تاريخ بناؤه لعام 904 وهو من أقدم المعالم السياحية إذ يشهد اهتمامًا وإقبالاً واسعًا من قبل السياح المسلمين وغير المسلمين سواء، لما يضمه من جدران مزخرفة صنعت منه لوحة فنية ،و قديمًا كان المسجد مقرًا لكثير من العلماء الدين وطلاب العلم.
قلعة شبام إذ تعتبر القلاع والحصون من أهم المعالم السياحية في مدينة شبام، وكانت تستخدم قديمًا لأغراض الحماية، وأهم هذه القلاع قلعة “شبام”، وهذا لا يعني أن السياحة في شبام كانت تقتصر على هذه القلاع والحصون فحسب، حيث كان هناك مجموعة من القصور الملكية التي لا تقل أهمية سياحية عن هذه القلاع والحصون التي حظيت بها مدينة شبام.
ناطحات السحاب وهي المباني المرتفعة التي تميزت بها شبام، حتى أطلق عليها ناطحات السحاب من أهم المعالم السياحية بها، والجدير بالذكر أن ناطحات السحاب هذه بنيت في زمن يفصل بينه وبين الثورة الصناعية مئات السنين، بمعنى أنها بنيت بالمواد البسيطة المتوافرة آنذاك مثل: الطين والتبن وجذوع النخل، لذلك ليس من المبالغة القول أن هذه المباني كانت من أهم الأسباب التي ساهمت في زيادة معدلات الإقبال السياحي في شبام.
سر البناء
ثمة أسرار كثيرة في البناء إذ تكشف دراسات حديثة عن قدرة منازل مدينة شبام على البقاء سليمة لمئات السنين، فقد حُفر لها أساس عريض يصل عمقه إلى متر أو مترين، تبُسط عليه طبقة من روث الماشية تُرش فوقها طبقة من الملح، ليلي ذلك رص أعواد من الشجر توضع من فوقها طبقة من الرماد.
وفي الأساس يتم وضع قطع غير مصقولة من كسارة الحجر، وبعدها تبدأ عملية البناء بالحجر أو الطوب “الني” لرفع الأساس فوق سطح الأرض بارتفاع متر بغرض تدعيمه، وحماية الجدران الخارجية للدور الأرضي من التآكل والتساقط، ويستخدم الرماد أو الطين لربط الحجارة ببعضها البعض.
ويُلبس الجزء الأعلى من الجدار بطبقتين من الطين المخلوط بالتبن والرمل، وتأتي بعد ذلك عملية التجصيص بالنورة “مادة جيرية” أو الرماد، أما السقوف فهي تُرفع من أعواد الخشب التي ترص بانتظام ثم تغطى بحصيره من سعف النخيل توضع فيها طبقة من الطين.
لمحة عن الوضع الحالي
تواجه مدينة شبام التاريخية مخاطر كثيرة أبرزها الفيضانات والسيول وما تسببه من أضرار على المباني الطينة إذ أصبحت من ضمن المدن التاريخية المهددة بالخطر وفق تصنيفها من قبل منظمة اليونسكو عام 2015.
وخلال السنوات الماضية برزت مظاهر الانهيار في بعض أجزاء مدينة شبام، وتعرض جزء من سورها الذي يبلغ طوله أكثر من 550 مترا للتدمير بعد أن كان يحيط بها من جميع الاتجاهات كما تعرض أكثر من 150 مبنى في المدينة للتدمير والانهيار الكلي أو الجزئي.