الأحد, ديسمبر 7, 2025
.
منصة صحافية متخصصة بالريف في اليمن

نفايات الطاقة الشمسية تهدد البيئة والمجتمعات الريفية

رغم مساهمة الانتشار الواسع لأنظمة الطاقة الشمسية في اليمن في تخفيف أزمة الكهرباء، يفاقم أزمة النفايات ويشكل تهديدا بيئيا مباشرا على المجتمعات الريفية والحضرية على حد سواء، وفق المعهد الدنماركي للدراسات الدولية (DIIS).

وأشار المعهد في تقريره بعنوان “العنف البطيء للنفايات في اليمن..معالجة العواقب طويلة الأمد للتحول نحو الطاقة الشمسية”، أشار إلى أن الطاقة الشمسية أصبحت أحد المصادر الرئيسية للكهرباء في اليمن، حيث أفاد 73% من المشاركين في استطلاع رأي شمل ألف شخص بأن منازلهم بدأت باستخدام هذه الأنظمة بعد عام 2015، مما يعكس تحولا واسع النطاق نحو حلول الطاقة المتجددة في كل من المناطق اليمنية.


     مواضيع مقترحة

وأكد التقرير أن الجهات المانحة والوكالات الدولية عززت الطاقة المتجددة كحل فعال ومستدام لأزمة الطاقة، خاصة في المجتمعات النائية والمحرومة، لما توفره من تكاليف تشغيلية منخفضة وتأثير بيئي محدود، مع إمكانية تمكين السكان المحليين ودعم جهود التعافي والتنمية طويلة الأمد.

لكن التوسع السريع في تركيبات الطاقة الشمسية يعود بشكل رئيسي إلى التمويل المجزأ القائم على المشاريع، ومحدودية التنسيق مع السلطات المحلية، ما يرفع من احتمالات تراكم النفايات الناتجة عن هذه الأنظمة ويجعل دمج أفضل الممارسات في دورة المشروع أمرًا ضروريا لتجنب التلوث البيئي.

التخلص غير المنظم

وأشار المعهد إلى أن النزاع المستمر أعاق جمع بيانات دقيقة حول إدارة النفايات في اليمن، لكن تقييما أُجري عام 2014 كشف أن نحو 70% من النفايات تلقى في العراء، و26% تذهب إلى مكبات النفايات، فيما لم يتم إعادة تدوير سوى أقل من 7%.

منذ ذلك الحين، أدى النزاع إلى تدمير البنية التحتية وتوقف دفع الرواتب وغياب المعدات اللازمة مثل شاحنات القمامة، حيث تم تقييم 45% من المركبات في يوليو 2015 على أنها غير قابلة للوصول أو مكسورة أو مسروقة. كما تضاعف عدد مكبات النفايات منذ 2014، مع تفاوت كبير بين المحافظات، وسجلت حضرموت أعلى كمية من النفايات الصلبة.



وحذر المعهد من أن التلوث والنفايات يمكن أن يصبحا محركين للصراع المحلي ويقوضا التماسك الاجتماعي، خاصة مع ضعف قطاع إعادة التدوير وغياب أي إطار قانوني للتعامل مع البطاريات.

وأشار إلى أن العديد من مكبات النفايات غير محددة ومحمية، مما يسمح بتسرب العصارة – السائل الملوث الناتج عن تحلل النفايات – إلى التربة والمياه الجوفية، في وقت يعاني اليمن بالفعل من ندرة حادة في المياه وانخفاض مستويات المياه الجوفية بمعدل 3-8 أمتار سنويًا، وتقليص الأراضي الزراعية بنسبة 3-5% سنويا.

وعند التخلص من الألواح الشمسية والبطاريات المهملة، يمكن لمياه الأمطار أن تجرف المعادن السامة إلى مصادر المياه والنفط المحيطة، ما يزيد من تآكل سبل العيش الريفية ويعرض المجتمعات لمخاطر التلوث الغذائي والمائي، بحسب المعهد.

الفقراء كحماة للبيئة

وكشف التقرير أن أكثر من نصف المشاركين يأخذون الألواح الشمسية المعطلة إلى ورش البطاريات أو الصيانة، بسبب ارتفاع أسعار البطاريات والألواح، حيث وصف أكثر من 75% منها بأنها مرتفعة جدا أو مرتفعة نسبيا، ويعد الاستخدام الأكثر شيوعا للطاقة الشمسية الإضاءة بنسبة 73.9%، يليه شحن الهواتف بنسبة 50.6%.

وأوضح المعهد أن التكلفة الأولية المرتفعة للمعدات تدفع الأسر لاستخدام أنظمة أقل جودة وأكثر عرضة للفشل بعد فترة قصيرة، ما يسرع من تدفق نفايات الطاقة الشمسية. كما يفتقد السوق لأي معايير أو شهادات جودة للمنتجات المستوردة، ويعتمد التعامل مع النفايات على القيمة الاقتصادية للمواد وليس على الاعتبارات البيئية.

وبمجرد توقف الأنظمة عن العمل، تبيع الأسر هذه المعدات أو تهديها لجامعي الخردة (19.2%)، أو لمحلات الخردة (28.4%)، أو لتجار صغار يعيدون بيعها أو تفكيكها لاستعادة مكوناتها. وتعتمد المناطق الريفية بشكل أكبر على مشتري الخردة المتنقلين، مما يزيد من احتمال التخلص غير الآمن من المعدات.


نحو 70% من النفايات تلقى في العراء، و26% تذهب إلى مكبات النفايات، فيما لم يتم إعادة تدوير سوى أقل من 7%.


وأفاد 22% من المشاركين أن الألواح الشمسية ترمى مع النفايات المنزلية أو تترك على الأسطح والساحات عند تلفها، رغم إمكانية إعادة تدوير الأجزاء القابلة للبيع.

وأشار المعهد إلى أن جامعي النفايات غالبا من الفئات المهمشة ويعملون دون معدات سلامة، معرضين لمخاطر صحية، وغالبًا لا يستفيدون من برامج إدارة النفايات المدعومة من الجهات المانحة التي تعطي الأولوية للنازحين داخليًا.

كما أن التصدير يمثل المحرك الأساسي لاستعادة المواد القابلة لإعادة التدوير، لكن النزاع أثر على قدرة القطاع الخاص بسبب محدودية الكهرباء وقيود التصدير، مما جعل التعامل مع النفايات يعتمد على القيمة الاقتصادية لا على البيئة.

جعل النفايات الشمسية مهمة

رغم بعض الدعم من المجتمع الدولي قبل النزاع، لم تعد إدارة النفايات قضية مركزية في العمل الإنساني، لكن المخاوف البيئية معترف بها على نطاق واسع بين اليمنيين، خاصة في المناطق الريفية، حيث يعانون من آثار تغير المناخ والتلوث مباشرة مثل الفيضانات المفاجئة، وتراجع الأمطار الموسمية، والجفاف، وتآكل التربة، واستنزاف المياه الجوفية.

وأكد التقرير أن الانتشار الواسع للطاقة الشمسية مدفوع بأزمة الطاقة وليس بالوعي البيئي، وأن الأسر الفقيرة تعطي الأولوية للشواغل المعيشية العاجلة. ومع ذلك، يمكن أن يصبح التلوث والنفايات دافعين للصراع المحلي ويقوضا التماسك الاجتماعي.

في استطلاع حديث، وصف أكثر من نصف المشاركين مواجهتهم أو سماعهم عن صراعات أو توترات في منطقتهم بسبب عوامل بيئية، وكان التلوث السبب الرئيسي للصراع، يليه ندرة المياه. وبينما تُمثّل نفايات الطاقة الشمسية جزءًا صغيرًا فقط من مشكلة أكبر، إلا أنها تتقاطع مع نزاعات بيئية ونزاعات أوسع نطاقًا حول استخدام الأراضي.

شارك الموضوع عبر: