حذر تقرير حديث من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الناجمة عن أزمة التغيرات المناخية المتطرفة، تهدد أفقر سكان العالم من بينها اليمن، لافتا إلى تزايد صدمات ارتفاع أسعار المواد الغذائية، في الوقت التي تصنف تقارير دولية اليمن ضمن أربع دول تواجه أسوأ أزمات الغذاء، وسط توقعات أن يدخل مناطق يمنية مرحلة الكارثة.
وارتفعت تكلفة السلة الغذائية الأساسية في اليمن بنسبة 28% مقارنة بالعام الماضي، في حين يعاني النشاط الاقتصادي من ضعف القدرة الشرائية، في الوقت الذي تعاني خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2025 من نقص التمويل؛ إذ لم يتم تأمين سوى 8% مما يهدد بتفاقم الوضع الغذائي والإنساني في البلاد.
ووفق تقرير صحيفة الغارديان «TheGuardian» فإنه “من شأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أن يؤدي إلى المزيد من سوء التغذية، بالإضافة إلى فقدان الأمن الغذائي، ما قد يسبب كثيراً من الاضطرابات الاجتماعية، في الوقت الذي يعاني الفقراء حول العالم من نقص المواد الغذائية الأساسية”، وسيكون الوضع أسوأ في اليمن التي تعاني من أزمة إنسانية منسية، وليست من أولويات العالم.
وسجلت أسعار السلع الغذائية الأساسية في الأسواق العالمية قفزة ملحوظة خلال شهر يوليو/تموز، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عامين، وفق ما أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) والتي أشارت “أن ارتفاع أسعار الزيوت النباتية واللحوم قد فاق الأثر التراجعي لانخفاض أسعار الحبوب ومنتجات الألبان والسكر”.
مواضيع ذات صلة
-
الحرب والجفاف يهددان إمدادات الغذاء العالمية
-
كيف تهدد جزيئات البلاستيك الصغيرة الأمن الغذائي؟
-
اليمن تواجه موجة جفاف تفاقم تحديات الأمن الغذائي
اليمن وتصنيف الأمن الغذائي
وتعد اليمن من بين أكثر دول العالم معاناةً من انعدام الأمن الغذائي، وتشير أحدث توقعات تصنيف الأمن الغذائي (IPC) إلى أن 18.1 مليون يمني سيواجهون مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة الثالثة وما فوق) بحلول سبتمبر 2025.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد المديريات المصنفة ضمن المرحلة الرابعة (الطوارئ) إلى 165 مديرية، إضافة إلى ثلاث مديريات أخرى مرشحة للتصنيف ذاته. كما ستظهر حالات من المرحلة الخامسة (مرحلة الكارثة وظروف تشبه المجاعة) في أربع مديريات على الأقل خلال ذات الفترة.
في يونيو/ حزيران الماضي، سجلت بيانات برنامج الأغذية العالمي ارتفاعًا قياسيًا في نسبة السكان الذين لا يحصلون على الحد الأدنى من الغذاء، حيث بلغت النسبة 67%، مع نسب أعلى في محافظات لحج، عمران، الجوف، أبين والضالع.
وتشير بيانات برنامج الغذاء العالمي، إلى أن قدرة الأسر اليمنية على الصمود باتت شبه منهارة، إذ إن 4 من كل 5 أسر باتت دون أي مدخرات لمواجهة الأزمات، في حين لجأ 44% من السكان إلى استراتيجيات تأقلم غذائية شديدة. وكانت هذه النسبة أعلى بين الأسر التي تتحمل مسؤوليتها النساء بنسبة 53%.
الغذاء العالمي: قدرة الأسر اليمنية على الصمود باتت شبه منهارة، إذ إن 4 من كل 5 أسر باتت دون أي مدخرات لمواجهة الأزمات، ولجأ 44% من السكان لإستراتيجيات تأقلم غذائية شديدة
النازحون داخليًا هم من بين أكثر الفئات ضعفًا، حيث أفاد 27% منهم بوجود فرد واحد على الأقل في الأسرة لم يتناول الطعام لمدة يوم كامل وليلة كاملة بسبب عدم توفر الغذاء، مقارنة بـ 16% بين السكان المقيمين، ويواجه النازحون في المخيمات أوضاعًا أسوأ من نظرائهم في المجتمعات المضيفة.
واقتصاديا تراجع سعر الريال اليمني بنسبة 33% على أساس سنوي أمام الدولار في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود إلى أعلى مستوياتها منذ بدء الحرب. ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، بات 74% من السكان يعيشون تحت خط الفقر المدقع.
وتصنف اليمن ضمن أربع دول واجهت أسوأ أزمات الغذاء عالميًا خلال عام 2024، إلى جانب السودان ومالي وقطاع غزة، وتحذر تقارير المنظمات الدولية من مستويات جوع كارثية تهدد حياة ملايين اليمنيين.
وأفاد التقرير العالمي حول الأزمات الغذائية لعام 2025، الصادر عن وكالات أممية ومنظمات دولية، أن الأزمة تفاقمت بسبب التدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار الغذاء، إضافة إلى استمرار الحرب، فضلًا عن الظواهر المناخية القاسية، مثل موجات الحر والفيضانات التي ألحقت أضرارًا كبيرة بالقطاع الزراعي.

ارتفاع الأسعار والتغير المناخي
تشير أبحاث جديدة نشرتها صحيفة الغارديان، إلى أن ارتفاع أسعار البطاطس في العام الماضي في المملكة المتحدة، والملفوف في كوريا الجنوبية، والبصل في الهند، والكاكاو في غانا، يرتبط بالظواهر الجوية المتطرفة التي “تجاوزت كل السوابق التاريخية قبل عام 2020”.
ووفق الصحيفة البريطانية: “لا تؤثر مثل هذه القفزات في الأسعار على الأمن الغذائي والصحة المحليين فحسب، وخاصة بالنسبة لأفقر أفراد المجتمع، بل ولها تأثيرات غير مباشرة في جميع أنحاء العالم”.
وأدت درجات الحرارة الشهرية غير المسبوقة في فبراير 2024 بعد الجفاف في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024 في غانا وساحل العاج -حيث يُزرع 60% من الكاكاو في العالم إلى ارتفاع الأسعار العالمية للسلعة بنسبة 300%، وفق التقرير.
ويمكن أن يكون لارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية تأثير على الصحة العامة، حيث تقلل الأسر ذات الدخل المنخفض من شراء الفاكهة والخضروات باهظة الثمن، وفقًا للتقرير الصادر عن فريق يضم وحدة استخبارات الطاقة والمناخ في المملكة المتحدة (ECIU)، والبنك المركزي الأوروبي (ECB)، ومؤسسة الغذاء، ومركز برشلونة للحوسبة الفائقة، ومعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ.
وبحثت الدراسة في أمثلة عبر 18 دولة بين عامي 2022 و2024، حيث ارتبطت ارتفاعات الأسعار بالحرارة والجفاف وهطول الأمطار الغزيرة.
تداعيات اقتصادية وصحية
ووجد التقرير أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد يكون له تأثير اقتصادي أوسع. وقال ماكسيميليان كوتز، باحث ما بعد الدكتوراه في مركز برشلونة للحوسبة الفائقة، والمؤلف الرئيسي للتقرير: “إلى أن نصل إلى صافي انبعاثات صفري، ستزداد الأحوال الجوية المتطرفة سوءًا، لكنها تُلحق الضرر بالمحاصيل، وترفع أسعار الغذاء في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف بالقول “يلاحظ الناس أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يأتي في المرتبة الثانية على قائمة التأثيرات المناخية التي يرونها في حياتهم، بعد الحرارة الشديدة نفسها”.
تجدر الإشارة إلى أن أسعار المواد الغذائية سترتفع بشكل حاد، غالبًا ما تضطر الأسر ذات الدخل المحدود إلى اللجوء إلى أطعمة أقل تغذيةً وأقل تكلفة. وقد ارتبطت هذه الأنظمة الغذائية بمجموعة من الحالات الصحية، مثل السرطان والسكري وأمراض القلب، وغيرها من الأمراض.
للعام العاشر على التوالي من الأزمة الإنسانية في اليمن، ونتيجة لاستمرار الصراع؛ ظلت الاحتياجات الإنسانية كبيرة على نطاق واسع، كما أن انهيار البنية التحتية المجتمعية والخدمات الأساسية جعل السكان في حالة ضعف شديد أمام الأزمات، حيث تواجه الأسر اليمنية انهياراً مأساوياً في معظم جوانب الحياة.
وتعد اليمن تاسع أفقر دولة في العالم، وذلك وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي الصادرة في يناير/كانون الثاني المنصرم، إذ يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 16.22 مليار دولار، ويُقدّر عدد سكانها بحوالي 34.4 مليون نسمة.