معرض الحبوب أبين: دعوة للعودة إلى الأرض

سلط الضوء على الإمكانات المحلية لتعزيز الزراعة

معرض الحبوب أبين: دعوة للعودة إلى الأرض

سلط الضوء على الإمكانات المحلية لتعزيز الزراعة

في خطوة تهدف إلى تحسين الإنتاج الزراعي وتشجيع المزارعين؛ احتضنت محافظة أبين (جنوبي اليمن)، الثلاثاء، فعاليات معرض الحبوب الزراعية الثاني، ضمن إطار مشروع دعم التغذية الشامل للمجتمعات الضعيفة التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

وشكّل المعرض الذي نظم في مدينة جعار -بتمويل من الاتحاد الأوروبي وتنفيذ منظمة كير- منصة حيوية لتسليط الضوء على الإمكانات المحلية لتعزيز الزراعة المستدامة، وتعميق النقاش حول مستقبل إنتاج الحبوب في دلتا أبين والمناطق المجاورة، في ظل التحديات المناخية والاقتصادية المتزايدة.

دعوة للعودة إلى الأرض

منصة “ريف اليمن” زارت المعرض الذي حوى عينات من الحبوب المحلية التي تشتهر بها المحافظة، بما في ذلك أصناف تقليدية وأطباق غذائية تراثية تعكس الهوية الغذائية للمنطقة.

كما عُرضت عينات من الحبوب المحلية، ومن أبرزها: الدخن متعدد الأنواع، القمح، الشعير، الدجر، السمسم، الفول السوداني، الذرة الشامية، وعدة أصناف من الذرة الرفيعة مثل “الغربة”، “الجعيدي”، “سنيسلة ثلاثي”، “عجَّاف”، و”كنب”، إلى جانب بذور القطن كمحصول زيتي.


        مواضيع ذات صلة

كما جرى عرض أدوات زراعية محلية الصنع، تستخدم في مختلف مراحل إنتاج وتجهيز الحبوب، ما يعكس شغف المزارعين وابتكاراتهم في إيجاد حلول وأدوات تساعدهم على تسهيل عملية الحصاد لمنتجاتهم الزراعية.

“ناصر هيثم”، أحد المزارعين المشاركين في المعرض، عبر عن سعادته بإقامة المعرض وقال لمنصة “ريف اليمن”: “أبين محافظة مناسبة للزراعة، لكن المشكلة ليست في زراعة الحبوب بحد ذاتها، بل في غياب الدعم والتدريب والتشجيع اللازم للمزارعين للاستفادة من الأراضي الواسعة”.

وفي الوقت الذي تمنى فيه أن يوصل المعرض معاناة المزارعين، أكد هيثم أن زراعة الحبوب تواجه منافسة قوية من الحبوب المستوردة، وهو ما يضيق الخناق على المزارعين، ويدفع كثيرا منهم للتوجه نحو زراعة الخضار والفواكه لكونها أكثر ربحا.

معرض الحبوب في أبين: دعوة للعودة إلى الأرض
المعرض دعوة للعودة إلى الأرض والحفاظ على الإرث الزراعي العريق، والاهتمام بإنتاج الحبوب (ريف اليمن)

المهندس الزراعي “عبد القادر السميطي”، منسق المعرض، أوضح لمنصة “ريف اليمن” أن الهدف من الفعالية هو إبراز القيمة الغذائية والاقتصادية للحبوب كمصدر رئيسي للأمن الغذائي، إلى جانب رفع الوعي المجتمعي بأهمية الحبوب المحلية، وتبادل المعرفة الزراعية بين المزارعين والخبراء.

ولفت السميطي إلى أن “المعرض دعوة للعودة إلى الأرض والحفاظ على الإرث الزراعي العريق، والاهتمام بإنتاج الحبوب كونها أساس الحياة، كما يهدف إلى تغيير النمط الاستهلاكي، والعودة إلى غذاء الأجداد والطبيعة المحلية”.

وتعد أبين واحدة من أبرز المناطق الزراعية في جنوب اليمن، بفضل خصوبة أراضيها وتنوعها البيئي، وأضحت تُلقب بـ”سلة اليمن الجنوبية” لدورها البارز في تلبية احتياجات الأسواق المحلية بالحبوب، والخضروات، والبقوليات، والفواكه، والمحاصيل النقدية.

معرض الحبوب في أبين: دعوة للعودة إلى الأرض
عينات من الحبوب المحلية التي تشتهر بها محافظة أبين داخل معرض الحبوب (ريف اليمن)

وتستحوذ الحبوب على أغلب المساحة المزروعة في اليمن، كما توضح بيانات الإحصاء الزراعي في وزارة الزراعة والري بنحو 57%، بينما لا تتجاوز مساحة البقوليات 3%، وتتوزع النسبة المتبقية 40% على الفاكهة والخضروات والمحاصيل النقدية والأعلاف والقات.

تحديات القطاع الزراعي

الحديث عن الزراعة في أبين لا ينفصل عن التحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي، كالتصحر، وضعف البنية التحتية المائية، وإصلاح السدود والقنوات المائية لإنعاش الأراضي الزراعية المهملة، وهو ما أشار إليه مدير مكتب الزراعة الدكتور “حسين الهيثمي”، خلال حديثه مع “منصة ريف اليمن”.

الهيثمي أوضح أن أبين تعد من المحافظات الرائدة في إنتاج الحبوب، بفضل تنوع مناخها وتضاريسها، مما أسهم في تنوع المحاصيل، ومنحها ميزة نسبية في جودتها، إلا أنه أشار إلى معوّقات متعددة، أبرزها نقص الآلات الزراعية، وارتفاع كلفة الوقود، وغياب المدخلات الزراعية الأساسية كالبذور والأسمدة والمبيدات؛ ما يدفع العديد من المزارعين إلى العزوف عن الزراعة.

معرض الحبوب في أبين: دعوة للعودة إلى الأرض
أصناف تقليدية وأطباق غذائية تراثية تعكس الهوية الغذائية للمنطقة (بشرى السعدي)

وأكد على ضرورة إصلاح السدود والقنوات المائية، لا سيما في منطقتي خنفر وجعار، لضمان وصول المياه إلى جميع الأراضي الزراعية، كما دعا إلى توفير “القروض البيضاء”، وهي قروض بلا فوائد تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية وصندوق الرعاية الاجتماعية، باعتبارها حافزا مهما لإنعاش القطاع الزراعي.

وأضاف أن المحافظة رغم كونها زراعية، فهي تعاني من انعدام مخازن مبردة لحفظ الحبوب، وهو ما يعرض المحاصيل للتلف والتسوس، ويؤثر سلبًا على جودة الإنتاج.

من جانبه، شدد المهندس “أحمد الحروري”، مدير مؤسسة إكثار البذور، على أهمية تحييد الأصناف الرديئة من البذور، والاستفادة من الأصناف الجيدة. ودعا إلى الالتزام بالمواسم الزراعية المناسبة للحبوب والقطن، كما وجّه دعوة للمستثمرين للعودة إلى زراعة القطن وتحسين سلالاته في محافظة أبين.

معرض الحبوب في أبين: دعوة للعودة إلى الأرض
تعد أبين من المحافظات الرائدة في إنتاج الحبوب، بفضل تنوع مناخها وتضاريسه ا(ريف اليمن)

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، يعتمد نحو 61.5% من السكان غالبا على القطاع الزراعي، ورغم ذلك لا يوفر حاليا سوى 15 – 20% من الاحتياجات الغذائية، وذلك بسبب محدودية الأراضي الزراعية، وموارد المياه والممارسات الزراعية السيئة، وفقا للبنك الدولي.

ووفقا لبيانات وزارة الزراعة فإن ما يتم استثماره من الأراضي الزراعية في اليمن لا يتجاوز مليوناً و600 ألف هكتار تمثل 2.5% فقط من مساحة البلاد الإجمالية، إذ إن 600 ألف هكتار تعتمد في زراعتها على الأمطار، فيما تعتمد 400 ألف هكتار على الري.

معرض الحبوب في أبين: دعوة للعودة إلى الأرض
أدوات زراعية محلية الصنع، تستخدم في مختلف مراحل إنتاج وتجهيز الحبوب (ريف اليمن)
شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: