“مرفت وخيرية”.. جهود نسوية لمساعدة ذوي الهمم في ريف تعز

حققن نموذجًا ملهمًا في خدمة هذه الفئة، بمبادرات صحية وتعليمية

“مرفت وخيرية”.. جهود نسوية لمساعدة ذوي الهمم في ريف تعز

حققن نموذجًا ملهمًا في خدمة هذه الفئة، بمبادرات صحية وتعليمية

رغم التحديات التي يواجهها ذوو الهمم في اليمن، لا سيما في المناطق الريفية التي تفتقر لأبسط الخدمات، هناك دائمًا شعلة أمل تضيء الطريق، وهو ما جسّدته “مرفت الدبعي” و”خيرية الكباب”، اللاتي حققن نموذجًا نسائيًا ملهمًا في خدمة هذه الفئة؛ من خلال مبادرات صحية وتعليمية في مديرية الشمايتين بمحافظة تعز، (جنوب غربي اليمن).

تمكنت مرفت الدبعي، وهي أم لطفلة من ذوي الإعاقة الحركية، أن تحول معاناتها الشخصية إلى رسالة إنسانية، وقصة نجاح ملهمة، بعد أن ظلت لسنوات تحمل ابنتها المُعاقة فوق رأسها، وتقطع مسافات طويلة مشيًا على الأقدام؛ للوصول إلى مركز للعلاج الطبيعي في مدينة التربة.

 مركز من رحم المعاناة

رحلتها الأسبوعية الشاقة دفعتها إلى التفكير بإنشاء مركز علاج طبيعي لذوي الهمم في القرية، وتقول لمنصة ريف اليمن: “كنت أقوم بنقل ابنتي ثلاثة أيام في الأسبوع من منطقة دُبع حيث أسكن، إلى منطقة التربة، بسبب عدم وجود مراكز علاج طبيعي”.


مواضيع مقترحة

علي سعيد.. معلم مبتور القدم يمنح أطفال قريته النور
ذوي الإعاقة في الأرياف.. الأكثر تهميشا بالمجتمع
تعز.. مكفوفو “قرية ضَيّة” محرمون من التعليم


 وتضيف: “معاناتي جعلتني أفكر في إنشاء المركز وهو ما تحقق في عام 2016م”، بدعم من فاعلي الخير، لكنه بحاجة إلى وقفة حكومية أو مجتمعية؛ حتى يتمكن من تقديم خدمات أفضل لعدد أكبر.

 “شعاع الأمل الخيري”، هكذا أسمت مرفت مركزها الذي أنشأته، وهو أول مركز للعلاج الطبيعي لذوي الهمم في منطقة السمسرة، وأول مركز يقدم خدمات العلاج الطبيعي مجانًا في مديرية الشمايتين بشكل كامل.

 يواجه ذوو الهمم في اليمن صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية، وغياب برامج التأهيل، والحرمان من التعليم، مما يحد من مشاركتهم الفعالة في المجتمع، لا سيما في المناطق الريفية التي يفتقر سكانها لأبسط الخدمات الأساسية.

 “نشوان فؤاد”، أحد المستفيدين من خدمات المركز، قال لمنصة ريف اليمن: “كنت أعاني من إعاقة حركية (شلل نصفي)، ولا أستطيع المشي إلا بواسطة كرسي متحرك، وبعد قرابة خمس سنوات من العلاج الطبيعي تحسنت حالتي بشكل كبير، أستطيع المشي بمفردي دون أي مساعدة باستخدام العكازات”.


“بلغ عدد الحالات التي استقبلها المركز منذ افتتاحه أكثر من 1400 حالة، منها 530 حالة إعاقة حركية، و900 حالة مرضية، كما تمكن من علاج قرابة 80 حالة معظمها حالات تعاني إعاقة حركية”


 ويقدم المركز خدمة العلاج الطبيعي لـ(المعاقين حركيًا) من مختلف الفئات العمرية من قبل أطباء متخصصين، ويساهم في علاج الحالات التي تعاني من الاحتكاكات والانزلاقات، ومشاكل العصب الخامس والسابع والجلطات.

تحديات

ومنذ افتتاحه يشهد المركز اقبالًا كبيرًا من قبل أهالي المنطقة والمناطق الريفية المحيطة؛ نتيجة شحة الخدمات المتخصصة بهذه الفئة. وبلغ عدد الحالات التي استقبلها منذ افتتاحه أكثر من 1400 حالة؛ منها 530 حالة إعاقة حركية، و900 حالة مرضية، كما تمكن من علاج قرابة 80 حالة معظمها حالات مصابة إعاقة حركية، بحسب مديرة المركز مرفت الدبعي.

"مرفت وخيرية".. جهود نسوية لمساعدة ذوي الهمم في ريف تعز
أحد المستفيدين من الخدمات التي يقدمها مركز شعاع الأمل جنوب تعز أثناء دخوله لتلقي العلاج (ريف اليمن)

 ونتيجة للإقبال الكبير، يواجه المركز تحديات عدة، أبرزها: “ضيق المكان، وقلة الامكانيات اللازمة لتقديم كافة الخدمات؛ كون المركز ليس لديه ميزانية تشغيلية ثابتة”. تقول الدبعي.

ونوهت بأن المركز -ومنذ افتتاحه- يعتمد على دعم محدود من فاعلي الخير؛ ما يعيق طموحات توسيعه، وتوفير احتياجاته من كادر طبي، وأجهزة وأدوية طبية؛ لمعالجة الحالات المرضية للمعاقين، داعية التجار وأصحاب المال لدعم المركز حتى يقدم خدمات أكبر للسكان.

 في الجانب الآخر، اختارت خيرية الكباب أن يكون لها دور فاعل في خدمة ذوي الهمم، ولكن من زاوية التعليم والتأهيل، ونتيجة لملاحظتها تزايد أعداد ذوي الهمم في المديرية، خصوصًا مع النزوح المتزايد، شرعت عام 2018 في تأسيس “جمعية الشمايتين النسوية لذوي الهمم”.

"مرفت وخيرية".. جهود نسوية لمساعدة ذوي الهمم في ريف تعز
نتيجة للإقبال الكبير، يواجه المركز تحديات عدة، أبرزها ضيق المكان وقلة الامكانيات اللازمة لتقديم كافة الخدمات (ريف اليمن)

تقول خيرية لريف اليمن: “رأيت أطفالًا ونساء من ذوي الإعاقة لا يحصلون على أي نوع من التعليم أو الدعم، فقررت إنشاء جمعية تهتم بهم، وتعيد لهم حقهم في التعلم والتأهيل”. تقدم الجمعية التعليم بلغة الإشارة، وتنظم دورات مهنية في الخياطة والطبخ، وتوفر مستلزمات طبية؛ كالكراسي المتحركة والسماعات.

 تشير خيرية الكباب إلى أن الجمعية -ومنذ افتتاحها- درّبت 45 خريجة جامعية على لغة الإشارة؛ لتأهيلهن لتدريس ذوي الإعاقة، واستقبلت أكثر من 100 طالب، فيما تجاوز عدد المستفيدين من خدماتها المختلفة 500 شخص.

تعليم وتأهيل

توضح خيرية أن المرحلة التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة انطلقت بعد أن قامت الجمعية بتدريب 45 من خريجات الجامعات على لغة الإشارة؛ ليصبحن قادرات على التواصل مع الطلاب، وتقديم التعليم المناسب لهم.

“هلال عمر”، أحد أولياء الأمور المستفيدين من الجمعية، يقول: “عندما وصلت إلى التربة نازحًا أنا وعائلتي كان أبنائي لبنى وبلقيس وعبد الرقيب، وقتها بدون تعليم إلى أن قمت بتسجيلهم في جمعية الشمايتين النسوية لذوي الاحتياجات الخاصة”.


تقدم الجمعية التعليم بلغة الإشارة، وتنظم دورات مهنية في الخياطة والطبخ، وتوفر مستلزمات طبية كالكراسي المتحركة والسماعات.


ويضيف لمنصة ريف اليمن: “قبل تسجيلهم في الجمعية كان أبنائي لا يعرفون حتى إشارات الصم والبكم، والآن بعد مرور ثلاث سنوات من التعليم بلغة الإشارة في الجمعية تحسن مستواهم التعليمي بشكل كبير”. لافتا إلى أن اطفاله لم يستفيدوا فقط من الناحية التعليمية، بل اكتسبوا أيضًا مهارات في الخياطة والتطريز.

"مرفت وخيرية".. جهود نسوية لمساعدة ذوي الهمم في ريف تعز
المرحلة التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة انطلقت بعد أن قامت الجمعية بتدريب 45 من خريجات الجامعات على لغة الإشارة (ريف اليمن)

تواجه خيرية الكباب صعوبات في عدم توفر مبنى خاص بالجمعية؛ حيث تتم عملية التعليم في مدرستين حكوميتين في التربة من خلال تخصيص المدارس بعضاً من فصولها، إضافة إلى بُعد الجهات الرسمية مثل صندوق المعاقين ومكتب الشؤون الاجتماعية؛ ما يصعّب الإجراءات الروتينية.

 وتشير إلى تحدٍّ آخر يتمثل في “غياب مكاتب فرعية للجهات التي نتعامل معها بشكل مستمر في التربة؛ مثل مكتب الشؤون الاجتماعية، وصندوق المعاقين؛ لتسهيل المعاملات التي تقوم بها الجمعية لصالح ذوي الهمم”.

 بالإضافة إلى عدم وجود لجنة طبية في الشمايتين لتقييم الطلاب سنويًا؛ لتسهيل المعاملات، وصرف المستحقات التعليمية لكل طالب من ذوي الإعاقة، كون الصندوق يطلب تقريراً طبياً لكل طالب من مستشفى الثورة الواقع بمدينة تعز فقط، وهو ما يجعل الحصول على بطاقات التأهيل والمستحقات أمرًا معقدًا.

 وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى وجود 4.9 ملايين شخص من ذوي الإعاقة في اليمن، يواجهون أوضاعاً معيشية غاية في الصعوبة منذ اندلاع الحرب في البلاد عام 2015.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: