طلاب قرية عياض لحج: حر خانق وفصول مزدحمة

انقطاع الكهرباء وغياب المنظومات الشمسية يضاعف معاناة الطلاب ويؤثر على استيعابهم

طلاب قرية عياض لحج: حر خانق وفصول مزدحمة

انقطاع الكهرباء وغياب المنظومات الشمسية يضاعف معاناة الطلاب ويؤثر على استيعابهم

تحت شمس محافظة لحج الحارقة، يشق الطالب “أحمد صالح، 14 عامًا”، طريقه كل صباح إلى مدرسة صلاح الدين الأيوبي في قرية بيت عياض بمديرية تبن، بصمود يبعث على الإلهام، وبتحدٍّ يقهر الظروف القاسية التي يعاني منها أغلب طلاب المحافظة الواقعة جنوبي اليمن.

المسافة قصيرة نسبيا، لكنها بالنسبة لأحمد وزملائه أشبه بماراثون يومي يسبق ساعات أخرى من المعاناة داخل الفصول التي تحولت إلى غرف مكتظة بالحرارة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، وانعدام منظومات الطاقة الشمسية كحل بديل.

“نتحمل المشقة من أجل مستقبلنا”، يقول أحمد بابتسامة طفولية تخفي خلفها تعبا أكبر من سنواته. في مدرسته ذات الـ 21 صفا، يدرس 700 طالب وطالبة، معظمهم يفقدون القدرة على التركيز مع اشتداد الحر، ليصبح التعلم تحديا يوميا يتطلب عزيمة مضاعفة.


    مواضيع مقترحة

يؤكد الطفل صالح لـ “منصة ريف اليمن” أن “الحر الشديد يجعلنا نفقد التركيز في الفصل”؛ مما يؤثر على التحصيل العلمي للطلاب. هذه المعاناة لا تتوقف عند أبواب المدرسة، بل تتفاقم في المنازل أيضا كونها تعاني من انقطاع الكهرباء لأكثر من 20 ساعة يوميا.

انقطاع متواصل

ويشكو سكان لحج من انقطاع التيار الكهربائي بشكل متواصل، في حين أرجعت مؤسسة الكهرباء في المحافظة الأسباب إلى نفاد كميات الوقود المخصصة لتشغيل المولدات، وعدم توفير أي كميات إسعافية للمحطات، وهذا يضاعف معاناة الطلاب، ويجعل تعويض ما فاتهم في المدرسة أمرا صعبا.

ويواجه طلاب قرية بيت عياض البالغ عدد سكانها 4071 نسمة، وتبعد عن مركز المديرية بحوالي 7 كم، صراعا يوميا بين الرغبة في مواصلة التعلم وبين الظروف البيئية الصعبة التي يقاسيها الطلاب خاصة الأطفال.

تحولت فصول المدرسة إلى غرف مكتظة بالحرارة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وانعدام منظومات الطاقة الشمسية (ريف اليمن)

المعاناة لا تقف عند حدود الطلاب وحدهم، “ناهد عامر” هي إحدى أولياء الأمور، عبرت عن استيائها من الظروف السيئة التي يعاني منها أبناؤها الثلاثة في المدرسة بسبب الأجواء غير المناسبة للتعليم.

وأشارت عامر خلال حديثها لـ”منصة ريف اليمن”، إلى أن غياب المنظومات الشمسية في المدرسة، التي تعمل بنظامين صباحي للطالبات ومسائي للطلاب، يضاعف معاناتهم ويؤثر سلبًا على استيعابهم التعليمي.

وأوضحت أن الطلاب يواجهون معاناة مزدوجة؛ فهم يضطرون لقطع مسافة تقدر بكيلو متر سيرًا على الأقدام للوصول إلى المدرسة تحت أشعة الشمس الحارقة، ثم يجدون أنفسهم في فصول لا تتوفر بها منظومة شمسية لتوفير أجواء صالحة للتعليم.

طلاب في مدرسة القمندان بلحج يخلعون ملابسهم نتيجة ارتفاع درجات الحرارة داخل الفصل (فيسبوك)

أما “أشرف اللحجي” فيقول: “لدي أولاد شقيقتي يسكنون في منزل العائلة، وأتحسر حينما أراهم يتحدثون عن معاناتهم في فصول الدراسة، وكيف يؤثر الحر على مستوى تركيزهم، خاصة أنهم يذهبون مشيا على الأقدام للمدرسة بسبب صعوبة ظروفنا”.

ويؤكد خلال حديثه لـ”منصة ريف اليمن”، أن المعاناة لا تنتهي هنا فحسب، بل تكتمل عندما يأتون للمنزل وهو دون كهرباء حكومية أو حتى منظومة شمسية في منزلنا.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فإن أكثر من 6 ملايين طالب يمني يعانون من انهيار النظام التعليمي، وينال طلاب الأرياف الجزء الأكبر من هذه المعاناة؛ إذ تتراوح نسبتهم بين 65-70% من إجمالي عدد الطلاب في البلاد.

وعود بالحلول

مدير المدرسة، “خالد مجور”، أكد أن المدرسة بحاجة ماسة لمنظومة شمسية تعيد الحياة إلى الفصول الدراسية، وتخفف من معاناة الطلاب وتساعدهم على الاستيعاب، مشددًا على أن مستقبل مئات الأطفال مرهون بتوافر بيئة تعليمية صحية.

وأوضح مجبور لـ “منصة ريف اليمن أنه لم يترك باباً إلا وطرقه سعيا وراء حل، لافتا إلى استمراره في متابعة الجهات المعنية للحصول على المنظومة الشمسية لمساعدة الطلاب على بناء مستقبلهم التعليمي، والذي تبدأ أولى خطواتهم من المعارف التي يتلقاها الطلاب بالمدرسة.

يعيش قطاع التعليم في اليمن أسوأ مراحله، ولا سيما بالأرياف، نتيجة الأوضاع التي تمر بها البلاد (ريف اليمن)

منصة ريف اليمن تواصلت مع مدير مكتب التربية والتعليم بمحافظة لحج، “فهمي بجاش”، للاستفسار حول جهود المكتب في توفير أجواء مناسبة للطلاب والتخفيف من معاناتهم، حيث أوضح أن المكتب يعمل وفقًا للإمكانات المتاحة.

وأشار بجاش إلى أن عددًا من المدارس جرى تزويدها بالمنظومات الشمسية، مؤكدًا أن العمل يجري وفقًا للأولويات. وبخصوص مدرسة صلاح الدين، أفاد بأن المكتب تلقى بلاغًا حول احتياجاتها، ووعد بالتدخل في حال توفرت الإمكانات اللازمة.

ويعيش قطاع التعليم باليمن أسوأ مراحله، ولا سيما بالأرياف، نتيجة الأوضاع التي تمر بها البلاد، وعلى رأسها انقطاع مرتبات المعلمين الذين أُجبروا على ممارسة أعمال أخرى لتغطية تكاليف الحياة.

شارك الموضوع عبر:

الكاتب

    مواضيع مقترحة: