ضحايا آبار المياه في اليمن: الموت اختناقاً

وفاة 6 أشخاص إختناقاً داخل بئر مياه بمنطقة زُبيد- السبرة بمحافظة إب

ضحايا آبار المياه في اليمن: الموت اختناقاً

وفاة 6 أشخاص إختناقاً داخل بئر مياه بمنطقة زُبيد- السبرة بمحافظة إب

في حادثة مأساوية بمحافظة إب (وسط اليمن)، توفي ستة أفراد من أسرة واحدة يوم الثلاثاء، 13 مايو/آيار 2025، اختناقا بعوادم مولد كهربائي (ماطور) داخل بئر مياه في قرية المعزبة، عزلة زبيد، بمديرية السبرة وسط اليمن.

وخلال السنوات الماضية تزايدت حوادث الوفاة في آبار المياه في المناطق الريفية في اليمن؛ حيث تعرض العديد من الأطفال والنساء والرجال للسقوط إما أثناء العمل في حفر الآبار أو خلال جلب الماء، لا سيما في ظل أزمة المياه التي تشهدها كثير من المناطق الريفية.

الحادثة تسلط الضوء على ضحايا البحث عن المياه وحفر الآبار بطرق بدائية وعشوائية؛ إذ مازال الكثير من السكان في المناطق الريفية يستخدمون “المواطير” ويضعونها في عمق البئر؛ لرفع المياه، غير مدركين المخاطر المميتة لعدم وجود تهوية كافية أسفل الآبار.


        مواضيع ذات صلة

الموت اختناقا

وشيع اليوم الأربعاء سكان منطقة زُبيد- السبرة في إب أبناءها التي ماتوا أمس اختناقا في بئر المياه، حيث أثارت الحادثة حزنًا واسعًا في القرية الصغيرة، وانتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي الذين عبروا عن حزنهم ودعوتهم للتوعية.

وأفادت مصادر محلية أن “الضحايا كانوا يقومون بأعمال في البئر عند وقوع الحادث، حيث تسبب انبعاث عوادم المولد الموجود أسفل البئر في اختناقهم ووفاتهم”. كما حصلت “منصة ريف اليمن” على أسماء الضحايا وهم:

  • عدنان قايد محمد الزبيدي (32 عامًا)
  • هارون محمد قايد محمد الزبيدي (17 عامًا)
  • رفيق عبد الله أحمد الزبيدي (27 عامًا)
  • رشيد عبد الله أحمد الزبيدي (19 عامًا)
  • بكر عبد الله أحمد الزبيدي (18 عامًا)
  • معين قايد محمد الزبيدي (28 عامًا).
ضحايا آبار المياه في اليمن: الموت اختناقاً
جنازة الشبان الذي توفوا اختناقا في أحد الآبار بمنطقة زُبيد- السبرة بمحافظة إب، الأربعاء 14 مايو/ آيار 2025 (وسائل التواصل)

وكان السبب المباشر للوفاة -وفق سكان المنطقة- “عوادم مولد كهربائي داخل البئر تم تشغيله في البئر بينما كان الضحايا فيه”، وهو مصدر انبعاث الغازات السامة التي سببت الاختناق. ويتكرر هذا المشهد نتيجة غياب الوعي بخطورة هذه الممارسات.

وقال “محمد نبيل” ناشط على وسائل التواصل “هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها، فقد سبق أن شهدت محافظات يمنية أخرى وقائع مشابهة، نتيجة غياب الوعي بخطورة هذه الممارسات”.

وأضاف في منشور على فيسبوك: “المؤلم أن جميع هذه الأرواح أُزهِقت في لحظات، بسبب خطأ يمكن تجنبه”، مشيرا “نحن بحاجة لحملة توعية حقيقية بخطورة تشغيل المولدات في الأماكن الضيقة والمغلقة”.

حوادث متكررة بلا حل

من جانبه قال “صادق القاضي”، أحد أبناء المنطقة: “ماطور الماء الذي يعمل بالبترول قاتل خطير يلتهم ضحاياه بسهولة يحصد أسراً بأكملها، حوالي ١٥ ضحية من خيرة شبابنا في مديرية السبرة هم حصيلة هذا القاتل في حادثتين متفرقتين”.

ويتذكر القاضي -في منشور على فيسبوك- حادثة مشابهة قبل ٣٠ عام تقريبا، وقال “انا في الاعدادية فقدت صديقي وجاري وزميل الدراسة في أول حادثة من هذا النوع، تركت تلك الكارثة أوجاعاً في نفسي لا أزال أشعر بمرارتها كلما تذكرتها”.

ويضيف: “تتكرر الحوادث وتلتهم آبار المياه التقليدية خيرة شبابنا، وتوالت الكوارث في نفس المنطقة، كل يوم أسمع بكارثة جديدة تجعلني أشعر بنفس الغصة والمرارة في حلقي”.

ودعا القاضي لإطلاق حملة مجتمعية للتوعية “بمخاطر هذا القاتل” في إشارة إلى استخدام المولد الكهربائي في الآبار. وقال “ماطور الماء الذي يعمل بالبترول صنع خصيصا للأماكن المفتوحة على سطح الأرض وليس الآبار الضيقة، وعلى الجميع أن يعي ذلك”.

وقال إن “البديل هو المضخات المعروفة (البمبة) وأسعارها مناسبة وأنواعها وأحجامها متعددة، وتستطيع شفط الماء حتى ولو كانت الكمية قليلة والعمق كبيراً”، لافتا إلى أن “التفكير بالبديل ضرورة وواجب ولو كلف الأمر الاقتراض أو بيع المقتنيات فهو أرحم وأولى من حدوث هذه الكوارث”.

آبار مميتة

حوادث الآبار المحفورة يدوياً في المناطق الريفية في اليمن تكررت بشكل لافت؛ وليست عوادم “المواطير” القاتل الوحيد لسكان الريف، بل الآبار المكشوفة بحد ذاتها تعد إحدى هذه المشاكل؛ إذ شهدت مديرية “كُعَيدِنَة” بمحافظة حجة عدة حوادث سقوط، وسجلت وفيات، وفق تقرير سابق لمنصة ريف اليمن. وقال “أحمد حاسر” (35 عاما)، المنحدر من قرية المواهبة “أن الآبار المكشوفة أصبحت شبحاً يهدد حياة السكان في القرى الريفية بمحافظة حجة”.

وفي محافظة الضالع فقد عبد الرحمن حيدرة (52 عاما) أربع نساء من أسرته غرقا، بينهنّ ابنته، وذلك نتيجة سقوطهنٌ في أحد الحواجز المائية أثناء بحثهن عن المياه، بوادي مقلد بمنطقة الشريس بضواحي مدينة الضالع.

وقال حيدرة لمنصة ريف اليمن -في تقرير سابق- “فقدتُ ابنتي وخالتها واثنتين من بنات صهيري بسبب سقوطهن داخل حوض ماء أثناء ذهابهن للاحتطاب. مررن بطريق صخرية محاذية للحوض المائي، وحدثت الكارثة”

وبلغ عدد حالات الوفاة نتيجة الغرق أو السقوط من المنحدرات بمديرية الأزرق بمحافظة الضالع جنوب اليمن، 30 حالة في العامين 2022 و2023، وفق إحصائية لمركز سوث 24 للدراسات.

ضحايا آبار المياه في اليمن: الموت اختناقاً
خلال السنوات الماضية تزايدت حوادث الوفاة في آبار المياه في المناطق الريفية في اليمن

شحة المياه في اليمن

يأتي ذلك بالتزامن مع تزايد التحذيرات من الانخفاض الخطير لمستويات المياه في طبقات المياه الجوفية؛ إذ شهدت البلاد، خلال نصف القرن الماضي، ارتفاع متوسط درجات الحرارة بمقدار 1.8 درجة مئوية، مما أدى إلى سلسلة من الأحداث المتتالية، شملت هطول أمطار غير متوقعة، وفترات جفاف طويلة، وفيضانات عارمة.

“ومن المرجح أن يكون توفير المياه الصالحة للشرب من أكبر المشاكل التي سيواجهها أبناء اليمن في السنوات القادمة، حيث ترك الصراع آثاراً شديدة على البنية التحتية للمياه”، وفق مجموعة البنك الدولي.

وبحسب إحصائيات غير رسمية بلغ عدد الآبار في اليمن أكثر من 11 ألفاً في عام 2019، ورغم أن قانون المياه يشدد على أن الآبار يجب أن تُحفر بعد موافقة الحكومة، إلا أن أغلبها -إن لم يكن جميعها- تم حفرها دون طلب موافقات رسمية.

تجدر الإشارة إلى أنه يتم حفر الآبار بطرق بدائية، وبجهود ذاتية من قبل الأهالي، لكنها تفتقر إلى كافة وسائل السلامة، مما يعرض العاملين للخطر بالإضافة إلى أن غالبيتها يتم تركُها من دون حواجز حماية؛ إذ يتم رفع الماء منها يدوياً باستخدام الدلو؛ مما يعرض حياة الكثيرين للخطر.

وخلال السنوات الماضية تعرض الكثير من سكان القرى الريفية للوفاة أثناء جلب المياه من الآبار المكشوفة، التي تفتقر إلى أدني مقومات السلامة، خصوصاً النساء اللواتي يتحملن مسؤولية البحث عن الماء، وجلبه من مناطق بعيدة من آبار غير آمنة.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: