حضرموت.. امرأة تكسر احتكار الرجال لمهنة البيطرة

البيطرية المشهور بـ"أم فؤاد" أثبتت قدرة المرأة على رعاية الثروة الحيوانية

حضرموت.. امرأة تكسر احتكار الرجال لمهنة البيطرة

البيطرية المشهور بـ"أم فؤاد" أثبتت قدرة المرأة على رعاية الثروة الحيوانية

في قرية ريفية قريبة من مدينة المكلا بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن) برزت قصة “أم فؤاد”، إذ تمكنت من تجاوز الحواجز الاجتماعية لتصبح مرجعية محلية في مهنة البيطرة التي لطالما كانت حكرًا على الرجال، وساهمت في الحد من تفشي الأمراض الحيوانية، وتقليل خسائر المربين.

وأدى تدهور الخدمات البيطرية -نتيجة للحرب الدائرة في البلاد- إلى تفشي الأمراض الحيوانية، وارتفاع الخسائر بين المربين، ما زاد من الحاجة إلى كوادر بيطرية، خاصة في القرى النائية، وهو ما دفع أم فؤاد لكسر هذا الاحتكار، وإثبات أن المرأة قادرة على المساهمة الفاعلة في رعاية الثروة الحيوانية.


      مواضيع ذات صلة

وماتزال مهنة الطب البيطري في اليمن، وخاصة في المناطق الريفية حكرا على الرجال، في وقت تشكل فيه الثروة الحيوانية نحو 25 بالمئة من القوى العاملة في الأرياف اليمنية، في حين يستوعب القطاع الزراعي الشريحة الأكبر من الأيادي اليمنية العاملة، وفق بيانات حكومية رسمية. كما توفر الثروة الحيوانية الدخل الرئيسي لأكثر من 3.2 مليون شخص، في جميع أنحاء اليمن، بحسب منظمة الفاو.


ماتزال مهنة الطب البيطري في اليمن حكرا على الرجال في وقت تشكل فيه الثروة الحيوانية نحو 25 بالمئة من القوى العاملة في الأرياف اليمنية كثير منهن من النساء


رغم عدم امتلاكها شهادة جامعية، إلا أنها أثبتت أن الشغف والخبرة والمثابرة قادرة على صناعة التغيير، وتقول أم فؤاد في حديثها لمنصة ريف اليمن: “ورثت حب المواشي من والدي، إذ كان يعالجها بالأعشاب والطرق التقليدية، كنت أراقبه وأتعلم منه، وبعد وفاته شعرت بمسؤولية أكبر، فبدأت أقرأ وأسأل وأتابع عمل الأطباء عندما يزورون قريتنا”.

لم يكن في قريتها طبيب بيطري دائم، وكانت خسائر الماشية مشهدًا معتادًا، فقررت تعلم المهنة حفاظًا على الثروة الحيوانية. ورغم مهارتها، واجهت تحديات مجتمعية قاسية، فالمجتمع المحافظ لم يكن مستعدًا لتقبل امرأة تمارس عملا يعد ذكوريا.

تخطت “أم فؤاد” الحواجز الاجتماعية لتصبح مرجعية محلية في البيطرة وساهمت في الحد من تفشي الأمراض الحيوانية (ريف اليمن)

“تعرضت للسخرية والرفض، والبعض لم يكن يقبل أن ألمس مواشيه فقط لأنني امرأة، وتعرضت لمضايقات عدة من المجتمع، لكن مع مرور الوقت، وبعد نجاح العلاجات التي أقدمها وثق الناس بي، وبدأوا يبحثون عني عندما لا يجدون طبيبًا”، تقول أم فؤاد.

لا ترتدي معطفًا أبيضاً، لكن معرفتها المتراكمة جعلتها طبيبة ميدانية بامتياز، ومع مرور السنين تحولت أم فؤاد إلى وجهة أولى للمربين، تحمل أدواتها بثقة، وتفحص الحيوانات بدقة، تتحسس حرارتها، تراقب شهيتها، تدقق في لون العينين والبول والفضلات.

“كل مرض له علامة” تقول أم فؤاد وهي تدخل الحقنة في فم إحدى الأغنام المريضة، وتوضح: “أستخدم الأعشاب لعلاج أمراض الهضم والتسممات الخفيفة، وأعتمد على زيوت طبيعية مثل زيت السمسم وزيت السدر لتطهير الجروح، كما أعدّ مراهم من السمن البلدي والعسل لعلاج التهابات الجلد”.

ليس هذا فقط ما تعتمد عليه أم فؤاد، للعلاج المواشي إذ تقول: “في الحالات التي تحتاج أدوية حديثة، أتعاون مع العيادات البيطرية القريبة لشراء المضاد المناسب وتطبيقه”.

الحاج “أحمد المقدي”، الذي كان ينتظر دوره لاستشارة أم فؤاد حول مرض انتشر بين أغنامه قال لمنصة ريف اليمن إن “أم فؤاد أنقذت مواشينا، لديها معرفة دقيقة بالأمراض والعلاجات، وتقدم نصائح تفيد في التربية، بل وتقوم بالإسعافات الأولية قبل وصول الطبيب”.

أم فؤاد.. امرأة تكسر احتكار الرجال لمهنة البيطرة في حضرموت
علاجات بيطرية تستخدمها أم فؤاد لمعالجة مواشي المواطنين في حضرموت (ريف اليمن)

ويضيف: “لو لم تكن أم فؤاد بيننا لخسرنا مواشينا، وما قدمته لنا أكثر من خدمة؛ حيث تعرف تشخيص الأمراض، وتعطي نصائح في التربية وأحياناً تقوم بالإسعافات الأولية التي تنقذ الحيوان”.

أما الطبيب البيطري “سعيد باوزير” فيرى أن وجود كوادر نسائية في مجال البيطرة ضرورة، ويقول: “النساء قادرات على الوصول إلى الحيوانات في البيوت بسهولة، ويتمتعن بدقة ملاحظة عالية، ودعمهن في هذا المجال يحقق استدامة مجتمعية حقيقية، خصوصًا في المناطق الريفية”.

ولأن البيطرة في اليمن تواجه تحديات كبيرة، فإن الأمر يتطلب جهوداً متكاملة من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والمجتمع المحلي لتعزيز مشاركة النساء في هذا المجال ودعمها وإشراكها في هذا القطاع لفتح أفاق جديدة للتنمية، ومعالجة القصور الحاد في الخدمات الصحية الحيوانية، خاصة في القرى النائية.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: