حجة: غياب المرافق الصحية يفاقم معاناة السكان

غالبية القرى تفتقر إلى المراكز الصحية والكوادر الطبية

 حجة: غياب المرافق الصحية يفاقم معاناة السكان

غالبية القرى تفتقر إلى المراكز الصحية والكوادر الطبية

يتعين على “حسين علي (44 عاما)”، قطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام للوصول إلى المركز الصحي الوحيد بمديرية المفتاح في ريف محافظة حجة، من أجل تلقي العلاج. رحلة حسين الشاقة غالبًا ما تنتهي دون الحصول على العلاجات اللازمة؛ إذ يفتقر المركز إلى أدنى الخدمات الصحية الضرورية؛ ما يضاعف من معاناته ومعاناة مئات الآلاف من سكان القرى الريفية في المحافظة.

ويواجه سكان القرى الريفية بمديرية المفتاح في الريف الشرقي لمحافظة حجة -البالغ عددهم 31 ألفاً و691 نسمة وفقا لإحصاء 2004م- صعوبات وتحديات جمة في الحصول على الخدمات الصحية؛ فغالبية هذه القرى تفتقر إلى المراكز الصحية والكوادر الطبية، وهو واقع مرير يشاطره الملايين في المناطق الريفية في اليمن.


     مواضيع مقترحة

يتحدث حسين علي بحسرة عن المعاناة التي يكابدها سكان مديرية المفتاح، قائلًا: “نحن نعاني كثيرًا من الظروف الصعبة والأزمات المتلاحقة منذ عشرات السنين، التي أثرت على مختلف جوانب الحياة. ومن أهم هذه الجوانب انعدام الرعاية الصحية بشكلٍ كبير”.

مركز صحي غير مؤهل

ويضيف لمنصة ريف اليمن: “ما يؤلمني كثيرًا هو أنك حين تكون مريضًا، تفكر مليًا في عدة أمور ستواجهك عند التوجه للعلاج خارج المنطقة؛ فالمديرية ليس فيها حتى مستشفى واحد متخصص”.

وأردف: “يتوفر في المديرية مركز صحي واحد فقط، لا نعتمد عليه في الحصول على العلاج الذي نحتاجه، بسبب ضعف كفاءة وكفاية الكادر الطبي، ونقص الأجهزة والمعدات الطبية التي يحتاج إليها المريض ليتلقى العلاج بالشكل المطلوب”.

ونتيجة لغياب الخدمات الصحية في المركز الصحي الوحيد بالمنطقة، يضطر سكان تلك القرى لقطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مركز صحي، وهذا المركز أيضًا يفتقر إلى الأجهزة والمعدات الطبية، والكوادر المتخصصة؛ مما يضاعف من حدة المعاناة، ويجبرهم على السفر إلى العاصمة صنعاء رغم الظروف المعيشية القاسية.

“فتحي صالح (31 عاما)”، هو الآخر يتحدث عن واقع مرير يعيشه سكان مديرية المفتاح، قائلًا: “نحن نصبر على الكثير من الأزمات وضعف الخدمات بشكل عام؛ مما يجعلنا نسعى لإيجاد حلول بديلة لبعض الخدمات، أو نضطر للتخلي عنها لوقت غير معروف. لكن الخدمات الطبية لا يمكن أن نجد لها بديلًا آخر، فنحن إما أن نلجأ للمراكز الصحية ذات القدرة المحدودة في المديرية، أو نواجه المجهول”.

يروي صالح معاناة الأهالي بسبب غياب الخدمات الصحية، مستشهدًا بتجربته الشخصية فيقول: “تعرض أخي الصغير لحادث بسيط أدى إلى إصابته ببعض الكدمات في الرأس وعدد من الأضلاع، قمنا بإسعافه إلى أحد المرافق الصحية في المديرية، وأجرينا له بعض الفحوصات التي لم تكن كافية. كان يحتاج إلى أشعة مقطعية لتوضيح ما إذا كان سليمًا من أي أضرار داخلية، وقد أكد لنا الأطباء ضرورة التأكد من سلامته. لكن المشكلة أن المديرية، بل وكل المديريات المجاورة في المحافظة، لا تتوفر فيها خدمة الأشعة المقطعية”.

السفر  خيار إجباري

اضطر صالح بعدها للسفر إلى صنعاء لإجراء تلك الأشعة لأخيه، على الرغم من قلة إمكانياتهم المادية. ويكلف سفر الفرد الوحد الى صنعاء 20 الف ريال (حدود 40 دولارا ) ذهابا وإيابا، ويوضح: “لجأنا لاقتراض المبلغ المطلوب للسفر، وكذلك لتغطية تكاليف العلاج في العاصمة صنعاء. وبالفعل، سافرنا إلى هناك ليتلقى أخي العلاج”.

ويتحدث “ياسر عيشان (38 عامًا)”، المنحدر من مديرية المفتاح، عن معاناة والدته قائلًا: “والدتي تعاني من بعض الأمراض التي تُصيب كبار السن. ونظرًا لعدم وجود المرافق الصحية المناسبة في المديرية لتتلقى العلاج، كنا نضطر للسفر بها إلى مدينة حجة أو إلى العاصمة صنعاء مرارًا في السنوات الماضية، مما ساعد في تحسن صحتها بشكلٍ مقبول”.

ويضيف عيشان لمنصة ريف اليمن: “مع تقدم والدتي في السن، لم نعد نستطيع السفر بها للعلاج خارج المديرية كما في السابق، لأنها لم تعد تتحمل مشقة السفر، نظرًا لتقدمها في السن وضعفها الشديد؛ لذلك، نقوم بشراء بعض الأدوية التي تُخفف ولو قليلًا من آلامها، وإن كانت لا تفي بالحاجة، فالمديرية حتى الآن لم تُوَفَّر فيها الخدمات الطبية اللازمة التي تحتاجها والدتي”.

وتابع عيشان : “لا ندري إلى متى سيبقى الوضع الصحي في مديرية المفتاح والمديريات المجاورة على هذه الحال، ونحن ننتظر طويلًا أن يتم الاهتمام بالجانب الصحي في منطقتنا”.

ويؤكد الدكتور “عبد الله أحمد”، وهو طبيب يعمل في المركز الصحي بالجبر الأعلى أحد مراكز المديرية، أن “القطاع الصحي في المديرية يشهد تدهورًا كبيرًا في مختلف المجالات. نحن كأطباء نعمل كل ما بوسعنا، ونقدم الخدمات الطبية التي نستطيع القيام بها”.

 معاناة مضاعفة

ويضيف لمنصة ريف اليمن: “على الرغم من القصور في بعض الجوانب -مثل عدم توفر بعض الإمكانيات لدينا- إلا أننا نحاول تطوير هذا المركز الصحي شيئًا فشيئًا. وبالتعاون مع الجهات المعنية، تمكنا من توفير كادر طبي، وعملنا على تطوير وتوفير بعض المعدات في المركز خلال السنوات الأخيرة، كما عملنا على توفير كادر طبي لا بأس به. وما زلنا نسعى لمزيد من التطوير والتحديث لنتمكن من تقديم الخدمات الطبية بالشكل المطلوب”.

وتابع الدكتور أحمد: “نتمنى أن يتم الاهتمام بالجانب الصحي في منطقتنا ومديريتنا؛ لكي نتمكن من تقديم الخدمات الطبية للمواطنين”.

وتشير تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 17 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات صحية، بسبب الأوضاع السياسية التي يعيشها اليمن، في وقت تحتاج فيه المنظمة إلى 77 مليون دولار أمريكي خلال عام 2024 لتقديم المساعدة الصحية الأساسية.

وبحسب المنظمة فإن 45% من المرافق الصحية فقط تعمل بكامل طاقتها، وتعمل 38% من المرافق الصحية جزئياً، فيما توقف العمل تماماً في 17% من هذه المرافق، مشيرة إلى أن أكثر من 80% من السكان يواجهون تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء ومياه الشرب وخدمات الرعاية الصحية.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: