تعز.. طريق الدمنة في جبل حبشي حلم بدأ يتحقق

يستفيد من الطريق نحو 7 قرى جبلية تعاني من الطرق الوعرة

تعز.. طريق الدمنة في جبل حبشي حلم بدأ يتحقق

يستفيد من الطريق نحو 7 قرى جبلية تعاني من الطرق الوعرة

يعود “عبدالباري علي مقبل”، (28 عاما)، من مدينة تعز ومعه احتياجات أسرته من المواد الغذائية، لكنه يضطر إلى دفع أجرة النقل مرتين، مرة للسيارة التي تنقله من المدينة إلى أقرب مكان لقريته التابعة لعزلة البريهة بمديرية جبل حبشي، ومرة لمالك دواب الحمير التي ستنقل له احتياجاته على دفعات إلى منزله، كون قريته معزولة عن الخدمات، ولا يوجد بها طرقات، وتتسم بطبيعة جغرافية وعرة.

يقول عبدالباري لـ”منصة ريف اليمن”: “منذ أن عرفنا أنفسنا، ومنذ أن سكن جدنا الأول هذه القرية ونحن ننقل مرضانا بالنعوش حتى نصل بهم إلى أقرب قرية تتواجد فيها سيارة، كقرية الكدشة أو ضرجح، كما أننا نستخدم الحمير لنقل كل احتياجاتنا من أدوات مطبخ وأدوات بناء وغير ذلك”.


     مواضيع مقترحة

ويضيف: “شق طريق إلى قريتي الجبل والدمنة، والقرى المحيطة، كان حلما، كون المسافة بعيدة ووعرة ويتواجد فيها أراضٍ منها ما هو أملاك أبناء القريتين المستهدفتين بالمشروع ومنها أملاك أناس من قرى مجاورة سبق ووصل الطريق إليهم منذ زمن، لكن الحلم بدأ يتحقق”.

تعويض سنوات الحرمان

يعاني الأهالي في القريتين وما جاورهما من قرى معلقة على سفوح الجبال من غياب شبكة الطرق التي فرضت عليهم عزلة اجتماعية تجسد الحياة البدائية المعتمدة على الحمير في نقل الأحمال، في ظل غياب أي اهتمام رسمي.

في منتصف مايو من العام الحالي بدأ سكان منطقة ضرجح بشق طريق يربط قريتهم بقريتي الجبل والدمنة، برعاية الوجاهة الاجتماعية “عبدالسلام العاقل” أحد مشائخ جبل حبشي، وبعض الوجهاء، تمثلت المبادرة بجمع الأموال والتنازل عن أراضٍ زراعية واسعة سيمر من خلالها المشروع، حيث سيبدأ من قرية المعينة بضرجح وصولا إلى قرية عناقب الأعلى.

تعز.. طريق الدمنة في جبل حبشي حلم بدأ يتحقق
بدأ الأهالي منتصف مايو الماضي المبادرة التي تمثلت بجمع الأموال والتنازل عن أراضٍ زراعية ستمر فيها الطريق (ريف اليمن)

يُجمع الأهالي على أن وصول الطريق إلى قرى الجبل والدمنة وعناقب ضرورة مهمة تخفيفا للمعاناة، سيما وأنهم ما زالوا في غياهب الماضي، يعانون من صعوبة التنقل، ويحملون مرضاهم بالنعش استعطافا للخلاص من جحيم المعاناة التي ما منحتهم من التطور سوى النسيان. ويقول “إياد علي”، أحد أبناء قرية الدمنة: “مجرد رؤية أبناء قريتي الدمنة والجبل إلى جانب المبادرين من منطقة ضرجح وهم يشقون الطريق، هو شعور بالفرحة والدهشة”.

ويضيف لمنصة ريف اليمن: “مبادرة شق طريق ضرجح – الجبل- الدمنة – عناقب سبقها مبادرة قبل سنتين بشق الطريق من جهة قرية الكدشة وهي المنطقة الأقرب للقريتين، لكنها تعرقلت، لتولد المبادرة اليوم من جديد على أيدي أهالي ضرجح الذين آثروا على إخوانهم في القرى المجاورة معلنين أن بداية شق الطريق ستكون من أراضيهم”.

يجسد علي فرحة أبناء القرى، قائلا: “السعادة تغمرهم، سيما وقد بدأت بوادر الحلم بالتحقق ليكتمل الحلم عند وصول أول سيارة إلى آخر نقطة في قرية عناقب الأعلى، عند انتهاء المشروع”.

مبادرة بسواعد الأهالي

“عبده صالح”، أحد وجهاء قرية الدمنة، قال إن مشروع شق طريق لقرى الجبل والدمنة وربطها بالقرى المجاورة جاء بمبادرة مجتمعية تطوعية من الأهالي، حيث تمثلت بجمع مبالغ مالية وتبرعات بأحجار ومواد بناء، وتوقيف مساحات زراعية لصالح الطريق.

ويشير إلى أنه “تم البدء بشق الطريق من جهة منطقة ضرجح حيث سواعد الأهالي وضعت البصمة الأولى لتدشين المشروع”. ويضيف في حديثه لمنصة ريف اليمن: “المشروع سيخفف عنهم نقل الأحمال، وسيتيح إمكانية وصول بقية الخدمات إلى هذه القرى”.

 

تعز.. طريق الدمنة في جبل حبشي حلم بدأ يتحقق
يعاني الأهالي من انعدام شبكة الطرق التي فرضت عليهم عزلة اجتماعية وسط غياب الجهات الرسمية (ريف اليمن)

“بعد معاناة طويلة من الحياة في أعالي الجبال محرومين من أبسط مقومات الحياة، نقلنا فيها مرضانا بالنعوش واحتياجاتنا بالحمير، بدأت ملامح إزاحة هذا المشهد القاتم بتعاون المواطنين ومبادرة وجهاء ومشائخ القرى المجاورة لربط القرى الواقعة في أعالي الجبال بالطريق الرئيس للقرى المجاورة، وهذا يجسد مدى التعاون المجتمعي والالتفاف الشعبي نحو مشاريع التنمية” يضيف صالح.

عضو لجنة التواصل مع الأهالي، “محمد الحريبي” يقول إن أهمية شق الطريق من ضرجح إلى الجبل والدمنة تأتي ترجمة لما يلاقيه سكان هذه القرى من مشقة وعناء وجهد وهم ينقلون حاجاتهم من مواد البناء أو احتياجات المنازل من متعلقات المعيشة والأثاث إما على الحمير أو على رؤوس النساء، وكذا حمل المرضى على النعوش ولمسافات بعيدة في ممرات جبلية وعرة.

وعن فكرة المشروع؛ يقول الحريبي لـ”منصة ريف اليمن”، إن الشيخ عبدالسلام العاقل وأثناء قضاء إجازة عيد الأضحى في قريته ضرجح بادر بطرح الفكرة على الأهالي، وتواصل بملاك الأرض التي سيمر فيها الطريق، فتجاوب الجميع لمد شريان الحياة من منطقة ضرجح إلى القرى الجبلية المجاورة، ومنح الطريق الأولوية في العطاء والبذل.

غياب رسمي 

غياب المشاريع الحكومية ومنها الطرق في ريف اليمن، يحرم الأهالي من الوصول إلى الخدمات بشكل سريع وسليم، ومنها التعليم والصحة؛ إذ انتقلت أكثر من أسرة إلى السكن في المدينة بسبب غياب الطرق.

مدير مدرسة الخير ضرجح، وأحد المبادرين والمتطوعين بشق الطريق الأستاذ “عارف هزاع” يقول “معاناة سكان هذه القرى كبيرة، وتبرز بشكل كبير عندما يكون هناك أمر طارئ، مثل المرض، حيث يضطر الأهالي إلى نقل المريض على نعش بمسافة ساعة إلى ساعتين على الأقل للوصول إلى أقرب قرية تتواجد فيها المواصلات، ومنها يتم نقل المريض إلى المدينة”.

ويضيف لمنصة ريف اليمن أن تحرك أهالي قرى ضرجح والجبل والدمنة والقرى المجاورة لشق هذه الطريق يشكل مبادرة اجتماعية تعوض غياب الجهات الرسمية المعنية بمثل هذه المشاريع.

تعز.. طريق الدمنة في جبل حبشي حلم بدأ يتحقق
ينقل السكان حاجاتهم الأساسية على ظهور الحمير أو على رؤوس النساء بسبب انعدام الطرقات (ريف اليمن)

ويشير إلى أن أهالي منطقة ضرجح بادروا بمنح المشروع مساحات وأراضٍ واسعة خدمة لأهالي القرى المجاورة من سكان قرى الجبل والدمنة وعناقب الأعلى وما جاورها، بالإضافة لتبرع الأهالي من مختلف القرى بالمال والأرض والأيادي العاملة، وهذا يأتي مواصلة للحراك التنموي المجتمعي الذي تشهده المديرية لإيصال الخدمات، ومنها الطرق إلى كل منزل، بحسب هزاع.

ويقول الحريبي إن أهالي هذه القرى -ونظرا لظروفهم الصعبة- عملوا على شق الطريق، وبناء الجدران الساندة بأيديهم وجهودهم الذاتية، والجميع يعمل ويساهم خصوصا في ظل غياب الدولة عن تقديم مثل هذه المشاريع.

أرقام

ويشكل افتقار سكان الريف لشبكة الطرق تحديا كبيرا لتنمية المجتمعات هناك، وتحسين ظروف الحياة. وحتى الوقت الحالي، لم تُعبّد إلا ٣٧٤٤ كم من الطرق الريفية، وهذا لا يمثل سوى ٦.٤ في المائة من إجمالي شبكة الطرق و ٢١.٦ في المائة من إجمالي الطرق المُعبّدة بحسب دراسة نشرتها مبادرة إعادة تصور اقتصاد اليمن.

وبحسب برنامج الأمم المتحدة الانمائي، أصبحت الحياة أكثر صعوبة في المجتمعات الريفية في اليمن بسبب تقييد الطرق الوعرة الوصول إلى الخدمات الحيوية والموارد والتعليم وفرص العمل والإمدادات الغذائية.

تعز.. طريق الدمنة في جبل حبشي حلم بدأ يتحقق
المشروع سيمتد من 3 إلى 4 كيلو مترات تقريبا، وسينفذ على مراحل، ومن المتوقع أن يشمل 7 من قرى المنطقة (ريف اليمن)

ممثل الأهالي والمشرف على المشروع الأستاذ “معمر غالب الجبلي” يقول إن المشروع سيمتد من 3 إلى 4 كيلو مترات تقريبا، وسينفذ على مراحل؛ إذ سيشمل قرية المعنية ضرجح مرورا بقرية الجبل ثم قرية الأكمه فقرية الدمنة وصولا إلى قرية عناقب الأعلى، وقد يصل حال استمرار الدعم والمشاركة إلى قرية دُجين الأعلى حتى يرتبط بالطريق الرئيسي لقرية الكدشة.

ويضيف الجبلي لمنصة ريف اليمن أن عدد الأُسر المستفيدة من المشروع تصل إلى قرابة 84 أسرة، عدا عن الأُسر التي تركت هذه القرى لوعورة تضاريسها وصعوبة العيش فيها والتي يُتوقع عودتها بعد استكمال المشروع.

يأتي هذا المشروع مواصلة للحراك التنموي الذي شهدته مديرية جبل حبشي منذ بدء الحرب بتعاون الأهالي، وسط غياب الجهات الرسمية والمتمثل بشق طرق جديدة وتوسعة ورصف طرق أخرى، بالإضافة إلى مشاريع بناء وتوسعة المرافق الأخرى من مدارس ومستوصفات ومعاهد.

شارك الموضوع عبر:

الكاتب

    مواضيع مقترحة: