تحذيرات من تدهور دورة المياه العالمية

تغير المناخ الناجم عن حرق الوقود الأحفوري يزيد حدة التقلبات المائية ونتائجها الكارثية

تحذيرات من تدهور دورة المياه العالمية

تغير المناخ الناجم عن حرق الوقود الأحفوري يزيد حدة التقلبات المائية ونتائجها الكارثية

حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن دورة المياه العالمية أصبحت غير منتظمة ومتطرفة بشكل متزايد، مع تقلبات حادة بين الجفاف والفيضانات مما ينذر بمشاكل كبيرة تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للكثير من المجتمعات.

ومؤخراً، أدت أزمة المناخ المتفاقمة إلى تخلخل دورة المياه على الأرض، وخلفت أضرارا كبيرةً في مخزون المياه الجوفية على الكوكب مما ينذر بكوارث مستقبلية لا حصر لها، وباتت تلوح في الأفق أكثر فأكثر لا سيما في ظل العبث المناخي من قبل الإنسان.

وتُعد اليمن من أكثر دول العالم تعرضًا لأزمة مائية مزمنة، إذ تقع ضمن حزام جغرافي يعرف بندرة الموارد المائية، وتُسيطر عليه ظروف مناخية قاسية تتراوح بين الجفاف وشبه الجفاف.


      مواضيع مقترحة

دورة المياه والمناخ

تُشير دورة المياه إلى النظام المعقد الذي يتحرك الماء من خلاله حول الأرض، إذ تبدأ العملية بتبخر المياه من المسطحات المائية واليابسة، ليرتفع بخار الماء إلى الغلاف الجوي مُشكلًا تيارات كبيرة قادرة على الانتقال لمسافات طويلة، قبل أن يعود في النهاية إلى الأرض على شكل مطر أو ثلج.

ووفقًا لتقرير شبكة “سي إن إن” الأمريكية، فإن تغير المناخ -الناجم عن حرق الوقود الأحفوري- يقلب هذه الدورة رأسًا على عقب، مما يؤدي إلى زيادة حدة التقلبات المائية ونتائجها الكارثية.

بحسب تقرير حالة موارد المياه العالمية الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن ما يقرب من ثلثي أحواض الأنهار العالمية لم تشهد “ظروفاً طبيعية” في العام الماضي، حيث عانت من فرط المياه أو قلة المياه، وهو تحليل سنوي للمياه العذبة العالمية، بما في ذلك الجداول والأنهار والبحيرات والخزانات والمياه الجوفية والثلوج والجليد.

ونتيجة لذلك عانت مناطق عديدة من شحّ المياه في عام 2024 وهو العام الأكثر حرارةً على الإطلاق على كوكب الأرض، وانخفضت منسوب مياه أنهار الأمازون إلى مستويات غير مسبوقة، كما تعرضت أجزاء من جنوب أفريقيا لجفافٍ دفع الحكومات المتطرفة إلى إعلان إعدام مئات الحيوانات ، بما في ذلك الأفيال، وذبلتِ المحاصيل في مناطق بالولايات المتحدة مثل تكساس وأوكلاهوما وكنساس.تحذيرات من تدهور دورة المياه العالمية

شح الموارد المائية

تعاني اليمن من شح الموارد المائية، لا سيما في ظل تفاوت هطول الأمطار السنوية، وتتابُع أزمات الجفاف التي بدورها أدت إلى انخفاض المحاصيل الزراعية بشكل ملحوظ، وتفاقمت أزمة شحة المياه في الكثير من المناطق .

وتشير تقارير دولية ومحلية إلى أن نحو 70% من سكان الريف في اليمن يفتقرون إلى المياه المأمونة، وتُعد أزمة شح المياه من أبرز التحديات الاستراتيجية طويلة الأمد في اليمن، نتيجة للاستنزاف المستمر للمياه الجوفية.

ووفقاً لتقرير شبكة “سي إن إن” فإن درجات الحرارة المرتفعة أثرت أيضًا على جودة المياه في كل بحيرة تقريبًا من البحيرات الرئيسية الـ75 في العالم.

تشير دراسة حديثة لمركز صنعاء للدراسات أن ندرة المياه هي المشكلة البيئية الأكثر وضوحًا وتهديدًا في اليمن، إذ تفتقر البلاد إلى الأنهار دائمة الجريان، مع وجود تفاوت كبير في مستوى هطول الأمطار من منطقة إلى أخرى.

وبحسب الدراسة فإن المصدرين الرئيسيين للحصول على المياه لتلبية الاحتياجات المنزلية والزراعية والصناعية في اليمن يتمثلان في استخراج المياه من الآبار الجوفية، وحصاد وتجميع مياه الأمطار بالاعتماد على الطرق والممارسات التقليدية.

ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة في اليمن (IOM)، يفتقر 27% من السكان إلى إمكانية الوصول إلى المياه الآمنة. وفي مثال ملموس، دمرت الفيضانات الموسمية في وادي تريم بحضرموت الأراضي الزراعية وأنظمة الري، مما أدى إلى خسائر زراعية جسيمة وتفاقم انعدام الأمن الغذائي

يتعرض نحو 50% من سكان اليمن لخطر مناخي كبير واحد على الأقل – مثل الارتفاع الشديد في درجة الحرارة أو موجات الجفاف أو الفيضانات. وتؤثر هذه الأخطار على المجتمعات المحلية المهمشة بصورة أكبر من غيرهم، مما يزيد من انعدام الأمن الغذائي واتساع دائرة الفقر وفق مجموعة البنك الدولي.

فيضانات متعددة

على الرغم من الحرارة والجفاف “لوحظت فيضانات متعددة، وحتى فيضانات أكثر من السنوات الأخرى”، كما قال ستيفان أولينبروك، أحد المؤلفين الرئيسيين للتقرير ومدير علم المياه والمحيط الجليدي في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وشهدت أوروبا أسوأ فيضانات منذ عام 2013، كما جلب الإعصار هيلين فيضانات كارثية إلى أجزاء من الولايات المتحدة، مما أسفر عن مقتل 230 شخصًا على الأقل ، كما أدت الفيضانات الواسعة في غرب ووسط أفريقيا إلى وفاة نحو 1500 شخص.

كما شهدت الأنهار الجليدية خسائر واسعة النطاق للعام الثالث على التوالي، إذ فقدت 450 جيجا طن من الجليد – أي ما يعادل كتلة جليدية طولها 4.3 ميل وعرضها 4.3 ميل وعمقها 4.3 ميل، أي ما يكفي من الماء لملء 180 مليون حمام سباحة أولمبي. وخلص التقرير إلى أن الدول الاسكندنافية وأرخبيل سفالبارد في القطب الشمالي وشمال آسيا شهدت جميعها ذوبانًا جليديًا قياسيًا.

عواقب وخيمة

يحذر الخبراء من أن ذوبان الأنهار الجليدية ينذر بعواقب وخيمة تتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر وخطر الفيضانات، ويهدد البلدان التي تعتمد على الأنهار الجليدية لتوليد الطاقة والري ومياه الشرب.

من الصعب تحديد التكلفة الاقتصادية الإجمالية لدورة المياه المضطربة بشكل متزايد، لكن فيضانات العام الماضي تسببت في أضرار بالمليارات، وفقًا لأولينبروك.

وأضاف أن تغير توافر موارد المياه وإمكانية الوصول إليها قد “يؤجج التوترات والصراعات “.

من جانبها قالت سيليست ساولو، الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في بيان: “الماء هو أساس مجتمعاتنا، ومحرك اقتصاداتنا، ومُرسِّخ أنظمتنا البيئية.

وأضافت: “لكن مع ذلك، تتعرض موارد المياه في العالم لضغط متزايد، وفي الوقت نفسه، تُؤثِّر المخاطر المائية الشديدة بشكل متزايد على حياة البشر وسبل عيشهم بمختلف دول العالم”.

شارك الموضوع عبر:

الكاتب

    مواضيع مقترحة: