مرض فيروسي يفتك بالماشية في اليمن.. ماهي الحلول؟

إنتشرت "الحمى القلاعية" في عدة محافظات وتسبب بنفوق الماشية خلال الأشهر الماضية

مرض فيروسي يفتك بالماشية في اليمن.. ماهي الحلول؟

إنتشرت "الحمى القلاعية" في عدة محافظات وتسبب بنفوق الماشية خلال الأشهر الماضية

يواصل مرض فيروسي في التوسع بين قطعان الماشية في اليمن يعتقد أنه الحمى القلاعية، في ظل غياب دور الجهات المعنية والرصد الصحي الكافي، وسبق أن أعلنت وزارة الزراعة في عدن تنفيذ نزول ميداني لمعرفة أسباب المرض الذي انتشر في طور الباحة في لحج (جنوبي اليمن).

وخلال الأشهر الماضية وردنا في منصة “ريف اليمن” طلبات للإرشاد الزراعي من عدة محافظات يمنية، يتحدثون عن أعراض متطابقة تصيب الماشية، ويطلبون حلولاً لذلك، من خدمة الإرشادات الزراعية المجانية التي تقدمها المنصة للمزارعين.

ورغم محاولات المربين التعامل مع هذه الظاهرة، إلا أن غياب التشخيص الدقيق والإجراءات الوقائية يعمّق الأزمة، مما يستدعي تدخلاً سريعاً من الجهات المختصة لكشف أسباب المرض واتخاذ التدابير المناسبة.

ولا يعرف حجم الخسائر الإجمالية التي أصابت قطعان الماشية في اليمن، غير أن سكاناً في مديرية طور الباحة في لحج تحدثوا في تقرير سابق لمنصة ريف اليمن عن نفوق أكثر من 150 رأسًا من الماشية خلال أسابيع في قرى صغيرة.


     مواضيع ذات صلة


ما هو المرض وأعراضه؟

اعتبر المهندس الزراعي في منصة ريف اليمن، أن الأعراض التي تصيب الماشية وفق طلبات المزارعين للإرشاد الزراعي، تشير إلى تفشي “الحُمى القلاعية” وهو مرض فيروسي ينتشر بسرعة بالعدوى يصيب الحيوانات ذات الظُّلف المشقوق وهي “الغنم والماعز والبقر والإبل”.

ووفق حديث مربيِّ الماشية عن الأعراض؛ فهي تبدأ بارتفاع درجة حرارة الحيوان، ومن ثم فقدان الشهية، وظهور تقرحات على الأغشية المخاطية والجلد بين الحوافر، إضافة إلى زيادة إفراز اللعاب، والعرج وعدم القدرة على المشي، والضعف العام؛ مما يؤدي إلى إصابة الحيوان بالوهن.

وهي ذات الأعراض لمرض “الحُمى القُلاعية”، التي يشكو سكان الريف من مربي الماشية انتشارها منذ أشهر، واستعرضنا ذلك في تقرير ميداني عن انتشار ذات المرض في طور الباحة بمحافظة لحج جنوبي اليمن.


للمزيد.. الحمى القلاعية: كيف تصيب الماشية وما طرق الوقاية؟


انتشار المرض وأسبابه

ومن خلال رصد منصة ريف اليمن؛ ينتشر المرض في المناطق الساحلية غربي وجنوبي اليمن، تحديدا في محافظات الحديدة ولحج والمناطق القريبة منها، وأيضا مناطق في محافظات تعز وإب والتي تعد ذات كثافة سكانية عالية وسط اليمن.

وهذه المناطق رصدناها وفق ما وصلنا من طلبات للإرشادات الزراعية، بالإضافة إلى مناشدات أطلقها سكان وتم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي، وما رصده مراسلنا في تقرير سابق من طور الباحة في لحج.

وفي 18 مارس/ آذار الماضي نفذ فريق بيطري حكومي حملة لقاحات للماشية في مديرية طور الباحة عقب انتشار المرض، ومناشدات سكان للتدخل بعد نفوق العشرات من الماشية.

نفوق ماعز في الحديدة غربي اليمن بسبب مرض الحمى القلاعية (وسائل التواصل)

وعن أسباب انتشار المرض، قالت وزارة الزراعة إنه “من خلال النزول والمعاينة واللقاء بالمسؤولين بالمديرية (طور الباحة لحج) تبين أن سبب انتشار الأمراض بين مواشي المواطنين هو تهريب المواشي من القرن الافريقي”.

ويتم التهريب عبر منطقتي رأس العارة وميناء المخا في الساحل الغربي اليمني، دون عمل فحوصات أو حجر بيطري لها، وفق ما أفادت الوزارة التي قالت إنها قدمت جملة من الإرشادات التوعوية حول الأمراض وكيفية التعامل معها، وتزويد الجهات المختصة بالمديرية بالعلاجات اللازمة.

وفي الحديدة (غربي اليمن) قال عبد الخالق الهيج إن “انتشار الحمى القلاعية بين المواشي تسبب بخسائر في الثروة الحيوانية في محافظتنا، مما أدى إلى أضرار جسيمة للمزارعين الذين يعتمدون على الماشية للعيش”.

وقال في مناشدة لوزارة الزراعة -نشرها في موقع فيسبوك- “انتشر المرض في كثير من مديريات محافظة الحديدة”، وطالب بضرورة “اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الجائحة، مثل توفير اللقاحات اللازمة وتنفيذ برامج التوعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها”.


الحزمي: أمراض الماشية تحتاج تشخيصاً دقيقاً من خلال تتبع الأعراض منذ البداية، وأخذ عينات من دم وبول وروث الحيوانات لإجراء الفحوصات اللازمة


تهديد خطير للماشية.. ما الحل؟

المهندس الزراعي في منصة ريف اليمن محمد الحزمي، قال إن “الأمراض التي تصيب الماشية في اليمن تشكل تهديدًا كبيرًا للمربين، خاصة مع انتشار مرض الحمى القلاعية، وهو مرض فيروسي شديد العدوى”.

وتتسبب الحمى القلاعية بنفوق الماشية والحيوانات ذات القابلية للإصابة بالمرض، وهي الأبقار، ثم الأغنام والماعز، وهي المنتشرة لدى غالبية سكان الريف في اليمن، ويعتمد عليها السكان في المعيشية.

لكن ما الذي يجب فعله؟ وردا على السؤول قال مسؤول الإرشاد الزراعي في منصة ريف اليمن إن “هذه الأمراض تحتاج إلى تشخيص دقيق من خلال تتبع الأعراض منذ البداية، وأخذ عينات من دم وبول وروث الحيوانات لإجراء الفحوصات اللازمة”.

وأوضح أنه “في حال نفوق الحيوانات، يجب تشريح الجثث وفحص جميع الأعضاء للوصول إلى السبب الفعلي للمرض”. مشيراً إلى أن “دخول الحيوانات الحية إلى اليمن دون حجر بيطري يساهم في إدخال أمراض جديدة، وانتشارها بين الحيوانات”.

تساهم الثروة الحيوانية بنحو 20% من الناتج المحلي الزراعي، ونحو 80% من المزارعين يمتلكون مواشي (الفاو)

خطورة الحمى القلاعية

ينتشر مرض “الحمى القلاعية” وبسرعة كبيرة، ويتخذ شكلاً وبائياً جائحاً، وينتقل من مكان ظهوره وبسرعة ليعم بلدًا كاملًا خاصة في فصل الصيف، ويساعد نقل الحيوانات من مكان لآخر في انتشار المرض.

ويظهر المرض كل 3 إلى 4 سنوات في البلدان الموبوءة، وذلك نتيجة تشكل مناعة عند الحيوانات التي شُفيت من المرض أو حُصنت، فيمر المرض بفترة خمود ثم يعود الظهور من جديد، وتتراوح فترة حضانة المرض من 3 أيام إلى 12 يومًا.


مع تفشي مرض الحمى القلاعية أمام السلطات في اليمن مسؤولية حماية سبل العيش للمزارعين في المناطق الريفية، وتوفير لقاحات للأغنام والابقار


وقال محمد الحزمي المتخصص بالإرشاد الزراعي إن “الحمى القلاعية، كغيرها من الأمراض الفيروسية، لا توجد لها علاجات محددة، ومع الوضع المعيشي الصعب في اليمن فإن كثيراً من المربين لا يعالجون حيواناتهم، وبالتالي تصاب العديد من الحيوانات بالمرض، وبعد تماثلها للشفاء تبدأ الأعراض الثانوية في الظهور؛ مما يفتك بها ويؤدي إلى نفوق العديد منها”.

وشدد على “ضرورة التشخيص المبكر للمرض، والتقيد بالحجر البيطري عند دخول الحيوانات إلى اليمن، والرعاية الصحية للحيوانات لتجنب الأعراض الثانوية بعد المرض”.

ويهدد هذا المرض سبل العيش للكثير في اليمن، حيث تُعدّ تربية الماشية أمرًا حيويًا للأمن الغذائي، ودخلاً للعديد من الأسر في المناطق الريفية، ووفق منظمة الأغذية والزراعة (FAO) في اليمن “تساهم الثروة الحيوانية بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي، ونحو 80% من المزارعين يمتلكون مواشي”.

“والثروة الحيوانية لا تشكل مصدرًا مهمًا للغذاء والتغذية فحسب، بل هي أيضًا أصل قيم، حيث تعمل كمخزن للثروة يمكن استخدامه كضمان للائتمان، وتشكل شبكة أمان أساسية في أوقات الأزمات”، بحسب تصريح سابق لممثل الفاو في اليمن جادين حسين.

وأمام تفشي مرض الحمى القلاعية أمام السلطات في اليمن مسؤولية حماية سبل العيش في الإسراع بتوفير لقاحات فيروس “الحمى القلاعية” للأغنام والابقار، ومراقبة موجات الإصابة المختلفة للماشية التي تنتشر ما بين الحين والآخر.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: