المهرة: تأثير تحديات المناخ على النزوح والتنقل

دراسة ميدانية كشفت وجود روابط بين تغير المناخ وحركة التنقل في اليمن

المهرة: تأثير تحديات المناخ على النزوح والتنقل

دراسة ميدانية كشفت وجود روابط بين تغير المناخ وحركة التنقل في اليمن

شهدت محافظة المهرة شرقي اليمن، خلال السنوات الأخيرة تصاعدًا في المخاطر المناخية المتطرفة، كان أبرزها الأعاصير والفيضانات التي تسببت في أضرار واسعة النطاق للمساكن، والبنية التحتية، وسبل العيش، وذلك نتيجة التغيرات المناخية المتزايدة التي تشهدها البلاد.

يشير تقرير صادر عن شبكة الهجرة الدولية «MMC» إلى وجود روابط معقدة بين تغير المناخ، والتدهور البيئي، وحركة التنقل في اليمن، ويوضح كيف تساهم عوامل مثل الصراع، وعدم الاستقرار الاقتصادي، والتدهور البيئي في تأجيج النزوح الداخلي والهجرة عبر اليمن نحو الدول المجاورة.

ولخّص التقرير أبحاثًا ميدانية في محافظتي المهرة وعدن، ضمن تقرير شمل مدن عربية أخرى بعنوان “المناخ والتنقل في الشرق الأوسط” ويستعرض كيفية تأثير مخاطر المناخ والضغوط الاقتصادية وعوامل أخرى على قرارات التنقل، وأيضاً كيف اعتمدت بعض المجتمعات على استراتيجيات التكيف.


       مواضيع ذات صلة

المهرة وتأثير المناخ

شهدت محافظة المهرة سلسلة من المخاطر المناخية الجسيمة في السنوات الأخيرة، لا سيما الأعاصير، التي ألحقت أضرارًا واسعة النطاق بالمساكن والبنية التحتية وسبل العيش.

واستعرض تقرير المنظمة الدولية المتخصصة بالأبحاث والبيانات، تأثير الأحداث المناخية المتطرفة مثل “الفيضانات، والأعاصير، وحرائق الغابات، والعواصف الترابية” إضافة إلى التغيرات البيئية البطيئة “كالجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، وتدهور التربة، وارتفاع مستوى سطح البحر” في حركة النزوح والتنقل، وتغيير سبل العيش، وتفاقم نقاط الضعف في اليمن.

في محافظة المهرة، أفاد جميع المشاركين في استطلاع المنظمة -في الدراسة- بتأثرهم بخطر مناخي واحد على الأقل، ورغم أن العديد وصفوا الآثار بأنها متوسطة أو طفيفة، إلا أن حوالي ثلثهم أفادوا بعواقب وخيمة أو بالغة الخطورة، وقد برزت الفيضانات ودرجات الحرارة القصوى كمخاوف متكررة، خاصة في المناطق الساحلية والمنخفضة.

المهرة: تأثير تحديات المناخ على النزوح والتنقل
الدفاع الجابيوني للتخفيف من أضرار الفيضانات على المساكن في الغيضة مركز محافظة المهرة شرقي اليمن (إعلام رسمي)

ورغم هذا التعرض للمخاطر، أظهر سكان المهرة مرونة ملحوظة، مدفوعة بشكل كبير بفضل تضامن المجتمع واستراتيجيات التكيف المحلية، وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، ذكرت غالبية الأسر قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية، كما أفاد معظمهم بتوفر الخدمات العامة كالمرافق التعليمية والصحية.

وكشف التقرير أن ما يقرب من نصف المستجيبين أفادوا بأن أحد أفراد أسرهم قد انتقل خلال السنوات العشر التي سبقت جمع البيانات، وأشار التقرير أن الاهتمام بالتنقل المستقبلي بدا مرتفعًا نسبيًا بين المتضررين من مخاطر المناخ، إلا أن معظم المشاركين أشاروا إلى العوائق المالية كعائق رئيسي. ومن بين من يفكرون في التنقل، أفاد أغلبهم بافتقارهم للموارد اللازمة، مما يشير إلى مستويات مرتفعة من عدم القدرة على التنقل القسري.


دراسة: في المهرة برزت الفيضانات ودرجات الحرارة القصوى كمخاوف متكررة، خاصة في المناطق الساحلية والمنخفضة


وفي حين لم يبلغ ثلثا المشاركين عن أي خطط للانتقال داخل أسرهم، أفاد الباقون أن فردًا واحدًا على الأقل يفكر في الانتقال أو يخطط له، ومعظمهم وصفوا نوايا التنقل هذه بأنها معتدلة نسبيًا، لكن العديد ممن يرغبون في الانتقال يفتقرون إلى الموارد المالية اللازمة، وكانت هذه القيود حادة بشكل خاص بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض، والنساء، والفئات المهمشة الأخرى.

أما بالنسبة لمن انتقلوا من مناطقهم بسبب تأثيرات المناخ، فإن الاندماج في المواقع الجديدة لم يكن مضمونًا دائمًا، حيث أبلغ الكثيرون عن محدودية الوصول إلى سبل العيش واستمرار الإقصاء الاجتماعي، بحسب التقرير.

النازحون أكثر عرضة للخطر

وفقًا لتقرير المنظمة، تبين أن النازحين هم الأكثر عرضة لضغوط المناخ، وخاصة أولئك الذين يعيشون نزوحًا طويلاً ونقصًا في الدعم، وأفاد غالبية المشاركين في الاستطلاع  بقدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية والحصول على الخدمات الضرورية، إلى ذلك وصف النازحون داخليًا ظروفًا معيشية هشة وسبل عيش غير مستقرة، مما يبرز تفاوتات كبيرة مقارنةً بعامة السكان.

وبحسب التقرير، غالبًا ما وُجدت المجتمعات النازحة هي الأقل قدرة على الصمود، إذ تواجه تحديات مضاعفة تتمثل في محدودية الوصول إلى الخدمات، وظروف معيشية غير مستقرة، وآليات دعم غير كافية، مما يقلل من قدرتهم على التعامل بفعالية مع تأثيرات المناخ.

وأجبر إستمرار النزاع في اليمن منذ عام 2015 حوالي 4.5 مليون شخص على النزوح الداخلي، منهم حوالي 1.6 مليون شخص يعيشون حاليًا في 2,284 موقعًا للنزوح والاستضافة في 22 محافظة يمنية، ويوجد غالبية النازحين في محافظة مأرب.

المهرة: تأثير تحديات المناخ على النزوح والتنقل
تسببت الفياضانات في المهرة بدمار في الطرق في كثير من المناطق، سبتمبر 2024 (إعلام رسمي)

الظروف الإقتصادية والحاجة للتدخل

أظهرت النتائج النوعية للتقرير أن الظروف المناخية غالبًا ما تُفاقم مواطن الضعف الاقتصادية، مما يؤثر بشكل غير مباشر على قرارات الانتقال. وعلى الرغم من أن معظم المشاركين قد واجهوا مخاطر مناخية مثل الحرارة الشديدة أو هطول الأمطار غير المتوقع، إلا أنها وُصفت عمومًا بأنها متوسطة الشدة، وهو ما يُرجح أنه ساهم في ندرة ذكر مخاطر المناخ كأسباب مباشرة للنزوح.

تُبرز النتائج أن الاستجابات التكيفية، مثل الإصلاحات المؤقتة والدعم المجتمعي، لا تزال غير كافية في ظل الأزمة الإنسانية الراهنة في اليمن. وبحسب التقرير، تشمل التحديات الرئيسية المحددة: فجوات الحوكمة، وندرة الموارد، والتفاوت بين الجنسين، وتدهور الظروف الصحية والأمنية، مما يجعل اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة أمرًا ضروريًا.

في السياق، يشير التقرير إلى أنه إذا تم تحسين وتوسيع مستويات الدعم الأساسية المتاحة حاليًا فقد تظل ضغوط التنقل قابلة للإدارة، ومع ذلك إذا اشتدت مخاطر المناخ أو دعمت الانخفاضات، فمن المرجح أن يرتفع الطلب على التنقل، إلى جانب زيادة عدم القدرة على التنقل بشكل غير طوعي والهجرة غير المستقرة.

وتعد اليمن واحدة من أكثر بلدان العالم عرضة لتأثير أزمة المناخ، لكنها الأقل استعدادا لمواجهتها أو التكيف معها، كما تُصنف اليمن كإحدى أكبر أزمات النزوح في العالم.

شارك الموضوع عبر:

الكاتب

    مواضيع مقترحة: