المحويت.. مزارعو الموز جهود مضنية بلا مقابل

يباع "الموز" بأسعار مخفضة لا تغطي تكاليف الزراعة بسبب الكساد

المحويت.. مزارعو الموز جهود مضنية بلا مقابل

يباع "الموز" بأسعار مخفضة لا تغطي تكاليف الزراعة بسبب الكساد

يعيش المزارع “أحمد سعد (60 عامًا)” أوضاعًا معيشية صعبة نتيجة عجزه عن بيع محصول الموز الذي يزرعه في منطقة بني سعد بمحافظة المحويت، نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وتوقف التصدير إلى الخارج.

قبل اندلاع الحرب، كان سعد يتعاقد مع أحد التجار لتصدير كميات كبيرة من الموز إلى السعودية، لكن الوضع تغيّر تمامًا؛ إذ باتت ثمار الموز تتكدس في مزرعته، وتتحول إلى طعام للطيور، كما يقول.

منذ العام 2003 حتى العام 2005، كانت اليمن أول المنتجين والمصدرين العرب لفاكهة الموز، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.


     مواضيع مقترحة


ويعاني مزارعو الموز البلدي في محافظة المحويت من صعوبات جمة، أبرزها توقف التصدير الخارجي، وركود الأسواق المحلية؛ نتيجة الأزمة المستمرة منذ سنوات؛ مما تسبب لهم بخسائر فادحة. وكانت وزارة الزراعة بصنعاء قد وجهت بمنع تصدير الموز بسبب ما وصفته بـ”توسع زراعة الموز على حساب محاصيل الحبوب والمحاصيل النقدية الأكثر أهمية، فضلا عن استهلاك كميات كبيرة من المياه”.

جهود مضنية بلا مقابل

وتعد فاكهة الموز البلدي من أجود أنواع الفواكه، وتُزرع في وادي سردد بمديرية خميس بني سعد، ومناطق تهامة، وكانت تُصدّر إلى دول الخليج، إلا أن الحرب ألقت بظلالها الثقيلة على هذا القطاع، وانعكست سلباً على المزارعين والتجار.

المحويت.. مزارعو الموز جهود مضنية بلا مقابل
بلغ إنتاج الموز في 2011، أكثر من 129 ألف طن، لكن الحكومة سعت في مارس 2014، للحد من زراعته بسبب استهلاكه للمياه(ريف اليمن)

يقول “علي محمد” (74 عامًا)، الذي عمل لعقود في تجارة الموز، لمنصة “ريف اليمن”: “قبل الحرب، كانت تجارة الموز مربحة، وكنت أرسل نحو 10 آلاف كرتون شهريًا إلى السعودية، لكن الكمية انخفضت إلى أقل من 300 كرتون بسبب ارتفاع تكاليف النقل، التي وصلت إلى 30 ألف ريال سعودي”.

ووفقًا لتقرير صادر عن مركز الإعلام الاقتصادي، فقد تضررت الأنشطة التجارية بشدة نتيجة القيود المفروضة على المعابر، ما اضطر الشاحنات إلى سلوك طرق غير صالحة، بالإضافة إلى ارتفاع أجور النقل بسبب ارتفاع أسعار الوقود.

بعد توقف التصدير، حاول المزارع أحمد سعد بيع محصوله في الأسواق المحلية، لكن الركود الحاد أجبره على البيع بأسعار منخفضة جدًا لا تغطي تكلفة الزراعة، ولا تكفي لتلبية احتياجات أسرته.


تصدرت اليمن قائمة المنتجين والمصدرين لمحصول الموز على المستوى العربي خلال 2003 – 2005 ،قبل أن تتراجع لاحقا وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.


يقول سعد: “أبيع القتب الممتاز بـ300 إلى 400 ريال فقط، وأحيانًا أعود به إلى المنزل لتأكله الأبقار. لم يعد لزراعة الموز أي جدوى في الوقت الحالي، فجميع المزارعين يواجهون نفس المصير”.

أما المزارع “سمير عبد الله” (40 عامًا)، الذي يزرع الموز في خميس بني سعد، فيقول: “بعد توقف التصدير، لم يعد أحد يشتري كميات كبيرة، فأضطر لنقلها بسيارتي إلى ذمار والحديدة وصنعاء”. ويضيف: “أبيع كرتون الموز الممتاز بـ2000 ريال خوفًا من تلفه،(3 دولارات) بينما كنت أبيع الكرتون بـ8000 ريال قبل الحرب،(حوالي 39 دولاراً حينها) حين كانت الأوضاع مستقرة، ومعظم الناس يمتلكون دخلًا”.

وفي نوفمبر الماضي قال مسؤول في الحكومة اليمنية وتجار ومصدرون لـ “رويترز” إن السلطات السعودية أوقفت بشكل مؤقت منذ أكتوبر تشرين الأول، دخول الأسماك والأحياء البحرية اليمنية الطازجة، والمنتجات الزراعية إلى أراضيها، لدواعٍ صحية بسبب انتشار مرض الكوليرا في اليمن.

المحويت.. مزارعو الموز جهود مضنية بلا مقابل
إحدى مزارع الموز في منطقة بني سعد بمحافظة المحويت (ريف اليمن)

وتحتاج زراعة الموز إلى جهد كبير رغم مردودها المتدني، ويقول المزارع “محمد عبده” (46 عامًا): “نحرث الأرض مرات عدة، وننقيها من الشوائب، ثم نرويها حتى التشبع، بعد الجفاف نحفر الحفر وننقل النبتات الصغيرة من المزرعة الأم ونزرعها”.

ويتابع: “نستخدم مخلفات الأغنام والأبقار كسماد عضوي، فهي تساعد على امتصاص الماء، وتعزز مناعة النبتة، وتساعد على نمو عنقود موز ممتلئ، وتستغرق النبتة نحو ستة أشهر حتى تنضج”.


بعد توقف التصدير، حاول المزارع أحمد سعد بيع محصوله في الأسواق المحلية، لكن الركود الحاد أجبره على البيع بأسعار منخفضة جدًا لا تغطي تكلفة الزراعة


وعند نضوج العنقود، يثبت المزارعون عودًا من شجرة السدر أو السيسبان إلى جانب النبتة؛ لحمايتها من الكسر بسبب الرياح أو ثقل العنقود، الذي قد يتسبب سقوطه في تناثر الحبات منه وتكسّرها.

انعكاسات اقتصادية

يمثل تصدير الفواكه اليمنية مصدرًا مهمًا للإيرادات، وتوقفه يُعد ضربة قاسية للاقتصاد المحلي، وبحسب المهندس “سمير العتمي” من دائرة الشؤون الزراعية، فإن “توقف التصدير يضعف تمويل المشاريع ويزيد البطالة؛ ما يؤدي إلى تراجع جودة المنتجات، وانهيار سلاسل الإنتاج”.

ويضيف: “لا بد من اتخاذ إجراءات فاعلة لدعم المزارعين فنيًا وماليًا، وتحسين شبكة التوزيع لتسويق الفاكهة محليًا لضمان وصول الفواكه إلى جميع المناطق في البلاد، إلى جانب دعم المستهلكين، وتشجيع شراء المنتجات المحلية، وتوفير وسائل التخزين المناسبة”.

واختتم حديثه بالتأكيد على أهمية “دعم المزارعين؛ من خلال التشجيع على شراء الفاكهة المحلية دون تكاليف إضافية، وكذلك توفير التخزين؛ لضمان حفظها حتى يتم بيعها في السوق المحلية بطريقة فعالة ومدروسة”.

المحويت.. مزارعو الموز جهود مضنية بلا مقابل
لقطة عامة لإحدى مزارع الموز المطلة على وادي سردد بمحافظة المحويت (ريف اليمن)

يشار إلى أن  إنتاج محصول الموز في اليمن بلغ عام 2011، أكثر من 129 ألف طن، لكن الحكومة سعت في مارس 2014، للحد من زراعته بسبب أن الموز من أكثر محاصيل الفاكهة استهلاكا للمياه، وتراجع إنتاج الموز ليصل إلى 116,581 ألف طن في نهاية العام 2017.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: