محافظة عمران إحدى المحافظات اليمنية التي استُحدثت بعد قيام دولة الوحدة مايو 1990 شمال البلاد، وتحديداً عام 1997، وتعد موطناً لمواقع تاريخية، وتحتفظ بجغرافيا فريدة، وعمق حضاري ضارب في القدم، وتتوزع مدنها بين جبال شاهقة وسهول خصبة.
تتميز محافظة عمران بكونها خزانًا للثروات الأثرية الإسلامية، ومركزًا للصناعات التقليدية والتسوق، تقع شمال العاصمة صنعاء على بعد 50 كيلومترًا على الطريق الإسفلتي المؤدي إلى صعدة وغيرها من المناطق. يسود المحافظة مناخ معتدل صيفًا وبارد شتاءً.
الموقع والمساحة والسكان
تقع محافظة عمران شمال العاصمة صنعاء ويشكل سكانها ما نسبته 4.5% من إجمالي سكان اليمن، ويحدها من الشمال محافظة صعدة، ومن الجنوب محافظة صنعاء، بينما تحدها من الغرب محافظتا حجة والمحويت، ومن الشرق محافظتا الجوف وصنعاء.
تبلغ مساحة المحافظة حوالي 7911 كيلومترًا مربعًا، وتتوزع على 20 مديرية بصورة متباينة. تُعتبر مديرية حرف سفيان أكبر مديريات المحافظة بمساحة 2782 كيلومترًا مربعًا، بينما تُعد مديرية عمران أصغر المديريات بمساحة 120 كيلومترًا مربعًا.
وفقًا لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004، يبلغ عدد سكان محافظة عمران 877 ألفاً و786 نسمة، وينمو السكان سنويًا بمعدل 1.82%، ويتوزعون في المديريات التالية: حرف سفيان، حوث، العشة، قفلة عذر، شهارة، المدان، صوير، ظليمة حبور، ذيبين، خارف، ريدة، جبل عيال يزيد، السودة، السود، عمران، مسور، ثلاء، عيال سريح، خَمِر، بني صريم.
مواضيع ذات صلة
-
محافظة صنعاء.. بلاد العنب واللوز والزبيب
-
مدينة شهارة.. ماضٍ مزدهر وحاضر مهمل
-
مدينة شهارة التأريخية في عمران
التضاريس والمناخ
تتوزع تضاريس محافظة عمران بين جبال عالية تتخللها الأودية والسهول، ويتوسطها قاع البون الواسع الممتد من مدينة عمران حتى ذيبين بمسافة 50 كم، وتحيط به سلسلة جبال عيال يزيد والأشمور، وتتصل بها جبال دعان ويشيع وجبال ظهر حاشد غرباً.
ويبلغ متوسط ارتفاع الجبال ثلاثة آلاف متر عن مستوى سطح البحر، وفي الجنوب الشرقي من مدينة حوث يوجد جبل ناعط وجبل رميض، بالإضافة إلى سلسلة جبال الأهنوم وسلسلة جبال مسور والمصانع وبيت علمان، وتنقسم تضاريس المحافظة كالتالي:
- المرتفعات الغربية: تتكون في المديريات الغربية مثل السودة ومسور، والمديريات الواقعة في الشمال والغرب ابتداءً من مديريات القفلة، العشة، المدان، وشهارة.
- المرتفعات الوسطى: تتكون من مجموعات من القيعان أهمها قاع عمران، ريدة، خارف، وقاع حرف سفيان، تضم هذه القيعان امتدادات كثيرة، بالإضافة إلى عدد من القيعان الصغيرة المنتشرة في عدة مديريات مثل قاع خيوان في شمال شرق مديرية حوث، وتحتوي معظم هذه القيعان على أراضٍ زراعية خصبة تعتمد في زراعتها على المياه الجوفية، مثل قاع الحسين في مديرية ريدة، وقاع خيوان، وكذلك قاع العشية في مديرية حرف سفيان.
- الأودية والسهول: نظرًا لوقوع محافظة عمران بين العديد من الجبال والقمم العالية، تتشكل فيها العديد من الأودية في بطون ومنخفضات تلك الجبال والمرتفعات، وتكثر هذه الأودية وتتنوع تبعًا لتعدد الجبال والمرتفعات، فلا تكاد تخلو مديرية من محافظة عمران من الأودية، بغض النظر عن اختلافها من حيث الحجم والاتساع، ومن المهم الإشارة إلى أن معظم هذه الأودية تشكل روافد مهمة لبعض الأودية المشهورة، كوادي مور في الغرب ووادي الجوف شرقًا.
أما المناخ فهو متنوع؛ ففي الأجزاء الشمالية للمحافظة، تنخفض درجة الحرارة ويكون المناخ غالبًا معتدلًا، باستثناء بعض المرتفعات التي تزداد فيها البرودة، خصوصًا في الشتاء. أما الأجزاء الغربية من المحافظة ذات المرتفعات العالية، فيسودها مناخ بارد شتاءً ومعتدل صيفًا.
تسقط الأمطار على معظم مديريات المحافظة في فصل الصيف، وتكون أكثر غزارة في الأجزاء الجبلية الغربية. كما تسقط الأمطار على المحافظة في فصل الشتاء ولكن بصورة محدودة ونادرة.

اقتصاد المحافظة
تُعتبر الزراعة النشاط الرئيسي لسكان محافظة عمران؛ إذ تنتج العديد من المحاصيل الزراعية أهمها الحبوب والخضروات، فضلاً عن الاهتمام بالثروة الحيوانية. ومن أهم مصانع المحافظة مصنع أسمنت عمران. تضم أراضي المحافظة بعض المعادن كالإسكونيا والبرلايت المستخدم في صناعة الأسمنت والعوازل الحرارية.
يمارس جزء من سكان محافظة عمران مهنة الرعي وتربية الحيوانات، ويُعتبر هذا النشاط رئيسيًا في بعض المديريات، ويتركز في المناطق التي يتوفر فيها الغطاء النباتي. تُعد المديريات الشمالية الغربية الأكثر ممارسة لهذا النشاط، وتحديدًا مديريات حرف سفيان، العشة والقفلة، السود، وثلا. تأتي المحافظة في المرتبة التاسعة من بين محافظات الجمهورية من حيث عدد الحيوانات، إذ يبلغ عددها 974 ألفاً و888 رأسًا بحسب بيانات عام 2012.
كما يمارس سكان محافظة عمران تربية النحل، ولكنه ما يزال بشكل محدود، حيث يبلغ عدد الخلايا 20 ألفاً و813 خلية، وتبلغ كمية إنتاج العسل 36 ألفاً و413 كيلوجرامًا بحسب بيانات عام 2012.
كما تشتهر محافظة عمران بالصناعات الحرفية والمشغولات اليدوية المتميزة، مثل: المصنوعات الفضية من الحلي والمجوهرات التقليدية، وصناعة الجنابي والنصال، وصناعة المعدات الزراعية التقليدية والمشغولات اليدوية النسيجية والمصنوعات الجلدية.
ويوجد العديد من الأسواق الشعبية في محافظة عمران مثل: سوق مدينة عمران ومدينة ثلاء وبيت عذامة، كما تقام عدد من الأسواق الأسبوعية كالتالي: في حوث يقام يوم الجمعة، في خَمِر يقام يوم الأحد، في ريدة يقام يوم الثلاثاء.
الغطاء النباتي والحيواني
تتوفر في أجزاء مختلفة من المحافظة -سواء الجبلية منها أو المنخفضة- الحشائش والأعشاب الصغيرة التي تنمو وتزداد غالبًا في مواسم هطول الأمطار، وتشمل مراعي واسعة للحيوانات. يضاف إلى ذلك وجود أنواع مختلفة من الأشجار المعمرة، ومن أهمها أشجار السرو، الطلح، القرض، السمر، والأراك.
توجد أنواع مختلفة من الحيوانات البرية، خصوصًا الحيوانات المفترسة التي من أهمها السباع والنمور، إلى جانب القرود، والأرانب، والثعالب، ويتركز وجود هذه الحيوانات في الأجزاء الخالية من السكان. كما توجد أنواع مختلفة من الطيور والزواحف في جميع أجزاء المحافظة.
المعالم الأثرية
تزخر عمران بمواقع أثرية ومعابد سبئية، وقلاع إسلامية، ومعالم عمرانية نادرة تعكس مراحل متعددة من الحضارة اليمنية، وكانت مدينة عمران مركزًا دينيًا لقبيلة “ذي مراثد”، وتحتضن ما يُعتقد أنه معبد الإله السبئي.
لا تزال المدينة القديمة محاطة بسور طيني مع إحدى البوابات والعقود القائمة حتى الآن، ولا يزال السوق القديم لمدينة عمران قائما، ومباني المدينة تتميز بنمط معماري قوامه الطين المخلوط بالتبن. وأبرز مدنها التاريخية:
- مدينة ثلاء
تعتبر مدينة ثلاء إحدى المدن التاريخية الجميلة في اليمن، وتعود أصولها إلى فترة مملكة حمير، تُعَدُّ واحدة من خمس مدن مدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وتقع على قمة جبل مهيب، حيث يوجد الحصن الأثري الشهير المعروف بحصانته ومنعته.

ولثلاء سبعة أبواب، وتعد مركزًا ثقافيًا وتاريخيًا تتميز بكهوفها الواسعة ومدافن الحبوب وبرك الماء الجميلة، ووصفها الهمداني بأنها “حصن وقرية للمرانيين”، حيث تضم حصونًا مثل “الناصرة” و”القاهرة”، مزودة بأبراج مراقبة وتحصينات طبيعية.
وتحتضن المدينة الجامع الكبير الذي يعود بناؤه لبدايات العصر الإسلامي، إلى جانب مسجد “سعيد الكينعي” وضريح “محمد بن الهادي”، ومدرسة الإمام “شرف الدين” ذات الزخارف الجصية البديعة.
- مدينة شهارة
تقع على قمة جبلين، “شهارة الفيش” و”شهارة الأمير”، ويربط بينهما جسر شهارة التاريخي الذي يُعد تحفة هندسية. تضم حصونًا، ومدارس علمية، ومسجد الإمام “القاسم بن محمد”، وقبابًا لأئمة الزيدية، وكانت منطلقًا لمعارك ضد العثمانيين بقيادة الإمام “يحيى”.
- مدينة ريدة
تقع على بعد 22 كم شمال مدينة عمران، والتي اختارها “الحسن بن أحمد الهمداني” مقرًا لإقامته وتأليفه، منها انطلق ليؤلف كتاب “الإكليل”، كما تحتوي على معابد سبئية.
ومن أهم الحصون التاريخية حصن ناع، وظفار ذيبين الواقع على مسافة 30 كم شمال شرق ريدة من مركز المحافظة، وهي من مواقع الاستيطان الحضري، وتضم الكثير من الآثار الإسلامية التي تتمثل بالقلاع والحصون وخزانات المياه وبالمساجد والأضرحة.
- مناطق أخرى
وتبرز المناطق الأخرى التاريخية مثل “حبابة”، والتي تقع داخل سور دفاعي محاط بأبراج حماية، وتتميز بتخطيط مدني فريد ومبانٍ تقليدية، اشتهرت في السابق بمعاصر استخراج الزيوت من الحبوب، وما زالت أطلالها قائمة.
كما تحتضن ريمة الغولي وناعط، آثار مدينة “ذمطتم”، ومعبد الإله إلمقة، و”ناعط” مدينة أثرية على جبل ثنين، تضم معابد للإلهين “عثتر” و”تألب ريام”، إضافة إلى أكثر من 20 مبنى دينياً محلياً، وأعمدة ضخمة وأعمال حجرية فريدة، جعلتها محط أنظار المستشرقين.
المصدر: المركز الوطني