تزخر جزيرة عبد الكوري، إحدى جزر أرخبيل سقطرى اليمنية، بتنوع بيولوجي فريد يمتد ليشمل البيئة البرية والبحرية، إذ تشكل الجزيرة مخزونًا سمكيًا مهمًا، بالإضافة الطبيعة البرية الخلابة، بالإضافة إلى موقعها الإستراتيجي القريب من القرن الأفريقي.
تُعد جزيرة سقطرى الواقعة في المحيط الهندي، قبالة السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية من أشهر الجزر العالمية بفضل طبيعتها الفريدة وتنوعها البيولوجي الاستثنائي الذي جعلها تُدرج ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2008.
مواضيع ذات صلة
-
جزيرة سقطرى: جنّة اليمن الواقعة بين البحر والمحيط
-
جزيرة سقطرى تحت وطأة البشر وعواصف المناخ
-
نفوق الدلافين في سقطرى: أزمة بيئية أم تدخل بشري؟
ماذا نعرف عن جزيرة عبد الكوري؟
تقع جزيرة عبد الكوري جنوب غرب الجزيرة الأم (سقطرى) على بُعد حوالي 110 كيلومترات. وتبلغ مساحتها حوالي 133 كيلومترًا مربعًا، بطول يصل إلى 36 كيلومترًا وعرض يبلغ 6 كيلومترات في أوسع نقطة لها.
وتعتبر الجزيرة مركزًا إداريًا تابعًا لمديرية قلنسية، ويقطن فيها نحو 1400 نسمة، موزعون على قرى صغيرة تمتد من الشرق إلى الغرب، أهمها قرية “كلميه”.
كما تتكون جزيرة عبد الكوري من قرى صغيرة متفرقة، من الشرق إلى الغرب وهي: رأس عنجيرة، ، وخيصة صالح، والتواهي والعليا، وخيصة النوم (خيصة الصيادين)، وبيت عيسى، وبير العجوز.
وتعتبر جزيرة عبد الكوري أكبر جزر الأرخبيل مساحة وتقع على بعد 200 ميل، وتقع شمال غرب جزيرة سقطرى، وتكوينات السطح فيها تشبه جزيرة سقطرى ، ويوجد في الشاطئ الجنوبي لجزيرة عبد الكوري مرسى صغير يسمى بندر صالح.
يعتمد سكان جزيرة عبد الكوري بشكل أساسي على صيد الأسماك، حيث تضم مياه الجزيرة مخزونًا سمكيًا كبيرًا ومصائد غنية، ويمثل صيد الأسماك النشاط الاقتصادي الرئيسي لسكانها، إذ يوفر الغذاء لعائلاتهم ويمكّنهم من تصدير كميات كبيرة إلى أسواق محافظة حضرموت.

ترتبط الجزيرة تاريخيًا بقبائل حضرموت بعلاقات اقتصادية واجتماعية متينة، تتجلى في التبادل التجاري والتزاوج وتشابه الأزياء الشعبية والتراث الفلكلوري والعادات والتقاليد. يتولى أهل الحل والعقد إدارة الشأن العام في الجزيرة، في نموذج تقليدي لإدارة الحياة المحلية.
التضاريس التنوع الحيوي
تعتبر جزيرة عبدالكوري مزيج فريد من الجمال الطبيعي إذ تتكون جغرافيًا من منطقة شبه صحراوية وسلسلتين من التلال الصخرية، ترتفع إحداهما إلى قمة جبل صالح بارتفاع 1750 قدماً فوق مستوى سطح البحر، وفق المركز الوطني للمعلومات.
يتميز الجزء الشمالي من الجزيرة بساحل رملي يحوي ميناءً بحريًا صغيرًا، بينما يتكون الجزء الجنوبي من نتوءات صخرية وعرة.
في عام 1985، زارت بعثة علمية سوفيتية-يمنية جزيرة عبد الكوري، ونفّذت دراسات أنثروبولوجية وثقافية ولغوية وبيئية، أكدت نتائجها الحقائق العلمية التي توصلوا إليها سابقًا في جزيرة سقطرى، مما يسلط الضوء على عمق التراث الطبيعي والثقافي للجزيرة.
كما يتأثر مناخ الجزيرة بشدة بموسم الرياح في فصل الصيف، ويلجأ السكان والكائنات التي يربونها إلى الكهوف والمغارات طلبًا للأمن والاستقرار، ويعتمدون على الأسماك المملحة كمصدر غذائي رئيسي، مما يعكس قدرتهم على التكيف مع الظروف الطبيعية القاسية.
تُظهر الدراسات أن جزيرة عبد الكوري تحتضن 115 نوعًا نباتيًا، منها 38 نوعًا مستوطنًا، و15 نوعًا لا توجد إلا في هذه الجزيرة، ما يجعلها مركزًا بيولوجيًا ذا أهمية عالمية.
يتركز الغطاء النباتي الكثيف بشكل خاص في جبل صالح، حيث تنمو نباتات “الفرحل” وأشجار دم الأخوين الشهيرة، التي تُعد رمزًا لأرخبيل سقطرى.

أما التنوع الحيوي للحيوانات فيشمل أنواعًا متعددة من الزواحف والطيور، بالإضافة إلى الثروة الحيوانية المتمثلة في الماعز والأغنام والحمير، التي لا تزال تستخدم كوسيلة نقل رئيسية، مما يعكس أسلوب حياة تقليدي يعود إلى القرون الماضية.
تحديات تواجه الجزيرة
تواجه جزر أرخبيل سقطرى، بما في ذلك عبد الكوري، تهديدات متكررة تُنذر بتدهور بيئتها الطبيعية. تتفاقم التحديات بفعل التجاوزات البشرية من قبل الزوار والسكان المحليين، لا سيما في ظل الآثار المتزايدة للتغيرات المناخية التي شهدتها الجزيرة خلال السنوات الماضية.
مؤخرًا، تفاقمت الأضرار البيئية في جزيرة سقطرى نتيجة الأعاصير المدمرة التي ضربتها في عامي 2015 و2018، وبسبب موجات الجفاف الطويلة الناجمة عن تغير المناخ، أدت هذه الظواهر المتطرفة إلى تدمير الشعاب المرجانية، وتآكل التربة، واقتلاع نباتات نادرة، بالتزامن مع تزايد المخالفات البشرية بشكل ملحوظ.
وفي مطلع العام 2025، ومع تصاعد الصراع في البحر الأحمر، كشفت وسائل إعلام غربية، عن إنشاء مطار عسكري في جزيرة عبد الكوري، بمدرج هبوط طائرات يبلغ طوله حوالي 3 كيلومترات، ويعتبر جزء من الصراع النفوذ الإقليمي في اليمن التي تعيش حالة عدم استقرار واستباحة لسيادتها، ولم تورد أي مصادر رسمية سبب إنشاء هذا المطار.