تعز مدينة يمنية تكتسب أهمية إستراتيجية وتعد واحدة من أكثر المدن حضوراً عبر تأريخ اليمن قديما، بسبب عدة عوامل منها الموقع الجغرافي الذي يربط الشمال بالجنوب، وتقع في تضاريس متنوعة حيث يوجد فيها الجبال والوديان والسواحل.
تعد محافظة تعز هي الأعلى كثافة سكانية في اليمن ويقطنها نحو 12.16% من إجمالي السكان، وتتمتع بنشاط اقتصادي وزراعي متنوع يضفي عليها حيوية خاصة، وتزخر بالعديد من المناظر الطبيعية الخلابة والمتنفسات الفريدة، بالإضافة إلى تنوع بيئي غني يشمل أنواعًا نباتية وحيوانية متعددة، كما تتميز بشواطئها الساحرة.
الموقع والمساحة والسكان
تقع محافظة تعز جنوب غربي اليمن، وتبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 256 كيلومترًا، وتعد حلقة وصل بين الشمال والجنوب، يحدها شمالًا محافظتا إب والحديدة، وشرقًا أجزاء من محافظات لحج والضالع وإب، وجنوبًا محافظة لحج، بينما تطل غربًا على البحر الأحمر عبر ميناء المخا التأريخي ومنطقة ذوباب ومضيق باب المندب الإستراتيجي، الذي يعد من أهم الممرات الدولية.
تبلغ مساحة المحافظة حوالي 10008 كيلومترات مربعة، ويصل عدد سكان محافظة تعز إلى حوالي مليونين و393 ألفاً و425 نسمة، بمعدل نمو سنوي يبلغ 2.47%. يشكل سكانها 12.16% من إجمالي سكان الجمهورية، بحسب التعداد السكاني لعام 2004، لكن تقديرات لمكتب تنسيق الشؤون الانسانية في العام 2021 يشير ان عدد السكان 3,1 مليون نسمة.
ويقع مركز المحافظة في ثلاث مديريات وهي “المظفر، القاهرة، صالة”، فيما تتوزع بقية المديريات كالتالي: ماوية، شرعب السلام، شرعب الرونة، مقبنة، المخاء، ذباب، موزع، جبل حبشي، مشرعة و حدنان، صبر الموادم، المسراخ، خدير، الصلو، الشمايتين، الوازعية، حيفان، التعزية، المعافر، المواسط، سامع.
مواضيع ذات صلة
محافظة صنعاء.. بلاد العنب واللوز والزبيب
حضرموت.. أكبر المحافظات مساحةً في اليمن
مأرب.. حاضنة أكبر المنشآت الإقتصادية
التضاريس والمناخ
تنقسم تضاريس المحافظة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: سلسلة جبلية كبيرة تتخللها العديد من الوديان في السهول والقيعان، بالإضافة إلى مساحات شاسعة من الشريط الساحلي على البحر الأحمر.
تحتوي المحافظة على العديد من السلاسل والمرتفعات الجبلية التي يتراوح ارتفاعها بين 1000 و 3200 متر فوق مستوى سطح البحر. تمتد أهم هذه السلاسل الجبلية من الأجزاء الشمالية للمحافظة، وتشكل امتدادًا لسلسلة جبال مديريات ذي السفال ومذيخرة وفرع العدين في محافظة إب، وتمتد جنوبًا في مديريتي شرعب السلام وشرعب الرونة.
من أبرز المرتفعات الجبلية:
- جبل صبر: جبل هرمي جرانيتي يعود للعصر الثلاثي، يقع جنوب مدينة تعز ويعتبر ثاني أعلى الجبال في اليمن، حيث يبلغ ارتفاعه حوالي 3200 متر فوق مستوى سطح البحر، ويرتفع عن مدينة تعز بحوالي 1500 متر.
- جبل حبشي: جبل مسنم يقع غرب جبل صبر، ويفصل بينهما وادي الضباب. عُرف جبل حبشي قديمًا باسم جبل “ذَخِر”.
- جبل سامع: جبل هرمي يقع جنوب جبل صبر، بالإضافة إلى العديد من المرتفعات الجبلية الأخرى.
تضم المحافظة العديد من الأودية يمكن توزيعها كالتالي:
- الأودية المائية: هي الأودية التي تجري فيها المياه بصورة دائمة على مدار السنة، وتشمل: وادي رسيان، وادي الضباب، وادي البركاني، وادي الجنة، وادي ورزان، وادي الرام، وادي اللحية.
- الأودية الجافة: وهي الأودية التي تجري فيها مياه الأمطار الموسمية، وهي أكثر من ثلاثين وادياً.
- الشواطئ: تمتلك محافظة تعز شريطاً ساحلياً طويلاً يمتد من باب المندب جنوباً حتى شواطئ الملك والزهاري شمالاً.
أما مناخ محافظة تعز فهو متنوع؛ فالأجزاء الجبلية والمرتفعات تتميز بمناخ بارد شتاءً ومعتدل صيفًا. بينما يسود الأجزاء المنخفضة مناخ معتدل في الشتاء ودافئ إلى حار نسبيًا في الصيف. أما الأجزاء الغربية للمحافظة فيسودها المناخ الساحلي الصحراوي، دافئ شتاءً وحار صيفًا، ويبلغ متوسط درجة الحرارة في المحافظة حوالي 21 درجة مئوية.
تهطل الأمطار في فصل الصيف على جميع أجزاء ومديريات المحافظة نتيجة هبوب الرياح الموسمية من المحيط الهندي، حيث تبلغ كميات الأمطار المتساقطة خلال العام 737.1 مليمتر وفقًا لمحطات الرصد الرئيسية لعام 2004م. كما تسقط أمطار شتوية خفيفة في بعض المديريات.
الغطاء النباتي والحيواني
تتميز المحافظة بوفرة وتنوع الغطاء النباتي. من أهم الأشجار المتوفرة فيها: السمر، السدر، القرض، العسق، الطلح، السلم، الطنب، الذرح، الأراك، والأثل، بالإضافة إلى بعض الحشائش والنباتات الصغيرة الأخرى.
توجد في المحافظة أنواع عديدة من الحيوانات البرية، من أبرزها: الضباع، الثعالب، النمور، السباع، السمع، الأرنب، القنافذ، الأوبار، والقرود. كما تتواجد فيها مجموعة متنوعة من الطيور، أهمها: النسور، الصقور، الحجل، البوم، الحمام، الهدهد، والبلبل.

اقتصاد المحافظة
تتميز محافظة تعز بتنوع نشاطها الاقتصادي والزراعي حيث تزرع فيها محاصيل زراعية مثل الحبوب والخضراوات والفواكه. كما تزدهر فيها الثروة الحيوانية وصيد الأسماك في ساحل مدينة المخا.
تُمارس فيها أيضًا الأنشطة الصناعية، حيث تضم المحافظة العديد من المنشآت الصناعية، منها مصنع أسمنت البرح ومجمعات الصناعات الغذائية في منطقة الحوبان، وتحتوي أراضي المحافظة على معادن مهمة، مثل: النحاس، النيكل، الكوبلت، ومجموعة من عناصر البلاتينيوم.
السياحة والمعالم الأثرية
تنتشر في مدينة تعز وعدد من مديرياتها العديد من المناطق الخضراء الغنية بتنوعها النباتي والحيواني وهوائها المعتدل، والتي تشكل عامل جذب سياحي طبيعي مهم. من أهم هذه المناطق: جبل صبر، ومنتزه الشيخ زايد، وحديقة التعاون، وحديقة الحيوان، والحديقة النباتية، والمتحف الشجري.
تضم محافظة تعز العديد من الأودية الخضراء ذات الطبيعة الساحرة والمناظر الخلابة، ومن أهمها: وادي الزارعي، وادي رسيان، وادي البرح، وادي موزع، وادي ورزان، وادي الضباب، وادي البركاني، ووادي الغيل.
كما تمتلك المحافظة شواطئ ساحلية جميلة تمتد من ذو باب وباب المندب جنوبًا حتى شواطئ الزهاري بالمخا شمالًا. وتتميز بيئتها البحرية بأنواع من الأحجار والأصداف والشعاب المرجانية.
من أهم هذه الشواطئ السياحية:
- شواطئ مديرية المخا: تضم عددًا من الشواطئ البحرية الطبيعية والقرى التقليدية الجميلة مثل: الملك، الرويس، الزهاري، والكديحة.
- شواطئ باب المندب: تضم عددًا من الشواطئ البحرية ومن أهمها: خور الشوري، خور عزيرة، وجبل الشيخ سعيد.
تحتضن محافظة تعز العديد من المعالم والآثار التاريخية التي تخلد دور المحافظة عبر التاريخ اليمني، وتسجل مآثر ملوكها العظيمة، من أبرز هذه المعالم الأثرية: تعز القديمة وسور المدينة، والباب الكبير، وباب موسى، وقلعة القاهرة، وقلعة صالة، وغيرها من الأماكن الأثرية.

تأريخ مدينة تعز
وكان المدينة تدعى “عُدينة”، ثم عرفت باسم “تعز” في أواخر القرن السادس الهجري الموافق للقرن الثاني عشر الميلادي، بعد وصول توران شاه الأيوبي إلى اليمن عام 1173 للميلاد، وقيل إن مدينة تعز القديمة تقع على مشارف قلعة القاهرة.
اتُّخذت تعز عاصمة للدولة الرسولية (626-858 للهجرة/1226-1454 للميلاد) وعرفت إبانها ازدهارا كبيرا. وصلها العثمانيون عام 1516 وبقوا فيها حتى عام 1918، وباتت عاصمة للإمام أحمد يحيى حميد الدين بين عامي 1948 و1962.
وبالرغم من موقعها المهم على طريق التجارة الذي يربطها بالمخاء غربا وعدن جنوبا وصنعاء شمالا، بقيت المدينة صغيرة إلى حد ما، فلم تتمدد خارج السور إلا في عهد الإمام أحمد يحيى لأنها أقرب من صنعاء إلى عدن الميناء الدولي والمستعمرة البريطانية المزدهرة آنذاك.
ازدهرت تعز في العهد الرسولي والعهد العثماني الأول، وتعتبر مساجد ذلك العهد ومدارسه ومنابره وتحصيناته وبقايا الأسوار أكثر المعالم والآثار التاريخية أهمية في اليمن، ومنها قلعة القاهرة على السفح الشمالي لجبل صبر التي تطل على مدينة تعز القديمة، وهي موقع يعود لعصور ما قبل الإسلام، لكن تم ترميمها وتغيير اسمها لما صارت مقرا للملك المظفر الرسولي.
ومن تلك المعالم أيضا سور المدينة وبابها الكبير وباب موسى، والمدرسة الأشرفية، والمدرسة المعتبية، والمدرسة المظفرية، وقصر صالة، ويشكل جبل صبر أحد المعالم المهمة في تعز، وهو ثاني أعلى جبل في اليمن.
ومن المعالم أيضا وسوق الجَنْد في شرق تعز الذي يضاهي ما عرف قبل الإسلام بسوق عكاظ، وجامع الجند الذي يُقال إنه ما تبقى من مدينة الجَند القديمة، بناه الصحابي معاذ بن جبل في العام السادس الهجري (360 للميلاد) بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أقدم مسجد في البلاد ومن أقدم المساجد في الإسلام.