تُعدّ المدرسة العامرية في رداع بمحافظة البيضاء (وسط اليمن) من أشهر المعالم التعليمية القديمة في اليمن، إذ تتميز المدرسة بطرازها المعماري الإسلامي الفريد الذي يعكس ملامح الدولة الطاهرية.
تبرز في المدرسة النسب الدقيقة والتناسق الواضح في توزيع المساحات، بالإضافة إلى ثراء الزخارف الإسلامية والنقوش القرآنية التي تُزيّن جدرانها وأسقفها.
كما لعبت المدرسة العامرية دورًا محوريًا في إبراز جماليات الخط العربي، مما جعلها من أبرز نماذج العمارة الإسلامية في اليمن خلال تلك القرون.
علنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في أواخر يوليو 2025 عن إدراج نحو 26 موقعًا طبيعيًا وأثريًا في اليمن على القائمة التمهيدية للمنظمة، كان من بينها المدرسة العامرية في رداع.
مواضيع مقترحة
-
البيضاء.. قلب اليمن المرتبطة بـ 8 محافظات
-
معالم اليمن الأثرية في مرمى التغيرات المناخية
-
مدينة شهارة.. ماضٍ مزدهر وحاضر مهمل
تاريخ المدرسة العامرية
تأسست المدرسة العامرية في مدينة رداع بمحافظة البيضاء في عام 1504 ميلادية في عهد السلطان الظافر عامر بن عبد الوهاب أحد أبرز حكام الدولة الطاهرية، وسميت المدرسة باسمه، وقد مثلت منذ إنشائها واحدة من أهم المؤسسات التعليمية والدينية في اليمن، حيث جمعت بين وظيفة المسجد والمدرسة في آن واحد، ما جعلها مركزًا للعلم والعبادة ومعلماً بارزاً في التاريخ اليمني.
أشرف على بناء المدرسة العامرية الأمير علي بن محمد البعداني، وهي ما تزال عامرة حتى اليوم، ولكنها وشيكة الخراب؛ لإهمال نظار الأوقاف لها، لاسيما بعد أن استبيحت أوقافها واستولى عليها الولاة والحكام لأنفسهم.
وكان أول من سعى في خرابها الإمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسن (صاحب المواهب) المتوفى سنة 1130هـ . فقد أراد هدمها لأنها في زعمه واعتقاده من آثار كفار التأويل، وهم لا قربة لهم، فتصدى له القاضي علي بن أحمد السماوي المتوفى برداع سنة 1117 هجرية ، وحذره من عاقبة عمله إن هو أصر على خرابها، وتلا عليه قول الله تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها).
مما تتكون المدرسة
تتكون المدرسة العامرية من من دورين: الدور الأرضي كان سكن لطلاب العلم؛ إذ أن فيه عشرين غرفة: عشر في الجهة الشرقية، وأربع في الجهة الشمالية، وست في الجهة الغربية. وهناك قاعتان بينهما ممر طويل له بابان أحدهما إلى الشرق والآخر إلى الغرب حيث كانت القاعتين تستخدم لحلقات الدرس.
كما تضم مصلى، ومقصورات للوضوء، والاغتسال، في الإيوان الجنوبي، والدور الثاني مسجد تعلوه قبة كبيرة، وحولها ست قباب صغيرة متناسقة، وأمامه من جهة القبلة فسقية وكانت المياه تندفع إليها من غيل المحجري. وجنوب قاعة الصلاة صحن المسجد، وحوله أربعة أواوين وفي الركن الجنوبي الغربي تقع غرفتان إحداهما فوق الأخرى، وربما كانتا مسكناً لشيوخ العلم.
لمحة عن الوضع الحالي
تعرضت المدرسة العامرية خلال السنوات الأخيرة لتصدعات وانهيارات جزئية بسبب الحرب، بالإضافة تأثيرات الأمطار والتغيرات المناخية التي أدت إلى تآكل أجزاء من جدرانها وزخارفها، وقد شكل هذا الوضع خطراً حقيقياً على بقاء المعلم الذي يمثل جزءاً أصيلاً من ذاكرة اليمنيين وتراهم العريق.
ومن شأن إعلان اليونسكو الأخير بضمها إلى القائمة التمهيدية أن يساهم في تحسين وضعها وإعادة ترميمها بعد أن تعرضت للخراب والدمار جراء الإهمال المتعاقب منذ سنوات طويلة.

