البيضاء.. قلب اليمن المرتبطة بـ 8 محافظات

البيضاء.. قلب اليمن المرتبطة بـ 8 محافظات

تقع محافظة البيضاء في قلب اليمن الجغرافي وترتبط بثمان محافظات أخرى من جهاتها الأربع، يعتمد سكانها بشكل أساسي على الزراعة وتربية الثروة الحيوانية، حيث تنتج المحافظة حوالي 6.4% من إجمالي المحاصيل الزراعية في اليمن.

تاريخيًا لعبت محافظة البيضاء دورًا هامًا؛ فقد سكنها الملك الحميري الشهير شمر يهرعش، وكانت مركزًا للدولة الطاهرية خلال القرن الخامس عشر الميلادي، من أبرز معالمها التاريخية في مدينة رداع: المدرسة العامرية وقلعتها الأثرية، بالإضافة إلى معلم المقرانة الأثري وحصن الجناح الأكبر الذي سكنه الأقيال.

الموقع والسكان

تقع محافظة البيضاء في الجنوب الشرقي من العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بمسافة تقدر بنحو 268 كيلومترًا، لكنها تقع على محاذاة صنعاء الريف من جهة بني ضبيان، يحدها من الشمال مأرب وشبوة، ومن الشرق أجزاء من شبوة وأبين، ومن الجنوب أبين ولحج والضالع، بينما تحدها من الغرب أجزاء من محافظات الضالع وإب وذمار.

تبلغ مساحة المحافظة حوالي 9,314 كيلومتر مربع، تُعد مدينة البيضاء مركز المحافظة، ويبلغ عدد سكان المحافظة نحو 577,369 نسمة حسب التعداد السكاني لعام 2004، بمعدل نمو سكاني سنوي يبلغ 2.39%، وتضم 20 مديرية وهي: البيضاء، ردمان، رداع، نعمان، ناطع، مسورة، الصومعة، الظاهر، ذي ناعم، الطفة، مكيراس، السوادية، العرش، ولد ربيع، صباح، الرياشية، القريشية، الملاجم، الزاهر، الشرية، المدينة (البيضاء).


      مواضيع مقترحة

التضاريس والمناخ

تتنوع تضاريس محافظة البيضاء بين الصحاري والمرتفعات الجبلية والهضاب والسهول الواسعة التي تضم أراضي خصبة.

  • المرتفعات الجبلية: تشكل المرتفعات الجبلية النمط العام لسطح المحافظة، حيث تغطي حوالي 70% من مساحتها وتبدو غالبًا على شكل سلاسل متواصلة. من أبرز هذه الجبال: جبل حيد علي (2140 مترًا)، جبل السماء (2019 مترًا)، وجبل المياسر (2040 مترًا). ومن جبال المرتفعات الشرقية: جبل مدم (1360 مترًا)، جبل عنيبة (1760 مترًا)، وجبل الهاشاش (1400 متر).
  • السهول والأودية: تشمل السهول عدة مناطق مختلفة من سطح المحافظة، وأشهرها السهول الغربية التي تغطي مساحة شاسعة من مديرية رداع، خاصة وسط وشمال المديرية. من أبرزها قاع الفيد، وتليها السهول الشمالية الغربية.

يسود المحافظة مناخ معتدل صيفًا وبارد شتاءً في المرتفعات الجبلية. أما المناطق الصحراوية، فيسودها المناخ الحار صيفًا والمعتدل نهارًا في الشتاء، مع ميل إلى البرودة ليلًا. تسقط الأمطار في فصلي الخريف والصيف في معظم مديريات المحافظة، باستثناء مديرية مكيراس وبعض الأجزاء الشمالية الشرقية حيث تقتصر الأمطار على فصل الصيف فقط.

محافظة البيضاء
مدينة جبن بمحافظة البيضاء (عبدالرحمن الغابري)

اقتصاد البيضاء

يُعد النشاط الزراعي هو الرئيسي لسكان محافظة البيضاء، وتشمل أهم المحاصيل الزراعية الحبوب المتنوعة، الخضروات، والمحاصيل النقدية. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر المحافظة ببعض الصناعات الحرفية والتقليدية. تضم أراضي المحافظة بعض المعادن الهامة مثل الحديد، التيتانيوم، رمل الزجاج، والسيليكا.

يُعتبر نشاط الرعي وتربية الحيوانات من الأنشطة السائدة للسكان بعد الزراعة، وذلك لتوفر الغطاء النباتي في معظم المديريات، وإن كان هذا النشاط يتفاوت من مديرية لأخرى. تُعد تربية الماعز والضأن الأكثر انتشارًا، وكذلك الأبقار والإبل، وتتركز هذه الأنشطة في بعض المديريات الواقعة في الأجزاء الشمالية والشمالية الشرقية من المحافظة.

تنتشر العديد من الصناعات الحرفية في مديريات محافظة البيضاء، مثل صناعة المعدات الزراعية، الجنابي، العسوب، وصناعة غزل المنسوجات والصوف.

كما تنتشر العديد من الأسواق الشعبية في مختلف مديريات المحافظة، حيث تُعرض فيها منتجات الصناعات الحرفية والمشغولات اليدوية والمنتجات الزراعية. من أهم وأشهر هذه الأسواق: سوق رداع، سوق السوادية، وسوق ذي ناعم، بالإضافة أسواق تقام أسبوعياً مثل، سوق ذي ناعم يقام الجمعة، سوق الطفة يقام السبت، سوق ناطع يقام الخميس، سوق البيضاء يقام الخميس.

البيضاء: قلب اليمن ومهد الحضارات القديمة
إحدى وديان محافظة البيضاء (فيسبوك)

التنوع النباتي والحيواني

يرتبط التنوع النباتي بكميات الأمطار المتساقطة على السطح في فصلي الصيف والخريف، ويتنوع الغطاء النباتي تبعًا لتفاعل الظروف المناخية والتركيب الصخري والطبيعي. في الشمال، تكون الأراضي عارية من الغطاء النباتي، وتسود فيها أنواع من الحشائش والنباتات. تُصنف النباتات في البيضاء إلى نوعين رئيسيين: النباتات الطبيعية الحولية والنباتات الطبيعية المعمرة.

تضم محافظة البيضاء العديد من الحيوانات، منها الطيور وأشهرها الخطاف، الحدأة، والغراب، بالإضافة إلى طيور صغيرة توجد في جنوب المحافظة. أما بالنسبة للحيوانات البرية، فتوجد الفهود والنمور في الجزء الجنوبي، وكذلك الثعالب والنسناس (أنواع من القردة الصغيرة)، والأوبار.

نبذة تأريخية

تختزن محافظة البيضاء إرثًا تاريخيًا بالغ الثراء، وارتبطت منذ القدم بالممالك اليمنية الكبرى، وتحولت عبر القرون إلى مسرح للمواجهات والتحولات السياسية والدينية.

تعود أصول أراضي البيضاء إلى منطقة “دهسم” المرتفعة التابعة لتبن، بحسب ما ورد في نقش النصر السبئي، الذي دونه المكرب السبئي الشهير “كرب إل وتر” في القرن السابع قبل الميلاد.

وفي مطلع القرن الأول الميلادي، شهدت البيضاء ظهور قبائل فاعلة كوّنت مناطق نفوذ مستقلة، مثل “بني معاهر”، “ذي خولان”، “ذي هصبح”، و”ردمان”، التي تحالفت وتصارعت وفق المصالح السياسية في مرحلة ما بعد أفول الدولة القتبانية.

برزت قبائل ردمان وخولان كقوى محلية دفعت ثمن العداء للدولة السبئية، وتحالفت مع الحضارمة في منتصف القرن الثاني الميلادي لمواجهة الملك السبئي “سعد شمس أسرع” ونجله “مرثدم يهحمد”. ورغم انتصار السبئيين في وادي بيحان، واصلت هذه القبائل مقاومتها، حتى تحالفت لاحقًا مع الدولة الحميرية الريدانية التي صعدت في القرن الثالث الميلادي، لتصبح البيضاء إحدى ركائزها.

من أبرز حواضر القبائل الحميرية القديمة في البيضاء مدينة وعلان (المعسال) في مديرية السوادية، التي عُرفت كمركز إداري وثقافي مهم، ويذكر المؤرخ “الهمداني” في كتابه “الإكليل” أن البيضاء كانت تُقسم إلى مخاليف ردمان وخولان، واشتهرت باسم “بيضاء حصى”، كونها جزءًا من أملاك سرو مذحج، قبل أن تتحوّل إلى البيضاء الحديثة في القرن السادس عشر الميلادي.

شهدت البيضاء خلال دولة بني رسول (1228–1453م) انتعاشًا علميًا وعمرانيًا ملحوظًا، تمثل ببناء المساجد والمدارس مثل مدرسة البعدانية في رداع. كما استمرت النهضة في عهد دولة بني طاهر (1453–1538م)، الذين أسهموا في تشييد مدرسة العامرية، رباط البغدادية، وسدود مائية متنوعة.

ومع سقوط الدولة الطاهرية، دخل العثمانيون البيضاء وشيدوا عددًا من القلاع والحصون الدفاعية، بعض منها ما يزال قائمًا حتى اليوم.

مسجد ومدرسة العامرية في رداع البيضاء وسط اليمن

المعالم الأثرية والسياحة

يوجد في البيضاء معالم سياحية وطبيعية وأثرية متنوعة، حيث تمتزج فيها جغرافيا الجبال والوديان بروائع التاريخ اليمني الضارب في القدم، ومن مدرسة العامرية إلى وادي شرجان، إرث تأريخي عريق.

وتضم البيضاء كثير من المواقع الأثرية والتأريخية، وأبرزها مدينة رداع التي تعد من أهم المواقع التاريخية التي تحضي بالزيارة، وقد سكنها الملك الحميري الشهير “شمريهرعش” وكانت مركز الدولة الطاهرية خلال القرن الخامس عشر الميلادي.

ومن أهم معالم رداع مدرسة العامرية وقلعتها الأثرية ومن المعالم التاريخية (المقرانة)، ومن الحصون حصن الجناح الأكبر الذي سكنه الأقيال، بالإضافة إلى مسجد ومدرسة البعدانية والتي بنيت في عهد الدولة الرسولية، وأيضا مسجد ومدرسة البغدادية، مسجد العوسجة، ومدينة ريام التاريخية.

من المعالم الأثرية والتاريخية الأخرى المنتشرة يوجد في مدينة البيضاء قلعة البيضاء، سوق شمر، وفي مديرية مكيراس، وادي وسد شرجان، سد وادي شرجان، وفي الصومعة: مدينة حصي (السرو)، وفي السوادية: ردمان وعلان (المعسال) قلعة السوادية، وفي الزاهر حصن قيس، جبل سودة.

تمتاز البيضاء بوجود عدة ينابيع معدنية وكبريتية طبيعية تُستخدم كمواقع علاجية، يزورها الموطنين للاستفادة من خصائصها الصحية، حيث تساعد مياهها وأبخرتها في علاج أمراض الجلد، وتنشيط الدورة الدموية، والتخفيف من آلام الروماتيزم.

الكاتب

مواضيع مقترحة: