عدن عرفت بالعاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن، وتُعرف بـ “أرض النسيم والبحر”، جمعت المدينة بين الأنشطة الصناعية والسمكية والتجارية والسياحية والخدمية، وتنبع أهميتها من كونها ميناءً تجاريًا مهمًا ومنطقة تجارة حرة إقليمية ودولية.
كانت قبل الميلاد ميناء تجاريا مهما، وقيل إن اسمها ورد في التوراة والإنجيل كما وجد في النقوش المسندية، ووصفها ابن خلدون بأنها “من أمنع مدائن اليمن”، وكان موقعها الإستراتيجي يخلق صراع بين القوى الإستعمارية حيث سيطرت قديماً على الطرق البحرية في العالم.
تنفرد عدن بالعديد من المناطق السياحية، من أهمها صهاريج الطويلة، وقلعة صيرة، وجامع العيدروس، ومنارة عدن. كما تتميز المدينة بشواطئها السياحية الجميلة والجذابة. المناخ في المحافظة حار نسبيًا خلال أيام السنة، حيث يصل متوسط درجة الحرارة السنوية في عدن إلى حوالي 29 درجة مئوية.
مواضيع ذات صلة
-
محمية الحسوة في عدن: وجهة الطيور تحتاج إنقاذ
-
لحج.. بلاد الكاذي ومعقل الحضارة القديمة
-
جزيرة سقطرى: جنّة اليمن الواقعة بين البحر والمحيط
الموقع والسكان
تقع محافظة عدن على ساحل خليج عدن، بين دائرتي عرض 12 و 47 شمال خط الاستواء، تبعد عن العاصمة صنعاء مسافة تصل إلى حوالي 363 كيلومترًا.
وتعد مدينة كريتر هي مركز المدينة التي تقع على فوهة بركان خامد ومنه أشتق اسمها بالإنجليزية، كما يطلق عليها اسم “عدن القديمة” لما تتميز به من مباني آثرية وأسواق عتيقة وشوارع ضيقة جميلة.

تبلغ مساحتها حوالي 750 كيلومترًا مربعًا، تتوزع على ثماني مديريات حسب التقسيم الإداري لعام 2004 وهي: دار سعد، الشيخ عثمان، المنصورة، البريقة، التواهي، المعلا، كريتر، خور مكسر.
يبلغ عدد سكان محافظة عدن نحو 589,419 نسمة، وينمو السكان سنويًا بمعدل 3.77%. يشكل سكانها ما نسبته 3% من إجمالي سكان الجمهورية، بحسب التعداد السكاني لعام 2004.
وكان النمو السكاني في عدن مضطرد لعوامل كثيرة تتصل بالهجرة من مناطق الأرياف المحيطة بها ، بالإضافة الى تواجد عدد كبير من الأجناس المختلفة عبر الهجرة الخارجية للعمل في كثير القطاعات الحيوية فيها وتحديداً في كبرى الشركات العالمية التي كانت متواجدة ولها أنشطة مختلفة في عدن.
موقعها الإستراتيجي جعلها تهمين قديما على الطرق البحرية، وكانت مرسى للسفن القادمة من الشرق أو الغرب ومرفأ لإصلاحها، وأيضا خلق هذا تنوع في السكان من أصول مختلفة عربية وأفريقية وهندية، وكان فيها جالية يهودية وهندوسية وزرادشتية.
التضاريس والمناخ
عدن مدينة ساحلية تطل على خليج عدن، الذي ينفتح بدوره على المحيط الهندي، ساعد شكل مدينة عدن كشبه جزيرتين على تميزها بظاهرة نسيم البر والبحر.
تحدث هذه الظاهرة بفعل التبادل الهوائي بين اليابسة والماء أثناء الليل والنهار، كما أثر موقعها من السطح المائي على المدى الحراري اليومي والسنوي، مما لا يعني عدم وجود فروق كبيرة في درجات الحرارة بين الصيف والشتاء.
ينحدر سطح مدينة عدن باتجاه الجنوب، وتظهر هذه المرتفعات في الجزء الجنوبي من المدينة متمثلة في مرتفعات جبل شمسان التي تزيد أعلى قممها عن 500 متر، ومرتفعات جبل إحسان وجبل المزلقم في عدن الصغرى، وهي أقل ارتفاعًا من جبل شمسان.
ولا تختلف مرتفعات عدن عن بقية مرتفعات اليمن من حيث التكوين، فهي ذات أصل بركاني. وبالرغم من احتلال المرتفعات الجبلية مساحات كبيرة من المدينة، إلا أن تأثيرها ضعيف ومحدود في مناخ مدينة عدن.
تقع مدينة عدن ضمن المنطقة المدارية، وبذلك تحصل على أكبر كمية من الإشعاع الشمسي على مدار العام تقريبًا. ساعد على ذلك سطحها المكون من صخور بركانية وسطح مكشوف محاط بمسطح مائي كبير في أن يكون له دور فعال في كميات الإشعاع الشمسي المستلمة والمفقودة.
التوازن الإشعاعي لمدينة عدن إيجابي بحكم عامل الانخفاض، حيث تتحقق أعلى قيم للتوازن في هذه المناطق بسبب الارتفاع الملحوظ في نسبة بخار الماء في الجو وكذلك بسبب سمك الغلاف الجوي. ونظرًا لموقع عدن الفلكي وما يترتب عنه من وجود فائض للطاقة، وبحكم جفاف المنطقة الساحلية، فإن هذا الفائض من الطاقة جعل المدينة غنية بمصادر الطاقة الحرارية الشمسية، وهذا يسلط الضوء على إمكانية استغلالها مستقبلاً في مدينة عدن.
أما مناخ المحافظة فهو حار نسبيًا خلال أيام السنة، إذ يصل متوسط درجة الحرارة في عدن خلال أيام السنة إلى حوالي 27 درجة مئوية، وتبلغ نسبة الرطوبة بين 62% و 73%. وتهطل الأمطار فيها بصورة عامة قليلة، وغالبًا ما تكون الأمطار شتوية ربيعية وتهطل بندرة في فصل الصيف.

اقتصاد عدن
عرفت مدينة عدن بالعاصمة الاقتصادية والتجارية للجمهورية، وأول منطقة حرة تجارية وصناعية في اليمن ومينائها الرئيسي على البحر العربي، وبذلك تمثل محافظة عدن حالة نموذجية لتكامل النشاط الاقتصادي وتنوع البنيان الإنتاجي.
وتمثل المنطقة الحرة في عدن، بوابة اليمن الاقتصادية ونقطة التقاء قارتي آسيا وأفريقيا، وتكتسب المنطقة الحرة أهميتها الإستراتيجية من الموقع الخاص لميناء عدن الجغرافي كونه يقع مباشرة على الطريق التجاري الرئيسي حول العالم.
ويتميز بإمكانية توفير خدمات الترانزيت إلى شرق أفريقيا والبحر الأحمر وشبه القارة الهندية والخليج العربي، وتمثل المنطقة الحرة منطقة تخزين وتوزيع مناسبة لأفريقيا والبحر الأحمر والخليج العربي.
تكمن أهمية عدن من شهرتها ومكانتها كميناء ومنطقة تجارية إقليمية ودولية لتميز موقعها الجغرافي ووقوعها على خط الملاحة الدولي، حيث استعادت فاعليتها منذ عام 1999 بعد افتتاح محطة الحاويات وازدهرت حركة النقل البحري وخدمات الموانئ وتموين السفن، فضلاً عن تجارة الترانزيت وإعادة التصدير.
يتمثل نشاط الصناعة في عدن من مجموعة المصانع والوحدات الإنتاجية وفي طليعتها مصفاة النفط حيث تعتبر مصفاة البترول في عدن من أوائل المصافي التي أنشئت في المنطقة وبدء في تشغيلها عام 1954م.
وتتبع شركة مصافي عدن مرافق متكاملة مثل الميناء الخاص بناقلات النفط، وشبكة كبيرة من صهاريج التخزين، ومركز لتموين السفن بالوقود، كما تضم العديد من منشآت الصيد البحري على سواحل المحافظة التي تتميز بوفرة الأسماك وتنوعها.

نبذة تأريخية
هيمنت مدينة عدن تاريخيا على الطرق البحرية، وكانت مرسى للسفن القادمة من الشرق أو الغرب ومرفأ لإصلاحها، وكان موقعها نقطة مهمة في طريق التجارة العالمية قبل الميلاد، فتعاقبت عليها حضارات مختلفة وممالك عديدة مثل: مملكة أوسان وسبأ وحمير وأكسوم.
وفي العهد الإسلامي خضعت لدول عديدة، فتعرضت لحملة برتغالية في القرن الخامس عشر الميلادي خلال حكم الأيوبيين، وخضعت لحكم العثمانيين لكنهم طردوا منها عام 1644.
خضعت أيضا للاحتلال البريطاني في القرن التاسع عشر، وأعلن ستافورد هاينز عدن منطقة حرة، وعرفت رواجا تجاريا ونشاطا اقتصاديا وتطورا في العمران بعد ثلاثة قرون من الركود، واستوطنها في هذه الفترة تجار يهود وفرس وهنود.
أصبحت عدن في خمسينيات القرن العشرين من أكثر موانئ العالم نشاطا، وبعد مقاومة وثورة ضد الاحتلال خرجت بريطانيا من عدن عام 1967، ولما أعلنت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية اتخذت من عدن عاصمة لها، وكان ميناؤها مصدر دخلها الرئيسي.
وقد كان لدور عدن التجاري هذا أثراً كبيراً في إزدهار الحياة الثقافية نتيجة لإنفتاحها على العالم والتأثر بالكثير من الثقافات الأخرى لعدد من الدول العربية والأجنبية، وما تزال آثار المزيج الثقافي الغريب في المدينة من المعابد الهندوسية والكنائس المسيحية والمعابد اليهودية تقف أمام اختبار الزمن للبقاء كشهادة مذهلة على ثقافة التسامح والتعايش وتعكس صورة أكبر للأيام التي كانت فيها عدن على مفترق طرق العالم.
السياحة والمعالم الأثرية
تضم محافظة عدن العديد من المعالم السياحية الكثيرة والمتنوعة وتتميز بالشواطئ الجميلة والجذابة، بالإضافة إلى المواقع الأثرية والتأريخية التي تحكي قصة التعايش في المدينة الساحلية.
ففي مديرية التواهي: تنتشر في المديرية العديد من المنشآت الخدمية السياحية والمنتزهات، ومنها منطقة “خرطوم الفيل” وهو عبارة عن قوس طبيعي يقع في خليج الساحل الذهبي (جولد مور)، تكون من جراء تآكل صخور الأسكوريا (scoria)، بالإضافة إلى عدد من الجزر القريبة من الشاطئ.

وتمتلك المحافظة شواطئ ساحلية جميلة:
- الساحل الذهبي: يوجد في المنطقة الواقعة بين جبل خليج الفيل وجبل هيل في مديرية التواهي، ويتميز برماله ذات اللون الذهبي التي تلمع تحت أشعة الشمس، وكان أثناء الإحتلال ملاذًا سياحيًا راقيًا للضباط البريطانيين، لا يزال الساحل يحتفظ بجاذبيته.
- ساحل أبين: الذي يقع في خور مكسر ويمتد الشاطئ مسافة كبيرة، ويعد أطول شواطئ أو سواحل محافظة عدن، ويتميز بروعة منظره حيث رماله الناعمة ومياهه الصافية، ويقع بمحاذاة كورنيش خور مكسر، وتوجد به العديد من الاستراحات.
- ساحل كود النمر: يمتاز الساحل بمساحته الواسعة التي تمنح الزائر إطلالة ساحرة على البحر من جهة، وعلى الجبال من الجهة الأخرى، ويعد ملاذًا مثاليًا للاسترخاء والاستمتاع بأنشطة بحرية في أجواء آمنة ونقية.
أما المعالم الأثرية والتاريخية في المحافظة فهي كثيرة، وذلك لما مرت به المنطقة من أحداث عبر مراحل التاريخ، وأهم المواقع الأثرية والمعالم التاريخية في محافظة عدن، أبرزها صهاريج الطويلة، وسدود هضبة شمسان (سدي بحيرة الخساف، سدود وادي الطويلة، سد بستان الفرس)، ومنارة عدن، ومسجد أبان، ومسجد العيدروس.
بالإضافة إلى المعالم الأثرية في جبل حديد الذي يضم العديد من القلاع والحصون وتعود تاريخها إلى عصور الأيوبيين والأتراك والاحتلال الإنجليزي، وتبرز قلعة صيرة في المدينة والتي تعد واحدة من أقدم القلاع التاريخية التي كانت تستخدم للدفاع عن المدينة، بالإضافة إلى ميناء عدن التاريخي، محطة رئيسية للسفن التجارية منذ العصور القديمة، وباب عدن الذي يعد رمز تاريخي يعبر عن أصالة المدينة وأهميتها التجارية.