تُعدّ محمية جبل إرف الطبيعية في محافظة لحج جنوبي اليمن، واحدة من أهم الكنوز البيئية في البلاد، بتنوعها البيولوجي الفريد ووجود غابات العرعر النادرة.
على الرغم من اختيارها محمية طبيعية، إلا أنه لم يتم الإعلان عنها رسميا من قبل الحكومة اليمنية، إذ أنها اليوم تواجه تحديات جسيمة تهدد بقاءها، بدءًا من التصحر والاحتطاب الجائر وصولًا إلى التهديدات الأمنية التي تعيق جهود الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي الثمين.
مواضيع مقترحة
-
لحج.. بلاد الكاذي ومعقل الحضارة القديمة
-
السياحة الريفية في لحج: تاريخ عريق وطبيعة متنوعة
-
جوامع لحج الأثرية: تصدعات وسطو وإهمال متعاقب
الموقع الجغرافي
تقع محمية جبل إرف في السفوح الشمالية الغربية لسلسلة جبال منطقة المقاطرة بمحافظة لحج، عند الحدود المتاخمة لمنطقة القبيطة. تتميز بموقعها الذي يعتبر نقطة التقاء المناطق الساحلية الجافة والحارة بالمناطق الجبلية الباردة والرطبة، مما يمنحها تنوعًا بيئيًا فريدًا.
وتبلغ مساحة محمية جبل ارف حوالي 400 هكتار (4 كيلومترات مربعة). ويصل عدد السكان بحوالي 800 نسمة يقطنون المحمية، موزعون على 16 قرية سكنية صغيرة.
مناخ محمية جبل إرف
تتمتع محمية جبل أرف بمناخ فريد يجمع بين خصائص المناخ المداري وشبه الرطب، وذلك لموقعها الاستراتيجي في السفوح الشمالية الغربية لسلسلة جبال المقاطرة.كما يتميز مناخها بتنوعه بين الحرارة في الصيف والبرودة النسبية في الشتاء، مع هطول أمطار متوسطة إلى جيدة، ووجود ضباب مكثف يساهم في الحفاظ على رطوبة المنطقة، مما يجعله بيئة مناسبة لنمو أشجار العرعر.
تتنوع درجات الحرارة في المحمية ففي الصيف كما يكون الجو حارًا نسبيًا وفي الشتاء باردًا نسبيًا ويصل معدل الهطول السنوي للأمطار في غابة أرف ما بين 400 – 600 مليمتر.
كما يعتمد اقتصاد على الزراعة بدرجة أساسية إذ يمارس السكان زراعة بعض المحاصيل مثل الخضروات الورقية والساقية (مثل السبانخ، الخس)، والحمضيات (الليمون، البرتقال)، والتوابل والمحاصيل العطرية (مثل القرفة والزنجبيل)، وبعض محاصيل الألياف.
كما يعمل البعض في تربية الثروة الحيوانية إذ تضم المحمية قطعانًا من الماعز والأغنام والأبقار والحمير، مما يشير إلى أن تربية الماشية تشكل مصدر دخل للسكان بالإضافة إلى تربية النحل.
التنوع الحيواني والنباتي
تعد محمية جبل أرف، على الرغم من مساحتها المتواضعة والتحديات التي تواجهها، موطنًا لتنوع بيولوجي مهم يعكس طبيعتها الجبلية وموقعها الجغرافي الفريد.
التنوع النباتي: تتميز المحمية بوجود غطاء نباتي يشتمل على أنواع متنوعة من الأشجار والشجيرات والنباتات العشبية، يتأثر بشكل كبير بارتفاع الجبل ومعدلات الأمطار والرطوبة.
أشجار العرعر (Juniperus): هي العنصر الأبرز والأكثر أهمية في الغطاء النباتي للمحمية. تشكل غابات العرعر نظامًا بيئيًا حيويًا، وتتميز بقدرتها على التكيف مع الظروف الجبلية وتوفير موائل للعديد من الكائنات.
النباتات العشبية: تتنوع النباتات العشبية تبعًا للمواسم وكمية الأمطار، وتشمل الأعشاب المتكيفة مع الرعي، وبعض النباتات المزهرة التي تظهر بعد هطول الأمطار.
التنوع الحيواني: تعتبر المحمية ممرًا للعديد من الطيور المهاجرة، كما أنها موطن لأنواع مقيمة حيث تشمل الطيور الموجودة مثل النسور والصقور وأنواع مختلفة من الجوارح التي تتواجد في المناطق الجبلية.
المقومات السياحية
تمتلك محمية جبل أرف العديد من المقومات السياحية التي تجعلها وجهة محتملة للسياحة البيئية أبرزها التنوع البيولوجي الفريد: تُعد المحمية موطنًا لأشجار العرعر النادرة، التي تُشكل غابات كثيفة وتُضفي جمالًا طبيعيًا خاصًا. هذا التنوع النباتي، إلى جانب وجود أنواع مختلفة من الطيور (مثل النسور والصقور).
يتميز جبل أرف بمناخ معتدل يجمع بين خصائص المناخ المداري وشبه الرطب، مع هطول أمطار جيدة وضباب كثيف، مما يوفر أجواءً منعشة ومناسبة للاستكشاف، خاصة خلال فصول الربيع والخريف بالإضافة الموقع الجغرافي المتميز.
أشجار العرعر
تُعد أشجار العرعر (Juniperus) مكونًا نباتيًا حيويًا في محمية جبل أرف، وهي أشجار صنوبرية دائمة الخضرة تزدهر في المناطق الجبلية المرتفعة، خاصة تلك التي تتميز بالرطوبة العالية والتصريف الجيد للمياه.
خصائص أشجار العرعر في جبل أرف تتمتع أشجار العرعر بخصائص مميزة تجعلها تتكيف مع بيئتها الجبلية:
- المظهر العام: أوراقها إبرية سميكة وجلدية، ذات لون أخضر داكن يمنحها مظهرًا جذابًا على مدار العام.
- الجذوع: تتميز الجذوع في الأشجار الفتية بكونها ملساء ومستديرة. مع تقدم العمر، تصبح أكثر سمكًا والتواءً، وتتخللها عروق وتعرجات مميزة.
- الارتفاع: يتراوح ارتفاع الشجرة عادةً بين 3 و6 أمتار، وقد يصل إلى 10-12 مترًا في بعض الأنواع أو الظروف البيئية الملائمة.
- الثمار: تُنتج أشجار العرعر ثمارًا زرقاء صغيرة تشبه التوت، وتُستخدم في العديد من الأغراض.
- الرائحة: تتميز هذه الأشجار برائحتها العطرية الفريدة والمنعشة، الناتجة عن الزيوت الطيارة التي تحتويها.
- الجذور: تمتلك أشجار العرعر جذورًا قوية ومتعمقة تساعدها على تثبيت التربة ومنع انجرافها، كما تُمكّنها من تحمل فترات الجفاف.
- التحمل: تُعرف بقدرتها العالية على التكيف مع الظروف البيئية القاسية، مثل الجفاف والتقلبات الكبيرة في درجات الحرارة.
- التعمير: تُصنف ضمن الأشجار المعمرة، حيث يمكنها أن تعيش لمئات أو حتى آلاف السنين، مما يجعلها جزءًا أصيلاً من التراث الطبيعي للمحمية.
أهمية أشجار العرعر في محمية جبل أرف للنظام البيئي، تعمل أشجار العرعر على تثبيت التربة إذ تساعد جذورها العميقة والمتشعبة في تثبيت التربة ومنع انجرافها، وتحسين خصوبتها.
كما تعمل على دعم الحياة البرية إذ توفر موائل طبيعية للعديد من أنواع الحياة البرية، وتعتبر ثمارها مصدرًا غذائيًا مهمًا للطيور والفقاريات الصغيرة.
لمحة عن الوضع الحالي
على الرغم من أهميتها البيئية، إلا أن محمية جبل أرف تواجه اليوم العديد من التحديات، منها الإهمال وعدم الاهتمام إذ لم تلق المحمية العناية الكافية من قبل السلطات المتعاقبة .
كما تواجه المحمية خطر التصحر والاحتطاب الجائر، إذ تتعرض المحمية لتصحر غير مسبوق في غطائها النباتي بسبب الاحتطاب الجائر للأشجار والرعي الجائر.
و تواجه محمية جبل ارف تهديدات بسبب الحرب وتواجد مجموعات مسلحة فيها، مما يؤثر على جهود الحفاظ عليها وصعوبة الوصول إليها بالإضافة إلى وعورة الطريق وغيرها من العوائق والتحديات.
وفي أواخر يوليو 2025 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو نحو 26 موقعًا طبيعيًا في اليمن على القائمة التمهيدية من بينها محمية جبل أرف الطبيعية.