كشف تحقيق أجرته “منصة ريف اليمن” عن تفشي حالات تصبغ الأسنان وهشاشة العظام بين سكان محافظة الضالع جنوبي اليمن، ولا سيما الأطفال، جراء تلوث مياه الشرب بنسب مرتفعة من الفلوريد تتجاوز الحد المسموح به.
حسب منظمة الصحة العالمية، فإن النسبة الآمنة للفلوريد في المياه تتراوح بين 0.5 و1.5 ملغ/لتر، فيما تُعد نسبة 0.7 مثالية للصحة، غير أن مختبر مراقبة جودة المياه في الضالع سجّل مستوى بلغ 17 ملغ/لتر في قرية حبيل الجلب بمديرية الحصين خلال النصف الأول من عام 2025، ارتفاعاً من 13.5 ملغ/لتر في آخر فحص عام 2021.
في حديث لـ”ريف اليمن” يقول فيصل محسن، وهو من قرية المرفد في مديرية الحصين، إن اثنين من أبنائه ظهرت عليهما صعوبات في المشي وتقوس في الساقين منذ الطفولة، مضيفاً أن “الفحوصات أظهرت نقصاً حاداً في عنصري المغنيسيوم والكالسيوم تسبب بإعاقة دائمة لهما”، وأكد تقرير طبي أن الحالتين تعودان إلى الآثار المتقدمة لارتفاع تركيز الفلوريد.
ولا تقتصر الكارثة على المضاعفات الجسدية، بل تشمل الجوانب النفسية والاجتماعية، إذ قال مدير مكتب الصحة في الضالع محمد إن “العديد من الفتيات المصابات يعانين من عزلة اجتماعية ويُحرمن من الزواج بسبب تشوهات الأسنان والعظام”.
ويضيف مثنى لـ”ريف اليمن” أن “العديد من الفتيات يشعرن أنهن عبء على أسرهن ومجتمعهن، في ظل العجز عن ممارسة حياة طبيعية، أو حتى الاندماج في المجتمع”.
وتوصي الصحة العالمية بعدم ترك مستويات الفلوريد في مياه الشرب للصدفة، بل تعديلها صناعياً. فإذا كانت أقل من 0.7 ملغ/لتر تضاف مركبات مثل فلوريد الصوديوم لتعزيز حماية الأسنان، أما إذا تجاوزت 1.5 ملغ/لتر فيتم إزالتها بتقنيات مثل الفحم المنشط أو الألومينا النشطة أو أنظمة التناضح العكسي.
وتوصل التحقيق إلى أن هذه الكارثة تتطلب تدخّلاً حكومياً عاجلاً لفحص ومعالجة مصادر المياه، ودعم المجتمعات المحلية بحلول عملية، فضلاً عن إطلاق حملات توعية صحية في المدارس والمراكز المجتمعية.