ثُلاء مدينة يمنية تاريخية، يرجع تاريخها إلى فترة مملكة حِمير، وهي واحدة من خمس مدن ضمن مواقع التراث العالمي المؤقتة في اليمن في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
تقع ثلاء على بعد 50 كيلومترا شمال غرب العاصمة صنعاء، وتتبع إداريا محافظة عَمران، وقد بلغ تعداد سكانها 7462 نسمة بحسب إحصاء عام 2004، وتقع على ربوة مربعة الشكل في الشمال الغربي لمدينة صنعاء، أسفل السلسلة الجبلية الممتدة شرقا باتجاه سلسلة جبال كَوْكَبان وجبل حَضور الشيخ وذيبين، التي تشكّل الحدود الجنوبية الغربية لقاع البَون، وتقع مدينة عَمران شمالها ومدينتا شِبام وكوكبان جنوبها.
ويرى مؤرخون أن المدينة قد سُميت باسم (ثلا بن لباخة بن أقيان بن حمير الأصغر)، ويرجّح آخرون أن اسمها قد اشتق من “ثلئ” أي كثير المال، ثم خُففت إلى “ثلا” على الألسن، واشتهرت بهذه الصيغة.
وكانت ثلاء في فترات العصور التاريخية المختلفة وحتى بداية القرن العشرين من أهم المواقع الحصينة، ففي العصر الإسلامي كانت المدينة، بسبب موقعها الحصين بالقرب من مدينة صنعاء، تقدم ملجأ حصينا عند الحاجة.
ويوجد في مدينة ثلاء، التي تم إضافتها إلى قائمة التراث العالمي في اليونسكو في يوليو 2002 في فئة الثقافة، آثار حميرية قديمة، منها حصنها المنيع المعروف بحصن الغُراب الذي يسيطر على المدينة، ويرتفع عن سطح البحر بـ2960 مترا. وفي الجزء الشرقي من الحصن مسجد جميل وبالقرب منه برج عال.
وتشغل المدينة الحالية مساحة تقدر بعشرين هكتارًا، وهي محاطة بسور من الحجر يبلغ طوله 1162 مترا تقريبا. يتخلّل السور ستة وعشرون برجا بعضها دائري وبعضها نصف دائري، ويمكن الدخول إلى البرج بسلّم يؤدّي إلى ممر ينتهي بغرفة مزوّدة بعدد من المزاغل لرمي السهام.
وللمدينة تسعة مداخل تفتح في السور هي: باب المشرق وباب الفَرضة وباب السلام وباب الهادي وباب الحامد وباب الميّاح والباب الجديد وباب إبراهيم وباب الفرضة الجديد وباب الحصن. يكتنف كل باب برجان منيعان.
خمسة من هذه المداخل التسعة استُحدثت على ما يبدو في القرن العشرين، وهذا يعني أن عدد الأبواب الأصلية للمدينة كانت أربعة أبواب فقط. ومن أبرز البرك المائية بركة جعدان جنوب المدينة، وكذلك بركة باب الميّاح في الجزء الشمالي الغربي من المدينة الذي يعود تاريخ بنائها إلى ما قبل 2000 عام.
وتقدم مدينة ثلاء نموذجا من المدينة اليمنية الإسلامية في التخطيط العام وطرق ومواد البناء. ومنشآت ثلاء المعمارية مختلفة، فمنها الدينية كالمساجد والقباب، والعمائر المدنية كالسوق والمنازل والحمامات العامة، والمنشآت الحربية كالحصن والخندق والسور، والأبراج هي العناصر الرئيسية التي توجد في المدينة العربية الإسلامية، لكنها في اليمن تختلف، لا سيما في المباني السكنية والحربية عن غيرها في التخطيط ومواد البناء، والمكونات المعمارية لكل منشأة وأسسها وتقسيماتها من الداخل والخارج، وحتى في بعض العناصر الزخرفية المستخدمة في تزيين هذه المنشآت التي تقدّم طرازا معماريا يمنيا متميزا مستمدا من تراث معماري تتوارثه الأجيال منذ أكثر من أربعة آلاف عام.
ويوجد في مدينة ثلاء عدد من الآثار، وأبرزها:
حصن ثُلاء:
وهي قلعة أثرية موغلة في القدم، يوجد بسطحها بركتان مقضَّضتان محفورتان في الصخر، وهما بركة المباح وبركة جعران، كما توجد برك أخرى محفورة في الصخر وكثير من المدافن والمنازل والمقابر المحفورة في الصخر أو المبنية بالحجارة، وما بين 375هـ-450هـ عُمل على ترميم وتوسيع مدرج الحصن وبوابتيه وأسواره وعدد من المباني والأبراج.
حصن الغريب:
يُعد حصن الغريب علامة مميزة لثلاء، فلا يمكن للزائر عند زيارة المدينة أن يستثني الحصن من الزيارة، وهو قلعة أثرية قديمة يعود إلى قبل نحو 2500 سنة. وفي أعلى الحصن أبراج منيعة، وداخل أسواره خزانات للمياه ومخازن للحبوب والمواد الغذائية ومساحات صغيرة كانت تستخدم في الزراعة، ولهذا كان يستخدم مكانا للتحصّن من الأعداء.
الجامع الكبير:
ويُعد من أهم معالم بالمدينة الجامع الكبير، ويعود تاريخ إنشائه إلى فترة مبكرة من بداية العصر الإسلامي، ويصعب تحديد تاريخه بشكل دقيق بسبب الإضافات والتجديدات التي تمت في البناء القديم، حتى إنه لا يعرف أين يقع مكانه بالضبط، فجدران الجامع ومنشآته أصبحت متداخلة ومختلطة إلى حد كبير، ومن خلال الوصف المعماري للجامع سوف نحاول أن نوضح ذلك قدر الإمكان.
ويقع الجامع على تل مرتفع في وسط المدينة، ويمكن الوصول إليه من ممر صاعد حيث تطل واجهته الجنوبية على فناء واسع مكشوف، وفي الناحية الغربية منه إيوان مستطيل الشكل، يفتح بعقدين نصف دائريين وعلى هذا الفناء زخرفة فتحية العقد الجنوبي بكتلة نباتية ضخمة على هيئة ورقة نباتية خماسية تعلوها فتحة مستديرة تكتنفها من الناحيتين حليات معمارية متدلية إلى الأسفل.
المصدر: مواقع إلكترونية