أعلن يوم الأغنية اليمنية في الأول من يوليو/ تموز 2021م، وتم الاحتفال به لأول مرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وجاء للحفاظ على الهوية الثقافية، وردا على الحملات القمعية بحق الفنانين، وكثير من التحديات التي تواجه الفن الغنائي اليمني المتنوع.
وأعلن الاحتفاء بالأغنية اليمنية في بيان في 26 يونيو 2021 “انطلاقا من اهتمامنا الشديد بالهوية اليمنية والتراث والثقافة اليمنية، قرر مجموعة من الأصدقاء والفنانين والشعراء والملحنين والناشطين والمؤثرين إطلاق ما أسميناه بـ “يوم الأغنية اليمنية” في الأول من يوليو كل عام”.
وسنوياً يشارك الآلاف من اليمنيين هواة الموسيقى مقاطع من أشهر الأغاني التراثية وصور كبار المطربين والملحنين، وتغطي ذلك وسائل الاعلام المسموعة والقنوات الفضائية والمواقع الالكترونية المحلية، هذا اليوم المرتبط بالذاكرة السمعية للفن اليمني العريق.
لماذا يوم الأغنية اليمنية؟
ولد “يوم الأغنية اليمنية” مجسّداً ما يحيط بواقع الغناء اليمني. ففي الداخل، يواجه الغناء حرباً شعواء لحظره وإخفائه من الفضاء العام. فيما يتعرض من الخارج لعمليات استيلاء، لتظهر أغاني في الخليج منحولة من الغناء اليمني، ومنسوبة إلى غير مصدرها.
وأصبح التراث الفني اليمني مهددا لأسباب أهمها عزوف الكثير من الشباب عن هذا النوع من الفن، غياب الاهتمام من قبل جهات الاختصاص، وأيضاً عمليات السطو وغياب دور الحكومة اليمنية في أرشفة وتوثيق هذا الفن للحفاظ على ما بقي منه.
لكن ما الذي يجعل اليمنيين يحتفون بالغناء في مرحلة حرجة؟ الجواب وفق الكاتب أحمد الأغبري، “أن الأغنية استطاعت أن تحتوي مراحل التحول في تاريخهم الحديث، وبقيت معبّرة عن جمال نضجهم الإبداعي شعرا ولحنا وغناء؛ وبالتالي يجدون فيها ما يعبّر عن إمكانية استعادة بلدهم من بين فكي الحرب؛ لاسيما مع ارتباط الأغنية بإيقاعات شعبية قريبة من الذاكرة الجمعية.
وفي عام 2023 أعلنت منصة الأرشيف اليمني، عن إمكانية الوصول إلى كلمات 4370 أغنية يمنية تم جمع كلماتها في النسخة التجريبية الثانية من موسوعة الغناء اليمني. وسط دعوات من مثقفين إلى توثيق الغناء اليمني.
تأريخ الأغنية اليمنية
“تاريخ الأغنية اليمنية تاريخ طويل يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، فالأغنية الصنعانية مثالًا، يزيد عمرها عن خمسمائة عام، وإن كانت الأغنية الحضرمية واللحجية حديثتي العهد إلا أنهما تعتبران أيضًا من أقدم الفنون في الجزيرة العربية”. وفقًا لمقدمة كتاب “الأغنية اليمنية المعاصرة” للفنان اليمني طه فارع (الطبعة الأولى، 1993).
واشتهر اليمن بالغناء عبر تاريخه الطويل، ويذكر المسعودي أن اليمن عرف نوعين من الغناء ‘الحميَري، والحنَفي‘ لكنهم -أي اليمنيين- كانوا يفضلون الحنفي، وكانوا يسمون الصوت الحسن بـ‘الجدن‘، وأخذ هذا الاسم من علي بن زيد ذي جدن، أحد ملوك حمير الذي يعود إليه غناء أهل اليمن، ولُقب ذي جدن لجمال صوته.
ويذكر محمد باسلامة أن تاريخ الغناء في اليمن يعود إلى أيام الحضارة السبئية والمعينية إذ شهدت هذه الحضارات استخداماً واسعاً للآلات الموسيقية التي وجدت صورها على شواهد القبور منحوتة في حجر من الرخام والجير، وكانت النساء هن اللاتي يعزفن على تلك الآلات. وفق الباحث اليمني زيد الفقيه.
واشتهر المغنون اليمنيون في عصور مختلفة؛ ففي نهاية العصر الأموي وبداية العصر العباسي اشتهر منهم ابن طنبور الذي عُرف بالغناء الخفيف المسمى الهزج، ووصفه المؤرخون بأنه كان أهزج الناس، وذكر الأصفهاني في كتابه الأغاني من الأصوات ثلاثة: العربية، واليمانية، والرومية. ولكن ظل السجل الطربي في اليمن فارغاً حتى نهاية دولة بني نجاح في زبيد.
ويؤرخ ظهور الأغنية الحديثة في شمال اليمن بظهور الشيخ سعد عبد الله الذي كان يحفظ ثلاثة آلاف مقطوعة شعرية غنائية، ووصف بأنه “أطرب بغنائه الناس والعصافير”. قبل أن يقتل سنة 1919، عندما حاصر الإمام يحيى صنعاء لطرد الأتراك.
أما في المحافظات الجنوبية من اليمن، فقد ظهرت كوكبة من الفنانين إبان الاحتلال البريطاني لعدن (1839 – 1967)، وكان الطرب والغناء مشاعين بين فناني اليمن، وقد ذكر الفنان والباحث اليمني الراحل محمد مرشد ناجي أن الغناء اللحجي قبل أحمد فضل القمندان كان متأثراً بالغناء الصنعاني، وفق الباحث الفقية.
ويرى باحثون أن الأغنية اليمنية المعاصرة ازدهرت في سبعينيات وثمانييات القرن الماضي وكانت تلك الفترة هي العصر الذهبي، حيث تسابق الفنانون والشعراء على الابداع وتنافسوا في الانتاج ورفد المكتبة الغنائية اليمنية، وكان لإذاعتي صنعاء وعدن دورا بارزا في احتواء وتشجيع وتوثيق هذا الإنتاج.
المصدر: ريف اليمن + مواقع الكترونية