مأرب.. حاضنة أكبر المنشآت الإقتصادية والحضارة العريقة

مأرب.. حاضنة أكبر المنشآت الإقتصادية والحضارة العريقة

تعد محافظة مأرب من أولى المحافظات اليمنية التي اكتشف فيها النفط، الذي بدأ إنتاجه في عام 1986، ومن أهم معالمها السياحية سد مأرب القديم ومعبد الشمس ومحرم بلقيس، وأهم مدنها صرواح وحريب. 

وفي الوقت الحالي تعد من أهم المحافظات الإقتصادية في اليمن وتوجد فيها كثير من الثروات بالإضافة إلى أهم المنشآت النفطية، وقديماً قيل عن محافظة مأرب محطة للذي يسافر بعين عاشق أو جناح طائر، وهي كنز الكنوز للثروة الأثرية، وفيها توجد رموز الحضارة السبئية.

الموقع والسكان 

تقع محافظة مأرب في إطار الجزء الأوسط للجمهورية اليمنية، وتبعد عن العاصمة صنعاء نحو  (173كم)، ويحدها من الشمال محافظة الجوف ومن الجنوب محافظتي شبوة والبيضاء، ومن الغرب محافظة صنعاء، ومن الشرق محافظتي حضرموت وشبوة. 

وتبلغ مساحة محافظة مأرب حوالي (17405) كم2 تتوزع في (14) مديرية وهي، المدينة، الوادي، الجوبة، العبدية، بدبده، جبل مراد، حريب، حريب القرامش، رحبه، رغوان، صرواح، ماهليه، مجزر، مدغل الجدعان.

وتعتبر مديرية المدينة مركز المحافظة ويسمي السكان مركزها “المجمع” نسبة لتواجد المجمع الحكومي فيها، وفق تعداد السكان لعام 2004، يبلغ عدد سكان مأرب نحو (238.522) وينمو السكان فيها سنوياً بمعدل نمو2.72. لكن ومنذ العام 2014 تقديرات السكان تصل إلى 2,5 غالبيتهم من النازحين.


     مواضيع مقترحة


التضاريس والمناخ 

تنقسم المحافظة من حيث التضاريس إلى المناطق الجبلية وهي في الجزء الغربي من سطح المحافظة إذ تنتشر عدد من المرتفعات الجبلية ذات ارتفاعات متوسطة والبعض منها ذات انحدارات شديدة. 

تتركز هذه المرتفعات في مديريات مجزر،وبداية مديرية حريب القراميش ،وفي صرواح، والجوبة ومديرية رحبة، وماهلية،و حريب، والعبدية. 

أما معظم سطح المحافظة من الجهة الشرقية فهو عبارة عن مناطق سهلية وصحراوية وتكاد هذه الأجزاء تشكل أكثر من نصف سطح المحافظة. وتقع عليها مديرية مأرب وهو جزء من صحراء واسعة تمتد نحو الشمال باتجاه محافظة الجوف وشرقا نحو مديرية العبر ومحافظة حضرموت وجنوبا نحو الأجزاء الشمالية من محافظة شبوة.

من أهم الأودية بمحافظة مأرب وادي أذنه في مديرية مأرب، ووادي حابس في رغوان، ووادي حريب، بالإضافة إلى وادي الضيق، ووادي حروم في مديرية صرواح. 

يتنوع مناخ المحافظة وفقاً لتنوع السطح إذ يسود المناطق الجبلية والمرتفعات والتي تشكل النصف الغربي للمحافظة مناخ معتدل إلى حار صيفاً وبارد نسبياً في الشتاء. 

أما في المناطق المنخفضة والسهلية فيكون المناخ السائد فيها حار صيفاً ومعتدل شتاءً، في حين يسود المناطق الصحراوية مناخ شبه مداري  جاف إذ يكون حار صيفاً وبارد جاف شتاءً.

وتهطل الأمطار فيها صيفاً على معظم أجزاء المحافظة وغالباً ما تكون كمية الأمطار التي تسقط فيها قليلة ونادرة خصوصا الأجزاء الشرقية إذ تعد المحافظة ضمن المحافظات التي تعاني من الجفاف في معظم أجزاءها نظرا لقلة الأمطار التي تسقط عليها.

اقتصاد مأرب

تعد الزراعة هي النشاط الرئيسي لسكان محافظة مأرب فهي تحتل المرتبة الثالثة من بين محافظات الجمهورية في إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة تصل إلى نحو (7.6%) من إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية بعد محافظتي الحديدة وصنعاء. 

ومن أهم المحاصيل الزراعية فيها: الفواكه والحبوب والخضروات، وتعد الأعلى في انتاج وزراعة البرتقال في اليمن بنسبة تقدر بنحو 75% على المستوى الوطني، وتضم أراضيها بعض المعادن من أبرزها الجرانيت، الاسكوريا، الملح الصخري، الجبس، الرخام والتلك.

وتعتبر محافظة مأرب هي أولى المحافظات اليمنية التي اكتشف فيها النفط، وبدأ إنتاجه في عام 1986، ويوجد فيها مصافي شركة صافر النفطية، والتي تعد أكبر المنشآت النفطية في اليمن، إلى جانب محطة مأرب الغازية والتي تغطي نسبة كبيرة من الإحتياج في الكهرباء على المستوى الوطني، لكنها تعطلت منذ اندلاع الحرب في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، من توزيع الكهرباء خارج محافظة مأرب.

ويمارس السكان نشاط الرعي وتربية الحيوانات من الأنشطة السائدة للسكان في المحافظة كما أنه يعد  رئيسياً في بعض المديريات، إذ يقومون بتربية الماعز والضأن وبأعداد جيدة بها في معظم المديريات ويتم تربية الإبل بأعداد متوسطة والأبقار.

ويمارس السكان تربية النحل في بعض مديريات المحافظة ومنها مأرب ، رحبة، ماهلية، حيث توجد فيها عدد من المناحل التي تنتج كميات متواضعة  من العسل ويستهلك محليا.

مأرب.. حاضنة أكبر المنشآت الإقتصادية والحضارة العريقة
إحدى المزارع في محافظة مأرب (عبدالله الجرادي)

الغطاء النباتي والحيواني 

تمتلك محافظة مأرب غطاء نباتي متنوع رغم قلته وعدم كثافته ومن أهم الأشجار: السدر ،والقرض، والطنب ،والطلح ،الظهي، السمر بالإضافة إلى بعض الأشجار الشوكية ، و أنواع متعددة من الحشائش والنباتات الصغيرة التي تنمو في خلال مواسم الأمطار.

تضم محافظة مأرب أنواع متعددة من الحيوانات البرية وتكثر في الأجزاء الغربية مثل النمور ، الضباع، الثعالب ،السباع، العرج ، الأرنب البري والقنافذ والأوبار .

كما تضم أنواع من الطيور مثل الصقور ،الحمام البري ،النسور ،البوم والعصافير التي تكثر في المناطق الكثيفة بالأشجار وبالقرب من الأودية خصوصاً المائية منها.

تأريخ مأرب: موطن الحضارة السبئية

مأرب هي موطن حضارة سبأ القديمة المذكورة في القرآن الكريم، المشدودة جذورها القيمية والحضارية إلى أعماق التاريخ، (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ)، وهي واحدة من أعرق المناطق التأريخية في البلاد، لكنها لم تحظ بالتنقيب الكافي لآثارها، بالإضافة إلى الاهتمام بالمعالم المكتشفة والتي تشهد حالة من العبث والإهمال وتكاد الرمال تدفنها.

كانت مأرب الحالية مركزًا حضاريًا قديمًا ومهداً لأولى إشعاعات الحضارة الإنسانية في اليمن، الضاربة في عمق التأريخ منذ ما قبل الميلاد، المتمثلة في “مملكة سبأ” وكانت مركزاً سياسياً واقتصاديا مهماً ومتفوقاً في شبة الجزيرة العربية، وسيطرت على طريق التجارة بين الهند وحضارات بلاد الشام والمتوسط.

كذلك، أظهرت أعمال التنقيب العلمي التي قامت بها البعثة الأثرية الألمانية في معبد بران، المعروف بعرش بلقيس، أن المعبد مر بمرحلتين تاريخيتين واضحتين، تمتدان من الألف الثاني قبل الميلاد حتى بداية الألف الأول قبل الميلاد، والمرحلة الثانية تمتد من 850 ق.م حتى نهاية الدولة السبئية.

ومن بين الشواهد التي تؤكد عظمة هذه الحضارة ما ورد في الكتب السماوية المقدسة؛ التوراة، والإنجيل، والقرآن، حيث ذُكرت عظمة حضارة سبأ وملكتها بلقيس وزيارتها للنبي سليمان عليه السلام في القرن العاشر قبل الميلاد. النتائج التي توصلت إليها البعثة الأثرية الألمانية حول معبد بران، والتي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، تدعم هذه الروايات الدينية وتعزز من قيمة الحضارة السبئية.

وذُكر سد مأرب العظيم في القرآن، والذي يُعتبر رمزًا تاريخيًا فريدًا، يعزز مكانة حضارة سبأ بين حضارات الشرق القديم. وهذا أضاف بُعدًا خاصًا لشهرة حضارة سبأ وقومها، وجعل من مدينة مأرب القديمة عاصمةً بارزة في العصور التاريخية.

مأرب.. حاضنة أكبر المنشآت الإقتصادية والحضارة العريقة
معبد أوام في محافظة مأرب اليمنية (عبدالله الجرادي)

المعالم الأثرية

تضم محافظة مأرب العديد من المعالم الأثرية من أبرزها سد مأرب رمز الحضارة السبئية  في اليمن والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثامن قبل الميلاد. ومن أهم المعابد فيها أوام المعروف بمحرم بلقيس، ومعبد بران المشهور بعرش بلقيس، وحر نوم  ذلك المعبد الواقع داخل أسوار المدينة. 

ومن أهم المدن الحضرية مدينة براقش التي تعد مقصد لكل السائحين فهي التي تولت تأسيس الدولة المعينية، وتقع على طريق حزم الجوف، وتبعد 125 كيلومترا عن صنعاء وتقوم فوق تل مرتفع لقلعة مهيبة محاطة بسور يصل ارتفاعه إلى 8 أمتار.

و مدينة مأرب القديمة في السهل السبئي على مشارف صحراء اليمن الشرقية مفازة صيهد بالإضافة إلى صرواح أقدم المواقع الأثرية التي تقع إلى الغرب من مركز محافظة مأرب بمسافة 37 كيلومترا وعن صنعاء 120 كيلومترا.

لمحة عن الوضع الحالي 

على مدى سنوات الحرب التي اندلعت في البلاد منذُ عام 2015، كانت محافظة مأرب مسرح صراع متصاعد بين الأطراف المتنازعة خصوصاً في المديريات الريفية مثل: العابدية وماهيلة ورحبة  ومجزر وصروح، والتي شهدت معارك عسكرية كبيرة خلال الحرب التي اندلعت بعد 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

وبفعل المعارك العسكرية تعرض مئات الآلاف من المواطنين إلى النزوح  والتشرد من منازلهم  وتضاعفت معاناتهم جراء غياب الخدمات الأساسية  في مخيمات النزوح، ووفق تقديرات رسمية بلغ عدد النازحين أكثر من مليونيين من داخل وخارج المحافظة، وتضم أكبر مخيمات النزوح في اليمن.

لكن على الرغم من ذلك شهدت مدينة مأرب عاصمة المحافظة توسعاً لافتاً في العُمران،  والمباني السكنية وافتتاح العديد من الأسواق التجارية وبناء المدارس الحكومية والجامعات والملاعب الرياضية، وبإعتبار المحافظة تضم أكبر المنشآت الإقتصادية في البلاد منها محطة مأرب الغازية، ومنشأة صافر النفطية كانت محور صراع من أجل السيطرة.

مأرب.. حاضنة أكبر المنشآت الإقتصادية والحضارة العريقة
صورة حديثة لمدينة مأرب وتبدو الأضواء كثيرة بعد توسعها خلال السنوات الماضية (عبد الله الجرادي)
الكاتب

مواضيع مقترحة: