قلعة الدملؤة هي إحدى القلاع اليمنية الأسطورية المنيعة ومن أقدم قلعة على مر العصور يعود تاريخ بنائها إلى ما قبل الإسلام، وكانت سابقا مقراً سياسيا وعسكريا واقتصاديا لعدد من الدويلات المتعاقبة على اليمن عبر التاريخ الإسلامي والتي اتخذتها مقراً رئيسيا منيعا وعصي على الغزو والسقوط.
أطلق عليها خزانة ملوك اليمن لأنها كانت تخزن فيه غذاء وأموال وذخائر وكنوز الدويلات التي مرت عليها.
ويتداول جيران القلعة من سكان المنطقة حكايات وقصصا مثيرة للدهشة والغرابة استمدت غرابتها من وحي العلاقة بين الحكام والرعايا وامتزجت فيها الحيلة والمقاومة واختلطت بالوحشية والجبروت.
اسمها وموقعها
الدملؤة، قلعة منيعة من أهم قلاع وحصون جبال الحجرية بدأت شهرتها من أيام حكم بني أيوب، في القرن السادس الهجري، وتقع في أعلى مرتفع فوق قرية المنصورة من “جبل الصلو” على بعد (60كم) جنوب شرقي مدينة تعز.
ولعبت أدواراً في أحداث الحروب التي شهدتها المنطقة من أيام الأيوبيين مروراً بالرسوليين والصليحيين والطاهريين وبني زريع والأتراك، وترتفع عن منسوب سطح البحر بـ 2000متراً، و(الدملؤة) هو الاسم القديم قبل التسمية بالمنصورة.
واسمها تاريخيا هو الدملؤة وتسمى أيضاً المنصوري لأن كل من تحصن فيها قد أنتصر، وتقع إدارياً ضمن مديرية الصلو جنوب شرقي مدينة تعز.
علاقتها بالملوك
وكان أول من اختطها كقلعة حصينة هم السبئيون الذين كانت دولتهم المعافر وعاصمتها “جبا” ثم توالت عليها الدول والحكام من بعدهم مرورا بالدولة الإسلامية وما تلاها من دولة القرامطة والزريعيين والصليحيين والأيوبيين والرسوليين والطاهريين.
وطورها ورممها السلطان نور الدين عمر بن علي بن رسول مؤسس الدولة الرسولية وحصنها تحصيناٍ شديداٍ وهو لا يزال وزير الملك المسعود الأيوبي وهو يرمي الانقلاب على الأيوبيين والتحصن فيها.
ولعبت أكثر الأدوار في عصر الدولة الرسولية فكانت حصنهم الحصين وبها مقبور عدد من الملوك الرسوليين والأيوبيين وعلى رأسهم أشهر ملوك الأيوبيين في اليمن الطغتكين بن أيوب أخو صلاح الدين الأيوبي.
وذكر الجندي في “العقود اللؤلؤية” وابن الديبع في “قرة العيون” أن المنصور جعل لها سلماٍ متحركاٍ حتى إذا كان الليل طوي ذلك السلم فلا الصاعد يصعد ولا النازل ينزل فيها بعد العشاء بعد أن تصعد القوافل منه.
ذكرها الهمداني في كتابه وقال عنها بأنها بيت ذخائر الملوك وأموالهم ولذلك سميت بخزانة ملوك اليمن وأنها تطلع بسلم فإذا قلع لم تطلع. ودارت في هذه القلعة العديد من القصص ولعل أكثرها تداولا قصة اهل الجنات مع الدندكي بن أيوب.
ويشير “الهمداني” إلى أن الدملؤة من عجائب اليمن التي ليس في بلد مثلها، بما يقول: “قلعة الدملؤة لأبي المغلس في أرض المعافر، وهي تطلع بسلم، فإذا قلع لم تطلع”.
وفي موضع آخر: “بسلمين؛ في السلم الأسفل منها أربع عشرة ضلعًا، والثاني فوق ذلك أربع عشرة ضلعًا، بينهما المطبق وبيت الجرس على المطبق بينهما، ورأس القلعة يكون أربع مئة ذراع في مثلها فيها المنازل والدوار، وفيها مسجد جامع فيه منبر”.
شهرتها والنقوش
اشتهرت الدملؤة بكثرة الصهاريج المنحوتة من أصل الجبل دون بناء وبها سلالم منحوتة من أصل الجبل كذلك لحفظ المياه وفيها ما يقارب من عشرة صهاريج واحد منها مبني ومنحوت بإتقان، وهي مسقوفة بجمنون من الياجور ويحمل السقف عمودان من حجارة مدورة ومهندمة كحجارة الرحى وهي متزاوجة من ذكر وأنثى وفي أبوابها عقود جميلة.
يوجد في القلعة العديد من النقوش وأهمها: نقش الملك الأفضل العباس ابن الملك المجاهد الرسولي الذي ترك على مدخل الدملؤة حجراٍ.
كتب عليه: “بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحاٍ مبيناٍ أمر بعمارته مولانا ومالك عصرنا السلطان بن السلطان العالم العادل ضرغام الإسلام غياث الأنام سلطان الحرمين والهند واليمن مولانا السلطان الأفضل من الأنام والملك المجاهد أمير المؤمنين العباس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي رسول … الخ”.
والحجر كان مردماٍ ومسقفاٍ للبوابة الرئيسية للقلعة وقصرها الذي تغنى به الشاعر محمد بن حمير يقول فيه: أو قلت لا قصر إلا قصر دملؤة قالوا برأس يمين القصر والدار.
وضعها الآن
مازالت القلعة موجودة، لكنها تعرضت للإهمال خلال العقدين الماضيين، وأطلق باحثون دعوات للاهتمام بها، وشهدت خلال الحرب في السنوات الماضية والتي تصاعدت في مارس 2015.