صعدة هي إحدى محافظات الجمهورية اليمنية، تشتهر بزراعة الفواكه والخضروات، إذ تعد الزراعة من أهم الأنشطة الأساسية الذي يعتمد عليها السكان، بالإضافة إلى الصناعات الحرفية اليدوية التقليدية والتي شكلت هوية المحافظة الجبلية الوعرة.
وهي منطقة تأريخية أيضاً وقد لعبت أدوارا مهمة في تاريخ اليمن القديم كمنطقة زراعية ومحطة تجارية على خط التجارة القديمة (خط قنا) في عهود الدولتين السبئية والمعينة، ومثلت قاعدة حربية في عهد الدولة الحميرية.
الموقع والسكان
تقع محافظة صعده شمال غرب العاصمة اليمنية صنعاء، وتبعد عنها بحدود (242) كيلو متراً، ويشكل سكان المحافظة ما نسبته 3.5% من إجمالي سكان البلاد، ويبلغ عدد المديريات نحو 15 مديرية، ومدينة صعدة هي عاصمة المحافظة.
يحدها من الشرق محافظة الجوف ومن الشمال المملكة العربية السعودية وتتصل بمحافظة حجة وجزء من محافظة عمران من الجنوب ومن أهم مُدنها مدينة البقع وصعدة.
يبلغ عدد سكان محافظة صعدة وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004م (695033) نسمه وينمو السكان سنويا بمعدل (3.67%). تبلغ مساحة صعدة حوالي (11375) كيلو تتوزع على 15 مديرية.
التضاريس والمناخ
تنوع تضاريس محافظة صعده بفعل امتدادها من الصحاري الشرقية ذات الرمال المتحركة في الشرق مرورا بالهضبة الوسطى والمرتفعات الجبلية الغربية حتى السهول التهامية في الملاحيط وشداء.
وتتميز بقاعها الواسع الرحب (الصعيد) وأوديتها الخصبة وجبالها الشاهقة المنيفة التي تصل إلى 2900م فوق سطح البحر وتشكل خصوبة التربة، عاملا رئيسياً في صلاحيتها لزراعة كافة أصناف الفواكه والخضروات والحبوب جعلها في طليعة المحافظات اليمنية في الإنتاج الزراعي. وتغطي نسبة كبيرة من احتياج السوق اليمنية من الفواكه والخضروات.
يتنوع مناخ محافظة صعدة وفق التضاريس الطبيعية، حيث يسود المناطق الجبلية والمرتفعات الغربية مناخ بارد شتاء ومعتدل صيفا كما هو عليه الحال في مديريات (باقم، مجز، رازح، سحار، حيدان، ساقين، منبه، قطابر)، وهناك مناخ سهل تهامة، ويشمل مديريتي شداء والظاهر.
أما المناطق الشرقية الصحراوية فإنها تشهد مناخ بارد جاف شتاء وحار صيفا وتسقط الأمطار الصيفية على معظم أجزاء المحافظة وتفيض مياهها الموسمية على الأودية الغربية والشمالية والشرقية، وتكون أكثر غزارة على الأجزاء الغربية كما تسقط الأمطار الشتوية بكميات قليلة على مناطق متفرقة.
- الغطاء النباتي
تمتلك صعدة غطاء نباتي متنوع وتمتاز الأجزاء الغربية بكثافة الأشجار المعمرة، منها: السدر، القرض، الطلح، العرعر، الضبي، وهي بيئة مناسبة للحيوانات البرية، والعديد من الطيور، وتقل الكثافة النباتية في الأجزاء الشرقية للمحافظة المتميزة بأشجار النخيل، الأثل، الأراك، السمر.
الزراعة والنشاط الاقتصادي
تعد الزراعة هي النشاط الرئيسي لسكان محافظة صعدة، بالإضافة إلى الاهتمام بالثروة الحيوانية، إذ يبلغ إنتاج المحافظة من المحاصيل الزراعية ما نسبته (4%) من إجمالي الإنتاج في اليمن.
من أهم المحاصيل الزراعية الحبوب والخضروات المتنوعة والبن اليمني والعنب بمختلف أنواعه، والرمان، والمشمش، والخوخ غيرها من الفواكه الأخرى.
كما يمارس بعض السكان الأعمال الحرفية اليدوية والصناعات التقليدية، ويوجد في المحافظة أنواع مميزة من أحجار البناء، وغيرها.
وتضم أراضي محافظة صعدة العديد من المعادن، أهمها النحاس، النيكل، الجرانيت والكاؤلين المستخدم في صناعة السيراميك والورق والبلاستيك وصناعة مواد الطلاء والمطاط، ومعادن طينية تستخدم في صناعة الأسمنت والكوارتز والبلك والطوب الحراري والفخار ورمل الزجاج والسيلكا.
وتعتبر محافظة صعدة من أهم مراكز الصناعات الحرفية في اليمن، باعتبارها أهم مراكز معادن الحديد وصناعته قديماً حيث لعب هذا المعدن دوراً كبيراً في صناعة معدات ومستلزمات الأعمال الحربية ومستلزمات جوانب الحياة الاقتصادية المختلفة.
يوجد بمحافظة صعدة العديد من الأسواق الأسبوعية واليومية التي تقام بمختلف مناطق مديريات المحافظة، ومن ضمن الأسواق الأسبوعية سوق الطلح القريب من مدينة صعدة الذي يقام يوم السبت من كل أسبوع. ومن الأسواق اليومية السوق القديم وسط مدينة صعدة الذي يقام على مدار أيام الأسبوع حيث يجـد فيه الزائر متعة كبيرة لمشاهدة المنتجات المحلية واقتناء بعض منها.
المعالم التأريخية
بُنيت مدينة صعدة قبل ميلاد المسيح، وعُرفت في النقوش اليمنية والإسلامية القديمة بهذا الاسم وباسم “هجرن”، وتناولتها مصادر تاريخية إسلامية مبكرة منها كتاب “صفة جزيرة العرب” لأبي محمد الحسن بن أحمد الهمداني (ت 334هـ)، وفيها تراث إنساني عريق.
وكانت حاضرة المخاليف الشمالية ومقر الحكم بتلك المخاليف، ويجمعها من حيث الانتساب التاريخي “خولان بن عامر” من قبيلة قضاعة اليمنية الشهيرة من حمير، وينتسب أجزاء منها إلى همدان بن زيد الكهلانية.
ومدينة صعدة الحديثة تأسست في القرن التاسع ميلادي والثالث هجرى، ويحيط بها سور عريق بطول أربعة كيلومتر دائري، وله أربعة أبواب شهيرة تسمى، باب المنصورة، باب اليمن، باب نجران، باب جعران، ومعظم مبانيها من الطين، وكانت محطة مرور للحجيج.
ويوجد في صعدة عدد من القلاع والحصون التأريخية من أشهر معالمها الأثرية: قلعة أم ليلى، تأسست قبل ميلاد المسيح وكان بها نواب ملك سبأ، قلعة جبل المنمار، يرجح انها من قبل الميلاد، وكان فيها ثلاثة من نواب ملوك حمير، ويوجد هناك كتابات حميرية.
حصن عنم، يقع على قمة جبل عنم ويوجد فيه آثار المساكن وبرك الماء، تم هدمه من قبل عمرو بن معد يكرب الزبيدي قبل الإسلام، قلعة الحصن، تقع في مديرية ساقين وفيها مدينة مسورة وفيها آثار سوق، وكانت مسكونة من قبل الإسلام.
جبل المفتاح، في مديرية حيدان فيه مباني حميرية وتركية، وأيضا ذوات الشثه، في مديرية باقم، ذكرتها المساند الحميرية باسم ذوات، قلعة تلمص، من القلاع الحصينة في الجاهلية وكانت مقراً لأمراء الحميريين والسبئيين وآخر من سكنها نوال بن عتيق غلام سيف بن ذي يزن نائبه، وهو الذي بنى سد الخانق قبل الإسلام بحوالي خمسين عاماً.
لمحة عامة عن الوضع الحالي
خلال السنوات الماضية من الحرب في اليمن، كان المحافظة إحدى الجبهات المشتعلة في النزاع سواء على الحدود من السعودية، أو مناطق أخرى، وتعرضت لهجمات جوية عنيفة تسببت بدمار واسع في الممتلكات وتضرر القطاع الزراعي، لكن مازالت المحافظة تصدر للأسواق اليمنية كثير من الفواكة والخضروات، ولا توجد أرقام حديثة عن نسبة الإنتاج الزراعي.
ورغم تصاعد الحرب شهدت محافظة صعدة نمو اقتصادي ملحوظ، وافتتاح العديد من الأسواق التجارية وتطور نسبي ملحوط بالعُمران السكاني، مقارنة بما كانت عليه خلال العقدين الماضيين، حيث شهدت حالة عدم استقرار منذ اندلاع الحروب فيها في بداية الألفية الأولى من القرن الحالي، في 2003 ومرت بعدة مراحل وجولات متعددة خلال 20 عاماً حتى الأن أغسطس 2024.
المصدر: ريف اليمن + المركز الوطني للمعلومات