العنب اليمني: الفاكهة المنقوشة في التماثيل

العنب اليمني: الفاكهة المنقوشة في التماثيل

تشتهر اليمن بزراعة أنواع مختلفة من العنب، ويعد من الأجود على مستوى العالم، لتميز مذاقه ويُستهلك طازجاً أو يُجَفَّف إلى زبيب ذي مذاق متميز وجودة عالية.

وتنتشر زراعة العنب اليمني في العديد من المحافظات وتتركز زراعته بالمناطق ذات الطقس البارد المعتدل، وتعد المناطق المحيطة بمدينة صنعاء أشهرها ومنها بني حشيش (30 كيلومتراً شرق صنعاء) وهي من أخصب مناطق زراعة العنب، وبني الحارث، ووادي ظهر (شمال صنعاء)، ومنطقة خولان (جنوب شرقي)، بالإضافة إلى بعض مناطق محافظات عمران الجوف البيضاء والضالع صعدة.

وغالبا ما تبدأ مزارع العنب في اليمن في إنتاج نوعين هما العنب الجبري والعرقي والذين تنتجهما مزارع حاشد وأرحب بمحافظة صنعاء، اما الرازقي فيبدأ انتاجه من نهاية يوليو/ تموز وحتى أغسطس/ آب.

ويتوزع انتاج الاسود والعاصمي خلال الفترة من منتصف اغسطس وحتى نوفمبر، وقد يمتد انتاج العنب إلى نوفمبر في حال كان المناخ معتدلا، ويتضرر ببرودة الطقس، وتشتهر حاليا في الاسواق اليمنية ثلاثة أنواع، الرازقي، الأسود، العاصمي، ويجفف المزراعون العنب الاسود والعاصمي، بينما العنب العاصمي يسوق طازج إلى السوق المحلية.

ويبدأ المزارعون ف سبتمبر/ أيلول، بتجفيف، اصناف العنب الرازقي الأسود إلى زبيب، ويعتمدون على الطرق التقليدية في التجفيف، وقال مزارع  في بني حشيس لمنصة “ريف اليمن”، “بعد أن ينضج العنب يتم قطفة وتنظيفه من الشوائب، ومن ثم تغطيس العنب في محلول من عدة مكونات، ومن ثم يتم فرد العناقيد بطريقة مرتبة وعرضها على أشعة الشمس، لمدة قد تستغرق شهرين”.

العنب اليمني
إنتاج اليمن من العنب في 2021 (ريف اليمن)

أرقام العنب اليمني

وبحسب الإحصاء الزراعي 2021، تُقدّر مساحة الأراضي المخصّصة لزراعة العنب بنحو 12.199 هكتارًا، وتنتج ما يقارب 145.591 طنًا. وبحسب دراسات، تحتل محافظة صنعاء المرتبة الأولى في كمية الإنتاج، وتليها صعدة فمحافظة عمران. وتحتل اليمن المرتبة السادسة عربيًا من حيث إنتاج العنب بأنواعه، بحسب الدليل الاسترشادي لزراعة وتداول العنب، الذي أصدرته المنظمة العربية للتنمية في سبتمبر 2020.

وتزرع اليمن نحو 40 صنفاً من العنب حتى منتصف القرن العشرين،  لكن دراسة ميدانية أكدت “أن أصناف العنب في اليمن 28 صنفاً عرضت في معرض زراعي أقيم في نوفمبر1964″، وفق الموسوعة اليمنية لمؤسسة العفيف، منها الأسود بأنواعه والرازقي والبياض والجوفي والعرقي والعاصمي وأصناف أخرى، ويبدأ موسم العنب في اليمن من منتصف شهر يونيو وحتى نوفمبر من كل عام.

العنب تأريخ ووجدان اليمنيين

اليمنيون قديماً أسموا العنب “كرم” والتي ظهرت في العديد من النقوش المُكتشفة، وذكرت في قصيدة “ترنيمة الشمس” الحميرية، التي اكتشفت في قانية بمحافظة البيضاء وأعلن عنها 1988، وهي ذات اللفظة وين WINE التي انتقلت إلى اللاتينية ثم الإنجليزية ومازالت تُستخدم إلى يومنا هذا بمعنى “نبيذ العنب”.

العنب اليمني
تمثالَ ذات مزر “إلهة الخمرة” وعليه أوراق العنب وعناقيده، مطبوع على العملة الورقية فئة 20 ريالا

وقدس اليمنيون قديمًا العنب ونقشوا اسمه (كرم/ وين) ونحتوا عناقيده في الصخور والأعمدة وقدموا شرابه للآلهة في المعابد، وأشهر التماثيل “ذات مزر” ويعني “إله الخمر” ويظهر امرأة يغطي نصفها وريقات وعناقيد العنب، وكانت صورة هذا تتصدر العملة النقدية الورقية في اليمن فئة 20 ريالاً، أصدرها البنك المركزي اليمني بين عامي 1973 و1977م.

وتظهر القطعة الأكبر والرئيسية من تمثال “ذات مزر” في متحف والترز في بالتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية، فيما تظهر القطعة اليمنى الصغيرة لرأس الأسد المجنح في المتحف البريطاني. يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثاني الميلادي وكانت ضمن متحف قلعة مأرب حتى عام 1962، قبل أن تُنقل إلى متحف مدينة عدن جنوب اليمن، وفق وصف المتحف البريطاني.

وتغنى الفنانين والشعراء بالعنب في العصر الحديث، وترسخ ذلك في الذاكرة والوجدان الشعبي، وفي موسم حصاد العنب غنى الفنان أحمد السنيدار “يا جانيات العناقيد طاب العنب”، وغنى ابوبكر سالم “يا زارعين العنب متى تبيعونه”، وغنى طلال المداح “عنب في غصونه”، كما غنى أيوب طارش “ياعنب ياعنب”، وأخيرا اغنية “يازبيب الجبل يا رازقي يا مجول”، من كلمات حسن اللوزي وزير الإعلام الأسبق (1952 -2020).


المصدر: ريف اليمن

الكاتب

مواضيع مقترحة: