معالم اليمن الأثرية في مرمى التغيرات المناخية

معالم اليمن الأثرية في مرمى التغيرات المناخية

شهاب العفيف – تعز

تعرضت الكثير من المباني التاريخية، والمعالم الأثرية في العديد من المحافظات اليمنية للخراب والدمار؛ جراء تداعيات التغيرات المناخية التي شهدتها البلاد خلال السنوات القليلة الماضية.

وشهدت اليمن تغيرات مناخية لم تشهدها من قبل إذ أن الأمطار التي كانت تأتي بمواسم معينة، صارت غزيرة، والسيول الجارفة أفسدت الأرض ودمّرت ما بناه الزمن. المباني الأثرية، القلاع، الحصون التي صمدت لقرون، أصبحت الآن أطلالًا مهددة بالدمار.

المعالم الأثرية والتغيرات المناخية

خلفت الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد أضرار كبيرة في المعالم الأثرية، وأدت إلى حدوث تشققات وتسرب للمياه في العديد من المباني التاريخية خصوصاً في مدينة صنعاء القديمة، ومدينة شبام حضرموت، وبعض القلاع التاريخية.

يقول مدير المتحف الوطني في تعز، رمزي الدميني: “قبل عشرين عامًا، كان التدهور يأتي من الإهمال، لكن اليوم، التغيرات المناخية فاقت كل شيء. الأمطار، الحرارة، و الجفاف كلها مجتمعة دمرت ما كان يوماً رمزًا للحضارة والقوة”.

وأضاف الدميني :”التاريخ ينهار تحت وطأة الأمطار التي لم تكن لتصل إلى هذا الحد. هذه المباني، التي كانت شاهدة على الأيام الطيبة، أصبحت الآن عاجزة عن مقاومة ما فعلته بها الطبيعة”.

وأظهر التقرير الذي أطلقته اليونسكو بالتعاون مع كل من برنامج الأمم المتحدة للبيئة واتحاد العلماء المعنيّين في عام 2016، والمعنون “التراث العالمي والسياحة في حضرة التغيرات المناخية” تزايد مخاطر التغيرات المناخيّة على مواقع التراث العالمي ما يجعلها واحدة من أهم الأسباب التي تشكّل خطراً على هذه المواقع.

معالم اليمن الاثرية في مرمى التغيرات المناخية
منزل تعرض للانهيار بسبب الامطار الغزيرة (وسائل التواصل الإجتماعي)

الأكثر تضرراً

أدت الأمطار إلى حدوث أضرار كبيرة في التراث المادي وأثرت بشكل كبير على مباني التراث العمراني في مدينة شبام التاريخية وفي قلعة القاهرة في تعز التي تعود إلى القرن الخامس عشر.

هذه المباني هشة، أضعفها الزمن والطين. في شبام حضرموت، حيث الطين هو المادة الوحيدة التي تربط الحجارة، وفي صنعاء القديمة وزبيد بالحديدة، حيث الياجور المحترق يشكل الأساس. هذه المباني، المبنية منذ قرون، لم تُصمم لتحمل هذه التغيرات العنيفة.

وقال رمزي الدميني: “الأمطار أطاحت بكل شيء. الماء تسرب إلى الجدران، أما الجدران التي كانت تحتفظ بالحماية، ففقدت قوتها. المادة الحامية انهارت، والمباني بدأت تتفكك كما لو أنها لم تكن هناك في يوم من الأيام”.

يضيف: “الأمطار الغزيرة، التي استمرت لفترات طويلة، بدأت تُسرّب المياه إلى داخل الجدران إذ جرفت المياه المادة اللاصقة ، الطين والزابور، مما جعل الجدران فارغة من الحماية. هذا التفكك، نتيجة لطبيعة البناء القديمة، أدّى إلى انهيار العديد من المباني الأثرية.

وتابع:”الزابور، المادة التي حملت إرث الأجداد، تتفكك. والطين الخالي من القوالب، والذي كان يعمر المكان، أصبح الآن عدوًا للمبنى، يتكسر، ينقض”.

وأشار إلى تعرض العديد من المباني الأثرية للسقوط  خصوصاً في مدينة صنعاء القديمة، وزبيد، والمخا، وتريم، وكل ذلك نتيجة لهطول الأمطار الغزيرة”.

التأثير يطال قلاع تاريخية

خلال موسم الأمطار الماضي، في شهري أغسطس وسبتمبر 2024، كان تأثير الطبيعة قاسيًا على العديد من القلاع التاريخية في اليمن. إذ تعرضت  أجزاء من قلعة شمر يهرعش (قلعة رداع) في مديرية رداع بمحافظة البيضاء، للسقوط كما تعرضت قلعة الضحي الأثرية في محافظة الحديدة لانهيارات جزئية.

ورصدت الهيئة العامة للآثار بصنعاء الأضرار التي لحقت بالمعالم الأثرية منذ بداية موسم الأمطار، حيث انهارت أجزاء من قلعة زبيد التاريخية، وتضررت أجزاء من دار الضيافة التاريخي في مدينة المحويت.

و تعرض سور مدينة ثلاء التاريخية في محافظة عمران لأضرار، وشملت التأثيرات مناطق أثرية أخرى في عدة محافظات وكانت تلك الأمطار بمثابة اختبار صعب للتراث المعماري اليمني، الذي بقي صامدًا قرونًا، ولكن العوامل المناخية العنيفة جعلت منه فريسة سهلة.

اليمن ..المعالم الأثرية في مرمى التغيرات المناخية
إنهيار جزء من سور قلعة في رداع بمحافظة البيضاء

في أواخر شهر أغسطس/آب الماضي، طالبت الحكومة اليمنية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” بالتدخل لحماية المناطق الأثرية المتضررة من الأمطار الغزيرة والفيضانات التي اجتاحت العديد من المدن التاريخية في البلاد.

وفقًا لوزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، أكدت التقارير الميدانية تضرر مدينتي صنعاء وزبيد، المدرجتين على قائمة التراث العالمي، جراء الأمطار والسيول الجارفة.

وأكد الإرياني بأن:”ذلك الوضع يستدعي تدخلاً عاجلاً لحماية هذه المناطق المتضررة، إضافة إلى إعادة ترميمها لضمان الحفاظ على هذا التراث الإنساني القيم للأجيال القادمة”.

أسباب وحلول

ألقت التغيرات المناخية بظلالها على العديد من المدن التاريخية والمعالم الأثرية في اليمن. وأكد الخبير في المجال البيئي عبدالقادر الخراز بأن:” هناك مدن تاريخية ومعالم أثرية تأثرت بفعل التغيرات المناخية في اليمن، وبسبب عدم الاهتمام بها، وعدم تطبيق القوانين، ومن هذه المناطق مدينة تريم في حضرموت، رغم وجود مشروع خاص  بإعادة تأهيل المدينة الأثرية.

وأوضح الخراز بأنه للحد من من تلك المشكلة  يجب استغلال التمويلات المناخية التي تقدم لليمن ضرورة، ويجب أن تكون هذه التمويلات موجهة لترميم القلاع، والمتاحف، والبيوت الطينية القديمة التي تمثل جزءاً من التراث.

وأوضح أن هناك تمويلات دولية مخصصة لتبعات التغيرات المناخية على المعالم التاريخية، ومنها اليمن يجب أن نوجه هذه التمويلات بشكل حكيم للحفاظ عليها”.

وحث الحكومة على سرعة التحرك لتفعيل القوانين وتنفيذ المشاريع التي تربط الحفاظ على التراث بالحفاظ على البيئة. من الضروري أيضاً إجراء أعمال صيانة مستمرة على هذه المعالم كل عام.

وتابع:” الفيضانات الأخيرة دمرت الكثير من المباني الأثرية، بالإضافة إلى منازل المواطنين، الأراضي الزراعية، والبنية التحتية مثل المدارس والمرافق الصحية”.

ووفقاً للمكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية  فإن  أكثر من 187 ألف أسرة في 20 محافظة تأثرت بالأمطار والفيضانات، مما أسفر عن أضرار جسيمة طالت أكثر من 1.3 مليون شخص في اليمن.

معالم اليمن الأثرية في مرمى المناخ

الكاتب

مواضيع مقترحة: