المزارعون اليمنيون: معركة غير متكافئة مع الصقيع

يؤدي لانخفاض الإنتاج الزراعي ويتسبب بخسائر للمزارعين

المزارعون اليمنيون: معركة غير متكافئة مع الصقيع

يؤدي لانخفاض الإنتاج الزراعي ويتسبب بخسائر للمزارعين

“الزراعة هذه الأيام رجعت كلها خسارة؛ تزرع وبالنهاية ترجع تتسلف لتسديد الديون، والضريب يغلِّق ما نقص”، بلهجته الدارجة عبّر المزارع صالح العنسي المنحدر من محافظة ذمار وسط اليمن، عن أسفه لما آل إليه وضع الزراعة بسبب الصقيع؛ ما كبده خسائر مضاعفة، وفاقم من معاناته.

ويُعتبر الصقيع، أو مايطلق عليه محليا بـ”الضريب”، من التحديات الرئيسية التي تواجه المزارعين في المحافظات التي تنخفض فيها درجات الحرارة، كذمار وصنعاء وعمران، وغيرها، إذ يتسبب بأضرار جسيمة على المحاصيل الزراعية، مما يؤدي إلى انخفاض الغلات وخسائر اقتصادية.

معركة غير متكافئة

يقول العنسي الذي يمارس نشاط الزراعة في منطقة جهران، لمنصة ريف اليمن: “تكبدنا خسائر كبيرة، زرعت بطاطا وطماطم، لم أجنِ إلا الخسائر، أشعر بحالة من الصدمة والقلق العميق نتيجة لذلك، وأجد نفسي في وضع صعب للغاية”.

ويضيف: “هذه المشكلة جعلتني غير قادر على تأمين احتياجاتي المالية لتغطية تكاليف الزراعة، ولا سداد الديون المتراكمة التي كنت آمل أن أسددها من الأرباح، لكن ما حدث فاقم المعاناة، وزاد الديون أكثر”.

وأعرب عن سخطه لعدم تدخل الجهات المختصة، وعمل حلول أو تدابير فعالة للتعامل مع هذه الظاهرة، مطالبا الجهات المختصة بتقديم الدعم اللازم للمزارعين المتضررين جراء التقلبات المناخية والصقيع الذي يهدد سبل عيشهم. مؤكدا أن الصقيع لا يقتصر تأثيره على المحاصيل الزراعية فقط، بل يمتد إلى جميع جوانب حياة المزارعين في المنطقة التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة كمصدر دخل رئيسي.


     مواضيع مقترحة


ومنذ مطلع ديسمبر الماضي تتعرض مناطق في ذمار والبيضاء وصنعاء وعمران وصعدة لموجات صقيع شديدة تسببت في إتلاف العديد من المحاصيل الزراعية؛ مما ألحق أضراراً كبيرة بالمزارعين الذين يعتمدون على هذه المحاصيل لتلبية احتياجاتهم اليومية، وسداد ديونهم.

وتتنوع المشكلات التي تواجه المزارعين اليمنيين بين الآفات الزراعية التي أفسدت الكثير من المحاصيل، وبين انخفاض الأسعار بشكل كبير نتيجة عدم وجود خطة تسويقية من قبل الجهات المختصة؛ ما كبدهم خسائر كبيرة، فضلا عن ارتفاع أسعار البذور والأسمدة.

المزارع عبد الرحمن زياد، أبدى أسف نتيجة الخسائر التي تكبدها بسبب تأثر مزرعته بالصقيع، ويقول لمنصة ريف اليمن: “لم أكن أتوقع أن تكون هذه السنة شديدة البرودة، وآثارها بهذا الشكل، تكبدت خسائر متفاوتة، وأتلفت محاصيل البطاطا التي قمت بزراعتها”.

ويشدد المزارعون على ضرورة إيجاد حلول مستدامة لمواجهة التحديات المناخية التي تؤثر على القطاع الزراعي في وقت يحتاج فيه المزارعون إلى دعم عاجل من الجهات الحكومية والمنظمات المعنية.

المزارعون اليمنيون: معركة غير متكافئة مع الصقيع
حقل بطاطيس تعرض للصقيع في مديرية الحداء بمحافظة ذمار وسط اليمن (ريف اليمن)

الخبير الاقتصادي الدكتور عبد القادر العواضي قال لمنصة ريف اليمن إن هذه المشكلة تلقي بظلالها الثقيلة على حياة المزارعين الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للرزق؛ مما يؤدي إلى تدهور أوضاعهم الاقتصادية، وزيادة معاناتهم فوق ما يعانون جراء الوضع العام في اليمن.

انخفاض الانتاج

وقال العواضي إن هذه الآثار تؤدي لانخفاض الإنتاج الزراعي؛ مما يؤثر بشكل مباشر على السوق المحلية؛ حيث يتسبب في ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية ونقصها؛ مما يفاقم معاناة المستهلكين، وارتفاع الطلب على المنتجات الزراعية.

ولمواجهة هذه المشكلة، شدد الدكتور العواضي على ضرورة تقديم دعم تقني ومالي للمزارعين يتضمن توفير مبيدات فعّالة وآمنة لمكافحة الضريب، إلى جانب حملات توعية حول أساليب الزراعة الحديثة والوقاية.

ودعا العواضي إلى تعزيز دور التعاونيات الزراعية، وتطوير البنية التحتية لضمان وصول الدعم إلى المزارعين بشكل عادل، مؤكدا أن الاستثمار في القطاع الزراعي وتنظيم سوق المنتجات المحلية يمكن أن يكوِّنا خطوة محورية لضمان الأمن الغذائي، وتحسين الظروف المعيشية للمزارعين.

 

مزارعو ذمار... معركة غير متكافئة مع موجات الصقيع
أما الدكتور في كلية الزراعة بجامعة صنعاء منصور الضبيبي فقال إنه من الممكن مواجهة هذه التحديات من خلال تطوير خارطة زراعية تستفيد من التنوع الجغرافي والمناخي للبلاد، لافتا إلى أن هذه الخارطة تمثل أداة استراتيجية لتحسين توزيع المحاصيل الزراعية وفقًا للميزات النسبية لكل منطقة، مما يساهم في التخفيف من آثار الصقيع وارتفاع درجات الحرارة.

وأوضح خلال حديثه لمنصة ريف اليمن، أن إعداد الخارطة يتطلب تقسيم المناطق الزراعية بناءً على المناخ، والارتفاع عن سطح البحر، والطبوغرافيا، وخصائص التربة؛ “على سبيل المثال، يمكن زراعة المحاصيل الحساسة للصقيع في السهول الساحلية، بينما تخصص المناطق الجبلية للمحاصيل الأكثر تحملًا للبرودة، مثل العنب والتفاح”، يضيف الضبيبي.

وأشار إلى أن الخارطة ستساعد المزارعين في اختيار مواعيد الزراعة المثلى؛ مما يقلل من المخاطر المناخية، ويضمن استدامة الإنتاج. كما يمكن توجيه الموارد بشكل أفضل؛ مثل إنشاء بيوت محمية، وتعزيز أنظمة الري الذكية لتقليل تأثير الصقيع على المحاصيل.

وأكد الضبيبي أن تنويع الإنتاج الزراعي وفقًا للخارطة يقلل من الاعتماد على محصول واحد؛ مما يحد من الخسائر الاقتصادية ويحسن الكفاءة التسويقية، كما يسهم في استقرار توافر المنتجات الزراعية في الأسواق المحلية؛ مما يؤدي إلى استقرار الأسعار، وتخفيف الأعباء عن المستهلكين.

ويلعب القطاع الزراعي دوراً هاماً في الاقتصاد الوطني، حيث يعد قطاع الزراعة أحد أهم دعائم ومرتكزات الاقتصاد الوطني إذ تبلغ متوسط مساهمة القطاع الزراعي حوالي (13.7%) من إجمالي الناتج المحلي، بحسب المركز الوطني للمعلومات.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: