نساء ريمة.. مكافحات يتسيّدن قمم الجبال

تعد الزراعة من أهم الانشطة التي تمارسها النساء الريفيات

نساء ريمة.. مكافحات يتسيّدن قمم الجبال

تعد الزراعة من أهم الانشطة التي تمارسها النساء الريفيات

تكابد نساء ريمة في أعباء الحياة اليومية، وتساهم في تأمين الغذاء لأفراد العائلة، خصوصاً عقب هجرة الكثير من الرجال للبحث عن فرص للعمل، ومعه تحولت المرأة إلى لاعب رئيسي في الحفاظ على النظام البيئي من خلال ممارسة الانشطة الزراعية المختلفة.

وتتميز المحافظة التي تبعد حوالي 200 كيلو متر عن العاصمة صنعاء، بالجبال الشاهقة، والتضاريس الوعرة، واعتاد رجالها منذ عقود الهجرة منها ومغادرتها صوب المدن والمناطق الحضرية بحثا عن فرص العمل والحياة الأفضل، ومعها وجدت المرأة نفسها أمام مهمة كبرى تتعلق بتحمل عبء العمل في الأرض ورعاية الأسرة وتربية الأولاد وتدبير شئون الحياة، لتثبت نفسها كركيزة لا غنى عنها في استمرار الحياة في تلك التضاريس الصعبة.


     مواضيع مقترحة


نساء ريمة المكافحات

وتعد الزراعة من أهم الانشطة التي تمارسها النساء الريفيات وسكان المحافظة بشكل عام، وتضيف النهاري التي تنحدر من منطقة الجعفرية وهم أم لأخمسة أطفال، لمنصة ريف اليمن: “سابقا كنا نعاني من القحط، لكن السنوات الماضية شهدت هطول أمطار غزيرة وانتعشت الأراضي الزراعية، وتحملت أعباء الزراعة والعمل في الأرض”.

تقول آمنة النهاري سيدة في العقد الرابع من العمر:”بسبب صعوبات الحياة، اضطر زوجي للسفر خارج اليمن بحثا عن العمل، وتركني وحيدة أمام مسئولية الاهتمام بالأطفال، والزراعة، ورعاية المواشي، وغيرها من الاعمال التي أصبحت من المهام اليومية التي أمارسها من أجل توفير متطلبات الحياة، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية”.

تزرع النهاري شجرة البن، وبعض أنواع الذرة، والدخن، وتملك مساحات زراعية تقدرها بثلاثة فدانات تقع على بعد مسافة محدودة من منزلها، وبسبب الأوضاع الاقتصادية، تضطر النهاري للعمل وحيدة في الأرض.

وتقول:”أضطر أنا وأبنائي للقيام بكل أعمال الزراعة، من فلاحة الارض حتى جني المحصول، لا نستطيع جلب أيادي عمالة، والظروف أجبرتنا على العمل والاعتماد على النفس”، وعلى الرغم أن المحصول يأتي بكميات محدودة لكنها تواصل الكفاح.

والى جانب مهام النساء في الرعي والزرعة تعتمد بعص النساء على مهن مساعدة، كإنتاج بعض السلع، وبيع الألبان ومشتقاتها، وممارسة الخياطة وبيعها منتوجاتها بأسعار زهيدة في الاسواق المجاورة وبيع بعض الثمار الزراعية كالجوافة، والموز، والبن، وغيرها.

وتشكل المرتفعات الجبلية لليمن نحو 18% من المساحة الاجمالية للبلاد بينما يقطنها قرابة 80% من اجمالي عدد السكان حسب كتاب الاحصاء السنوي وتبقى هذه النسبة ثابتة تقريبا كما يقول مختصون وباحثون على الرغم من الهجرة الواسعة التي تشهدها المناطق الريفية باتجاه المدن والمناطق الحضرية.

المحافظة على النظام البيئي

سعود حسن هي الأخرى، قالت إن ظروف الحياة أجبرت زوجها على الهجرة الى احدى دول الجوار ووجدت نفسها وحيدة في تحمل أعباء زراعة الارض والاهتمام بالمواشي، ورغم المهام الشاقة التي تقوم بها الا ان هذه الاعمال مثلت لها مصدر مهم للعيش.

تقول حسن وهي سيدة في العقد الثالث من عمرها لمنصة ريف اليمن:” الزراعة عامل مهم للعيش، كونها توفر لنا جزء مما نحتاجه، ورغم المشاغل نحاول قدر الإمكان التوفيق بين الاهتمام بالأرض وبين القيام بالأعمال الأخرى كتربية الاطفال”.

ومن خلال ممارستها للنشاط الزراعي، لعبت المرأة الريفية في محافظة ريمة دوراً مهماً في الحفاظ على النظام البيئي إذ أن انتشار المساحات الخضراء يساهم في عودة الكثير من الطيور المهاجرة والحيوانات البرية وكل مكونات التنوع البيولوجي.

وبحسب نبيل المنتصر وهو مزارع وناشط في حماية البيئة بمحافظة ريمة فإن: “النساء في المناطق الريفية وتحديدا في المرتفعات الجبلية يمثلن حجر الزاوية في مسألة حماية الأراضي والتنوع البيولوجي من خلال مهامهنّ مزارعات وأيد عاملة في المجتمعات المحلية”.

ويضيف المنتصر لمنصة ريف اليمن:” النساء في ريمة يساهمن بصورة مباشرة في زيادة المساحات المزروعة وحماية الأراضي من التصحر والحفاظ على النظم البيئية واستمرار مهن الرعي والزراعة في المنطقة”، ويشير إلى أن المحافظة تفتقر إلى البنية التحتية وتواجه المرأة فيها تحديات إنسانية ومعيشية كبيرة ونقصًا في الخدمات الأساسية”.

حقول زراعية في إحدى مديريات محافظة ريمة وسط اليمن (يوسف الجبل)

لافتا إلى أهمية تشجيع المرأة، وتوفير التعليم والمعاهد والجامعات ورفع الوعي حول ضرورة الاهتمام بالمرأة الريفية وتشجيعها على التعليم حيث ان العادات والتقاليد بهذه المحافظة تتحتم على المرأة ان تظل خارج مراكز صنع القرار في المجتمع.

حياة أكثر صعوبة

كثيرة هي الصعوبات والتحديات التي تعترض حياة النساء في جبال ريمة والمرتفعات الجبلية اليمنية عموما، وهي لا تتوقف كما توضح الباحثة الاجتماعية رحمة البرعي على الصعوبات الطبيعية مثل وعورة التضاريس وما ينجم عنها من مصاعب السفر والتنقل اسعاف الحالات المرضية الطارئة وغير ذلك من متطلبات الحياة اليومية.

وتقول البرعي لمنصة ريف اليمن:” هناك أمور أخرى تمثل عوائق أمام تطور حياة النساء في الجبال وفي مقدمتها انعدام المساواة بين الرجل والمرأة مما يساهم بشكل تلقائي في حرمان النساء من حقوقهن الاساسية في التعليم والاستفادة من برامج الحماية الاجتماعية.

وأشارت إلى انعدم مشاركتهنّ في اتخاذ القرارات ضمن عائلاتهنّ ناهيك عن عدم المشاركة في اتخاذ القرارات على نطاق أوسع كما إن التسلسل الهرمي التقليدي يجعل المرأة في أدنى سلم الاهتمام المجتمعي”.

وتوضح ام عبد الكريم الريمي ان انعدام الطرق المعبدة وبُعد الاسواق، وكذلك قلة مرافق الخدمات العامة والمستشفيات يجعل الحياة أكثر صعوبة مما ينعكس سلبا على المرأة. وتضيف:” المنحدرات الشاهقة وبعد المسافات تنطوي على أخطار حقيقية تهدد حياة النساء خصوصا اثناء الرعي والاحتطاب وجلب الماء”.

وبالمجمل تحتاج المرأة الريفية بمحافظة ريمة الى اقامة العديد من برامج التعليم والتأهيل، وتشجيع تعليم الفتاة، فضلا عن اهمية التدخلات من قبل السلطات ومنظمات المجتمع المدني في سبيل توفير مراكز لتسويق منتجاتهن الحرفية والزراعية بما يسهم في رفع مستوى معيشتهن وتحسين دخلهن.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: