طلاب قرية الفَشْلَة بأبين: حين يصبح الظل فصلًا دراسيًا

حوالي 1.8 طالب بحاجة إلى الدعم العاجل لمواصلة تعليمهم بحسب الأمم المتحدة

طلاب قرية الفَشْلَة بأبين: حين يصبح الظل فصلًا دراسيًا

حوالي 1.8 طالب بحاجة إلى الدعم العاجل لمواصلة تعليمهم بحسب الأمم المتحدة

“أحلم بأن أتعلم داخل فصل مثل الأطفال الآخرين، وأن تكون لدينا مدرسة وكتب وسبورة”، بهذه الكلمات عبّرت الطالبة هدى، ذات العشر سنوات، عن اشتياقها للتعلّم داخل فصل دراسي، بعد أن سئمت من الدراسة تحت ظلال الأشجار، وحرارة الشمس، في قريتها الواقعة بمحافظة أبين جنوب اليمن.

ويتلقى عشرات الطلاب في قرية “الفَشْلَة” المُقدّر عدد سكانها بـ700 نسمة، وتبعد 45 كيلومتراً من مركز مديرية لودر، تعليمهم في العراء، وتحت ظلال الأشجار، منذ سنوات طويلة، وسط ظروف بيئية ومناخية صعبة، وغياب أبسط مقومات التعليم الأساسية، ما يرسم صورة قاسية للمعاناة التي تواجهها المناطق الريفية في اليمن، وستنعكس سلباً على مستقبل الطلاب.

قرية الفَشْلَة: رحلة التعليم في العراء

منصة “ريف اليمن” كانت قريبة من معاناة الطلاب، حيث زارت القرية، وشاهدت مجموعة من الأطفال يفترشون الأرض، ويستظلون بأشجار متناثرة لتلقي التعليم، الأمر الذي يعطي بارقة أمل بأن هؤلاء الأطفال متمسكون بالعلم رغم شحة الإمكانات ومعاناتهم المتفاقمة يوماً بعد آخر، وألماً إزاء وضعهم الصعب الذي لم يلتفت له أحد.


      مواضع ذات صلة


أحد أولياء الأمور، يدعى أحمد علي، أكد لمنصة “ريف اليمن” أن التعليم في المنطقة يعاني كثيرا، ورغم ذلك لا يزال مستمراً رغم تفاقم معاناة الأهالي، وعدم قدرتهم على إيجاد ولو فصل دراسي واحد يحمي أطفالهم من أشعة الشمس التي يتلقون التعليم تحت حرارتها الشديدة.

وأكد أن المعلمين يجتهدون في إيصال المعلومات رغم شح الموارد وغياب الفصول المدرسية، آملين أن يتسلح أبناؤهم بالعلم والمعرفة لإنقاذ المنطقة من الفقر المدقع والتهميش الذي لاقته من قبل الجهات المعنية والسلطات الحكومية.

ويقول إسماعيل قائد، وهو أحد المعلمين بالقرية: “نحاول بما لدينا من إمكانات أن نوفر للطلاب التعليم، لكن الظروف قاسية للغاية؛ لا توجد فصول، ولا حتى مظلة تحمي الأطفال من حرارة الشمس أو الأمطار”.

وأضاف قائد في حديثه لمنصة ريف اليمن: “معاناة طلاب هذه القرية لا تُقارن بغيرها، علماً أنهم في منطقة نائية تَبعُد عن المدينة ما يقارب 45 كيلومتراً، وتقع بين سهول وجبال، مما يصعّب عملية التعليم، أو حتى تقديم أية مساعدات للمنطقة، كون المنظمات لا تصل إلى هنا”، بينما يضيف طالب يدعى علي أحمد: “آباؤنا لا يستطيعون بناء مدرسة، لا توجد إمكانيات لتوفير الحد الأدنى من احتياجاتنا، وسبق أن أطلقنا مناشدات عديدة، للأسف لم تلقَ أي استجابة”.

يتلقى الأطفال تعليمهم في قرية الفَشْلَة بمحافظة أبين تحت الأشجار وسط ظروف بيئية ومناخية صعبة (فهد البرشاء)

وتزيد معاناة غياب الفصول الدراسية من مأساة الطلاب في هذه القرية الحاضنة للألم والأنين منذ سنوات طويلة دون أي استجابة من قبل السلطات الحكومية. ووفقا لمنظمة اليونيسيف: “يوجد في اليمن أكثر من مليوني طفل خارج المدرسة في الوقت الراهن”، مشيرة إلى أن “التعليم الأساسي لا يزال غير متاح للكثير من الطلاب والفتيات، لا سيما من يعيشون في المناطق الريفية النائية”

مناشدات رسمية

مدير مكتب التربية والتعليم في مديرية لودر، علي اليافعي، أكد أن المنطقة بحاجة إلى بناء ثلاثة فصول دراسية على الأقل، نظراً للكثافة الطلابية، وبُعد المدارس عنها، حيث يدرس الطلاب في العراء وتحت الأشجار.

وأوضح اليافعي في تصريح لمنصة “ريف اليمن” أن مكتبه مهتم بهذه المأساة، وسبق أن أطلق مناشدات للمنظمات الدولية الداعمة وغيرها من الجهات الخيرية لبناء فصول دراسية تقي الطلاب من حرارة الشمس وبرودة الشتاء القارس، لكنها لم تجدْ أي استجابة، متمنياً أن تلتفت الجهات الرسمية أو المنظمات المهتمة بالتعليم لهذه المعاناة.

طلاب الفَشْلَة بأبين.. حين يصبح الظل فصلًا دراسيًا
مبادرة خيرية توزع حقائب مدرسية للطلاب في قرية الفَشْلَة بأبين (فهد البرشاء)

وبحسب الأمم المتحدة، فإن “حوالي 8.1 مليون طالب  يحتاجون إلى الدعم العاجل لمواصلة تعليمهم. ونتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة فإن غالبية الآباء يشعرون بأنه ليس لديهم خيار سوى إلحاق أطفالهم في الأشغال والعمل”، مشيرةً إلى تدهور البنية التحتية؛ إذ تم تدمير أكثر من 2500 مدرسة أو إتلافها، أو استخدامها لأغراض أخرى.

ويقدر عدد الطلاب الذين يدرسون في العراء في اليمن بعشرات الآلاف، وهذا الوضع ناجم عن تدمير أو تضرر المدارس جراء الصراع المستمر، مما أجبر الأطفال في العديد من المناطق الريفية والنائية على تلقي تعليمهم في ظروف غير إنسانية.

ويناشد أهالي “الفَشْلَة” كافة الجهات لدعم المنطقة من خلال بناء فصول دراسة، وتحسين عملية التعليم، وتوفير بيئة مناسبة للأطفال؛ كون حرمانهم من التعليم قد يقودهم إلى مستقبل مظلم، أو يجعلهم يلتحقون بجماعات إرهابية خارجة على النظام والقانون.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: