تعيش عشرات القرى، في سفح جبل سُمارة بمحافظة إب وسط اليمن، معاناة غير مرئية بعيدة عن عدسات الكاميرا؛ إذ تعاني حالة من الحصار والانقطاع عن الخارج نتيجة توقف الحركة في طريق الشعوب التي تعد شريان حياة لـ17 قرية، بسبب السيول والانهيارات الصخرية القادمة من أعلى الجبل.
ما الذي حدث؟
شهدت المنطقة في الـ 25 من أغسطس الجاري أمطارا غزيرة أدّت إلى تدفّق سيول جارفة، وقد صاحبها انزلاقات صخرية تحدث لأول مرة في سلسلة جبل سمارة، وقد أوقفت حركة السير في طريق صنعاء – تعز لنحو ٤٨ ساعة، وعقب تدخل السلطة المحلية، فُتحت الطريق.
الصخور والأحجار المنحدرة من أعلى الجبل بفعل السيول وعملية فتح الخط الدولي قطعت طريق أهالي قرية الشعوب في سفح الجبل، وما يزال الأهالي عالقين إلى لحظة كتابة التقرير، ولا يستطيعون الوصول إلى الأسواق في المحافظة، ولم تتدخل السلطة لفتح الطريق.
مواضيع مقترحة
- “الطرق الوعرة”.. شريان الحياة المقطوع في عُتمة ذمار
- رصف الطرقات.. مبادرات ريفية لإنقاذ الحياة
- الوعورة تهدد حياة الريفيين والطريق يقهرها
يقول فضيل عبد الله (35عاما) وهو سائق سيارة نقل بضائع: “إن السيول القادمة من جبل سمارة عطّلت الطريق الريفي تماما، وبات الأهالي في حالة من الحصار لا يستطيعون الخروج والدخول من القرى وإليها”.
وأضاف في حديثه لمنصة ريف اليمن أن هناك سبعة أماكن في الطريق الريفي تضررت، خمسة منها أضرار جزئية، وهذه يستطيع الأهالي إصلاحها، لكن الأماكن الأخرى تضرّرت بشكل كلي، وتحتاج إلى تدخل من السلطة المحلية أو المنظمات الفاعلة.
وقد أظهرت صور وفيديوهات، حصلت عليها منصة ريف اليمن، طريق الشعوب وهي معطلة، تتوسطها صخور كبيرة تقطع عبور سيارات النقل.
يضيف فضيل وهو من أبناء قرية بيت عباس (مجاورة لقرية الشعوب) أن الأهالي لن يستطيعوا فتح الطريق بجهودهم الذاتية مهما حاولوا، خصوصا في منطقتي نحيمة والنباهي، وفيهما تضرّرت الطريق بشكل كلي، وتحتاج إلى صيانة بعد إزالة الصخور والأحجار والأتربة المتراكمة.
شريان حياة
تمتد طريق قرية الشُعوب بطول يبلغ نحو 6 كيلومترات، وتشكل شريان حياة لسكان 17 قرية، وتعد قرية الشُعوب هي الأعلى في عدد السكان؛ إذ يبلغ عدد سكانها نحو ألفي نسمة تقريبا، وتتوزّع تلك القرى إداريا على مديريات يريم والمخادر وأجزاء من مديرية القفر، وهي قرى متداخلة ومتقاربة، وهو ما يعزز أهمية الطريق.
تبدأ الطريق من وسط نقيل سمارة الشهير، وتحديدا من منطقة تُسمى جربة النجد، وهي منطقة تتبع إداريا مديرية المخادر، وتمرّ بجبال عدة، وبمنحدرات شديدة الخطورة، وتقطع عددا من القرى والأراضي، وتنتهي وسط الشعوب، وهي قرية تتميز بالخضرة ووفرة الماء والزراعة.
ويعتمد سكان القرى في حياتهم اليومية عليها في جلب حاجياتهم بشكل يومي من الأسواق في المحافظة مثل سوق السبت، ومنطقتي الدليل والمفرق، ويعتمد عليها الطلاب في الوصول إلى جامعة إب للدراسة، الأمر الذي يجعل منها شريان حياة، وتعطلها يمثل توقف للحياة.
ويؤكد محمد العزي (25عاما) أن الجميع عالق في هذه القرى، ولا طريق أخرى بديلة لعبور السيارات ودخول البضائع إلى القرى، مضيفا أن المعاناة تتضاعف في حالة إسعاف المرضى، الأمر الذي يهدّد حياة السكان، خصوصا كبار السن.
ويشير ضياء محمد أن الطلاب من أبناء تلك القرى توقّفوا عن الدراسة، والبعض يضطر للخروج بواسطة الدراجات النارية، أو المشي على الأقدام إلى أعلى جبل سمارة (نحو 2 كيلومتر)، حيث يستقل باصات نقل إلى مدينة إب.
تسببت انزلاقات صخرية وطينية بإغلاق الطريق في نقيل سمارة الرابط بين صنعاء، ومحافظات إب وتعز وعدن. بشكل كلي، وتشهد البلاد أمطار غزيرة تسببت بانهيارات في عدد من المناطق.#منصة_ريف_اليمن pic.twitter.com/YXrXtptTOj
— ريف اليمن Reef Yemen (@Reefyemen1) August 25, 2024
مناشدة عاجلة
وأطلق السكان مناشدة عاجلة للسلطة المحلية في المحافظة ولكل الجهات المعنية، طالبوا فيها بالتدخل العاجل لفتح الطريق، مؤكّدين أن الطريق بحاجة إلى حلّ جذري لتصريف السيول، وتأمينها من الصخور المنحدرة من أعلى الجبل.
ويقول خليل محمد (25عاما) وهو أحد شباب قرية الشعوب: “الطريق تحتاج إلى تدخل عاجل من السلطة المحلية لإزالة الصخور وفتح الطريق”، موضحا أن الأهالي ليس بوسعهم ذلك، فالأمر يحتاج إلى آليات ثقيلة.
وأضاف خلال حديثه لمنصة ريف اليمن أن المشكلة تتكرّر مع حلول موسم الأمطار في كل عام نتيجة غياب العبّارات الخاصة بتصريف مياه السيول، موضحا أن نزول الصخور الكبيرة هي الشيء الجديد الذي أثار مخاوف السكان.
ويذكر عمر أنور (40 عاما) وهو سائق دراجة نارية أن مشكلة الطريق مع السيول تحتاج إلى حل جذري، وهو عمل جسور، وعبّارات لتصريف السيول القادمة من جبل سمارة نحو القرى في أسفل الجبل، موضّحا أن المشكلة نفسها تعاني منها قرى أخرى مجاورة مثل قرية المراحب وغيرها.
وفي حديثه لمنصة ريف اليمن، دعا عمر السلطة المحلية والمنظمات المحلية والدولية العاملة في اليمن إلى تبني مشروع لإصلاح الطريق الهامة التي تُعد شريان حياة لآلاف السكان في القرى.
وأوضح عدد من السكان أن السلطات المحلية في المحافظة أبدت تجاوبها لكنها لم تتدخل فعليا حتى الآن، وما يزالون في الانتظار، مجدّدين مناشداتهم عبر المنصة للسلطة المحلية والمنظمات للتدخل وعمل حلول جذرية للطريق.
وكانت منصة ريف اليمن قد نشرت في وقت سابق تقريرا مفصلا عن طريق الشعوب وأهميتها الاستراتيجية لحياة السكان، وعرض التقريرُ المخاطر التي تهدّد الطريق نتيجة تدفق السيول من سلسلة جبال سمارة.
ومنذ أواخر يوليو الماضي، ازداد معدل هطل الأمطار بمدن يمنية ما أدى إلى وفاة العشرات، وتضرر نحو ربع مليون شخص، خصوصا من يعيشون في مخيمات النزوح، وفق الأمم المتحدة التي حذرت من أن الطقس السيئ في اليمن سيستمر حتى سبتمبر/ أيلول المقبل.