تحديات مناخية وبيئية تُنذر بانحسار الزارعة في ضواحي صنعاء

تقدّر حجم الأراضي المتدهورة من التحديات المناخية بـ5.6 مليون هكتار

تحديات مناخية وبيئية تُنذر بانحسار الزارعة في ضواحي صنعاء

تقدّر حجم الأراضي المتدهورة من التحديات المناخية بـ5.6 مليون هكتار

يواجه المزارعون في ضواحي العاصمة صنعاء، تحديات مناخية وبيئية متعدّدة، تُنذر بانحسار الزراعة في تلك المناطق التي يعتمد أغلب سكانها على عوائد الزراعة لتأمين الغذاء لأسرهم، في بلد يعاني أسوأ أزمة إنسانية بالعالم.

تبلغ مساحة محافظة صنعاء حوالي 11877 كيلو متر مربعاً، تتوزع في ستة عشر مديرية، تضم 146 عزلة و2206 قرية، وتعد زراعة الحبوب والخضروات والفواكه، إضافةً إلى زراعة الأعشاب الطبية كالحبة السوداء والكمون، من أبرز الأنشطة الزراعية التي يمارسها السكان، مما يعزز التنوع الزراعي في المنطقة.

تحديات مناخية وبيئية

مؤخّرا بات المزارعون في مواجهة مباشرة مع المناخ؛ إذ أدّت التغيرات المناخية إلى حدوث تقلّبات في درجات الحرارة، وحدوث شدة مطرية أحيانا، وذلك بدوره ينعكس سلبا على المحاصيل الزراعية، ويُعقّد من عملية التنبؤ بالمواسم الزراعية والتخطيط لها بفعالية، بحسب مزارعين تحدثوا لمنصة ريف اليمن.

تقول السيدة شمعة السعواني(60 عاما) وهي إحدى مُلاّك الأراضي في قرية بيت اللاهيدة بمديرية بني حُشيش إن: “التغيرات المناخية أثرت بشكل كبير على الزراعة. الطقس تغير كثيرًا، فالأمطار أصبحت تتأخر، وتهطل في غير موسمها وتُفسد المحاصيل بدلاً من ريها”.

وتضيف السعواني، خلال حديثها لمنصة ريف اليمن: “موسم العنب ضربه البَرَد (حبّات الثلج)، فتلف المنتج، واضطررنا أن نرمي أغلبه؛ لأنه أصبح غير صالح للبيع”، وتشير إلى أن أكثر المحاصيل تواجه المشكلة نفسها في تأخر موسم المطر، فلا يرتوي الزرع في بدايته، وينتهي بسبب هطول المطر بغير موسمه.

تحديات مناخية وبيئية تٌنذر بانحسار الزارعة في ضواحي صنعاء
غطاء من الخطوط الشفافة التي يستخدمها المزارعون لحماية الزراعة من الظروف المناخية غير الملائمة (ريف اليمن/ سهير عبدالجبار)

وتشير تقارير أنّ موجة الصقيع التي ضربت اليمن في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024 قد سبّبت خسائر زراعية كبيرة في عدد من المحافظات، بما في ذلك صنعاء وضواحيها، ومن بين المحاصيل الأكثر تضررا: البطاط، الطماطم، البصل، فقد أدى هلاك تلك المحاصيل إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق بشكل كبير.

وقدّرت تلك البيانات تكلفة تغير المناخ في قطاع الزراعة بأكثر من 64 بالمئة من إجمالي خسائر الاقتصاد اليمني، بينما زادت فجوة الغذاء إلى 40 بالمئة، فيما تقدّر حجم الأراضي المتدهورة من التقلبات المناخية إلى 5.6 مليون هكتار أي بنسبة تصل إلى 12.5 بالمئة من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية.

ولمواجهة تحديات الصقيع، يعتمد المزارعون على عدد من الوسائل من بينها استخدام السواتر العازلة من البلاستيك أو القش، لتغطية المحاصيل ولحماية النباتات من درجات الحرارة المنخفضة، واستخدام أنظمة الري للحفاظ على درجة حرارة التربة والنباتات، وزراعة المحاصيل التي تتحمل الصقيع.

نقص الموارد المائية

ليست التغيرات المناخية وحدها ما تعيق نشاط المزارعين؛ إذ تعاني عدد من المناطق الزراعية بمحافظة صنعاء من نقص في الموارد المائية، ونتيجة لذلك، تخلّت السيدة مليون الرصاص (30 عاما) القاطنة في مديرية بني حشيش، عن زراعة الخُضار كالبسباس والبطاطا والطماط، رغم أن الزراعة مصدر دخلها الوحيد.

تقول الرصاص لمنصة ريف اليمن: “للأسف الزراعة أصبحت لا تنمو، ولا فائدة منها، والاستمرار بهذا النشاط تحوّل إلى تحدٍّ كبير لنا، بسبب المشكلات التي تواجه الزراعة، إذ تتطلب شراء مبيدات بمبالغ كبيرة، ونحن نبيع بخسارة نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين”.

العنب 1000وفي ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المزارعين في ضواحي صنعاء تبرز أهمية توفير الدعم الحكومي المتمثل بتوفير الإرشاد الزراعي، والتسهيلات المالية، والتقنية، وغيرها. ويرى المهندس الزراعي وجيه المتوكل أن المرتفعات الجبلية تُعد من أكثر الأماكن تضرّرا بالتغيرات المناخية، وبحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، تتسم المناطق الجبلية بحساسية خاصة تجاه التدهور بفعل الضغوط البشرية وتغير المناخ على حد سواء.

الزراعية الذكية

لذلك، يقترح المتوكل في حديثه لمنصة ريف اليمن أن يتوجّه المواطنون نحو الزراعة الذكية، وهي كما تعرفها منظمة الفاو “نهج لإعداد الإجراءات اللازمة لتحويل النظم الزراعية وإعادة توجيهها لتدعم بصورة فعالة الأمن الغذائي وتكفله في ظلّ تغير المناخ”. بالإضافة إلى زراعة الأصناف التي تستطيع تحمل التغيرات المناخية، واستخدام بذور محسنة لزيادة الإنتاج.

ومن ضمن الصعوبات التي تواجه المزارعين الحصول على الطاقة لاستخراج المياه، وقد أصبح المزارع مؤخرا يستخدم مقدارا كبيرا من الألواح الشمسية، من أجل توفير الطاقة لرفع المياه من الآبار العميقة، ولكن ذلك يجعلها تشغل مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وذلك يؤثر على النشاط الزراعي، وفقا للمتوكل.

ومن الحلول المقترحة، بحسب المتوكل، توجّه المزارعين من خلال تعاون محلي مجتمعي أو حكومي لعمل سدود صغيرة ومتوسطة لجمع المياه، ودعم صغار المزارعين وتوفير آلات زراعية، وبيوت محمية، وتدريب المزارعين على طرق الزراعة الحديثة ورفع قدراتهم، وإدخال تقنيات حديثة تساعدهم على البقاء وإنعاش النظام الزراعي في مناطقهم.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :