غرب محافظة ذمار، تتربع محمية عُتمة، أول محمية طبيعية في اليمن أعلن عنها عام 1999م، وهي إحدى المناطق الجميلة والساحرة التي تزخر بها اليمن، وتمتلك مقومات سياحية متنوعة تؤهّلها لأن تكون وجهة للزوار والسائحين.
تشتهر محمية عُتْمة التي تبلغ مساحتها 441 كم 2 ، ويسكنها 145284 نسمة بحسب المركز الوطني للمعلومات، بطبيعتها الساحرة واخضرارها الدائم طوال العام، واحتواء المراعي فيها والأحراش على أنواع من الأشجار والنباتات الطبية والعطرية النادرة إضافة لبعض الحيوانات والطيور النادرة.
محمية عُتْمة الطبيعية
تتميز مديرية عُتمة بجمال الطبيعة المتمثل بالجبال الشاهقة التي تمتطيها المدرجات الزراعية والغابات الكثيرة وشلالات الينابيع والغيول المتدفقة على مدار العام، بالإضافة إلى ميزة المعالم التاريخية إذ تنتشر في أرجاء عتمة العديد من المعالم التاريخية والأثرية وفي مقدمتها القلاع والحصون.
ومن أبرز تلك القلاع “ابزار” و”سماه” و”بني أسد” و”ضورة”، بالإضافة إلى حصون شامخة العنفوان منها “الذاهبي”، خطفة”، “المصنعة”، “يدهل”، “الحمراء”، “نوفان”، ” رصب” “المقنزعة” و “الحصين”، وهي تمثل شواهد تاريخية حية تؤكد ارتباط مديرية عتمة بالحضارات اليمنية القديمة.
ويُعد التنوع البيئي والحيوي من الميزات التي تتمتع بها عتمة، حيث تمتلك غطاء واسعا من الغابات والأحراش وتحتضن أنواعا متعددة من الأشجار والأحياء البرية، بالإضافة إلى وجود الحمامات الطبيعية والثروات المعدنية.
ويشكل الغطاء النباتي نسبة 80 % من إجمالي مساحة المحمية، حيث تحتل المدرجات الزراعية الجبلية مساحة بحوالي 60% من أراضي المحمية. وبقية الأجزاء تغطيها الأحراش الحرجية بنسبة 30%.
رغم جمال المحمية، لم يرق مستوى الخدمات والبنية التحتية في معظم مناطقها إلى أهميتها السياحية المستمدة من احتوائها على عدد من المقومات السياحية، لتبقى تحت وطأة افتقارها للأنشطة السياحية والمشاريع الاستثمارية.
وتضم المحمية منطقة مخلاف حمير، وهي من أكثر المناطق جمالا في عتمة حيث الشلالات والغيول المتدفقة طوال العام والغابات الكثيفة الممتدة على ضفاف (سيل الذرح) من جهة الشرق و(سيل وجيس) من الجهة الغربية، إلا أن هذه المناطق تعاني من إهمال شديد وتفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لاستقطاب الزائرين كالطرق المعبدة والمرافق الخدمية والفندقية.
وتشكل وعورة الطرق وغياب البنية التحتية السياحية العقبة الرئيسية أمام تحقيق المحمية لإمكاناتها السياحية الهائلة. فالمنطقة تزخر بالعديد من المواقع الأثرية إلى جانب مناظرها الطبيعية الخلابة والمتنوعة، إلا أن الزوار لا يستطيعون الوصول إليها بسهولة.
غياب الاهتمام
ويؤكد مدير مكتب السياحة في مديرية عتمة، هاني مضمون، أن عُتمة منذ إعلانها محمية طبيعية لم تحظَ بأي اهتمام من قبل الدولة للنهوض بالواقع السياحي فيها، وجعلها وجهة للزائرين.
ويضيف مضمون لمنصة ريف اليمن: “لا توجد أي خطط أو استراتيجيات لدى السلطة المحلية لحل مشاكل السياحة، ولم نلحظ حتى التفكير بالنهوض بالواقع السياحي لا قديما ولا حديثا، رغم ما تمثله من أهمية وكونها رافدا للخزينة العامة”.
ويلفت مضمون إلى جملة من التحديات التي تواجه قطاع السياحة في محمية عتمة، خاصة في مناطق مخلاف حمير، أبرزها توسع حفر الآبار الارتوازية التي تغذي شجرة القات على حساب المحمية وجمالها، بالإضافة إلى انعدام البنية التحتية للسياحة كالفنادق والمنتجعات والمطاعم ومخيمات الإيواء في تلك المناطق الجميلة.
ويشير مدير مكتب السياحة في مديرية عتمة إلى أن وعورة شبكة الطرق تتسبب في إعاقة كثير من الزوار للوصول إلى هذه المناطق، وتحول دون وصولهم إلى الغابات والشلالات والمناظر الخلابة، للاستمتاع بالجمال الرباني الفريد.
أما المختص في المجال السياحي علي قاسم سنان، فيقول لمنصة ريف اليمن: “إن عتمة لا تزال تفتقر لأدنى المقومات السياحية البيئية مثل الطرق الإسفلتية، والنزل السياحية والفنادق والاستراحات، فضلاً عن الترويج السياحي والطرق الفرعية ومشاريع البنى التحتية، إلى جانب ترميم الحصون والقلاع الآيلة للسقوط.
ويؤكد سنّان أن النشاط السياحي في عتمة يواجه تحديات كثيرة، وتأتي في أولويات هذه التحديات غياب الطرق الإسفلتية، ويضيف: “ليست السلطة المحلية وحدها مَن يجب أن تسهم في مواجهة هذه المشكلة، بل هناك دور متكامل للمواطنين من أبناء المنطقة، بالإضافة إلى رجال الأعمال منظمات المجتمع المدني”.
ويتابع: “يتمثل دور المواطن في التخلي عن زراعة القات الذي طغى على مساحات واسعة من المحمية، واستبدال زراعة الأشجار المثمرة به، أي الأشجار التي لها مردود عال كالبن والأفوكادو والكيوي والزعفران والليمون والزيتون والهيل وغيرها، فهذه المنطقة صالحة لزراعة هذه الأشجار والمناخ الاستوائي المناسب”.
وبالنسبة لدور رجال الأعمال قال سنان أنه مرتبط بالاستثمار من خلا إنشاء الفنادق والشاليهات والمطاعم، وفقا لسنان الذي أكد استعداده لإعداد وتأهيل كادر سياحي متمكن من خلال خبرته، والبحث عن ممول مشروع أكاديمية في مجال السياحة والفندقة أسوة ببقية البلدان.