أعراس القُرى ومكبّرات الصوت: ظاهرة مُزعجة تتوسع

أصبحت الظاهرة مصدر للتفاخر والتنافس بين الآخرين ولايوجد قانون ينظم ذلك

أعراس القُرى ومكبّرات الصوت: ظاهرة مُزعجة تتوسع

أصبحت الظاهرة مصدر للتفاخر والتنافس بين الآخرين ولايوجد قانون ينظم ذلك

في ظاهرة دخيلة على المجتمع، يستخدم سكان المناطق الريفية بمختلف المحافظات اليمنية مكبّرات الصوت في الأعراس، مما ينعكس سلبًا على السكان، بإزعاجهم، وينغّص حياتهم ويقلق سكينتهم واستقرارهم.

ويشكو سكان القرى الريفية بمحافظة تعز من مشكلة ارتفاع أصوات مكبّرات الصوت في الأعراس التي تبدأ منذ الصباح الباكر، وتستمر لساعات متأخرة من الليل، من دون توقف حتى في أوقات أداء الشعائر الدينية.

وتجدر الإشارة إلى أن ما تسببه مكبّرات الصوت في الأعراس من إزعاج لا يقتصر فقط على الأصوات العالية المنبعثة من مكبّرات الصوت، فثمة أعراس يصاحبها رقص وصفير وتصفيق وضجيج من الشباب، وتستمر لساعات متأخرة من الليل، وكل ذلك يعد دخيلاً على المجتمع.

مكبّرات الصوت في الأعراس

تُقلق مكبّرات الصوت في الأعراس السكينة العامة للسكان، وتشكو السيدة أم حسين (27 عاما)، وهي من قرية الموسطة في ريف مديرية جبل حبشي غرب تعز، من تأثيرات ارتفاع مكبرات الصوت والأغاني المزعجة بعرس أحد جيرانها.

وقالت لمنصة ريف اليمن: “أشعر بضجيج في رأسي وأفقد تركيزي”، وتضيف: “يجب أن يكون هناك قانون يحدد وقتاً زمنياً لاستخدام مكبرات الصوت في وقت النهار فقط”.

إيهاب محمد (40 عاما) من قرية النقيل بريف جبل حبشي، هو أيضا يتذمّر من استمرار أغاني الأعراس إلى الساعات الأخيرة من الليل، ويقول: “مزعجة جدا، لكن لمن نشتكي؟! ومن سيسمع لك ويراعي ظروفك وحياتك؟!”.

ويضيف: “نطالب الجهات المختصة والشخصيات الاجتماعية بعمل وثيقة تنظم عملية استخدام مكبّرات الصوت في الأعراس”.

من جانبه يرى الأخصائي الاجتماعي محمد بن حسن بأنه لا مانع من الفرحة، وذلك معروف في تقاليدنا، لكن ليس على حساب السكينة العامة للآخرين.

وقال حسن لمنصة ريف اليمن: “نحتجّ على رفع مكبرات الصوت بشكل مبالغ فيه واستمرارها حتى أوقات متأخرة من الليل، لكن احتجاجنا يظلّ صامتا في قلوبنا رغم تضررنا”.

يوافقه في الرأي أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز الدكتور محمود البكاري، فقد قال: “لا مانع من استخدام الأغاني في الأفراح، لكن بالحدود المعقولة وبحدود الأدب والذوق والاحترام للآخرين”.

أعراس القُرى ومكبّرات الصوت: ظاهرة مُزعجة تتوسع
رقصة البرع تعد إحدى أبرز مراسيم الزفاف في اليمن، وخاصة في الأرياف

ظاهرة دخيلة

ويرى أستاذ علم الاجتماع البكاري أن ظاهرة استخدام مكبّرات الصوت في الأعراس ظاهرة غريبة ودخيلة على المجتمع، وهي مرتبطة بمحلات تجارية تعمل على ترويج وتوفير مثل هذه الآلات مقابل مبالغ مالية.

وقال البكاري لمنصة ريف اليمن: “أصبحت هذه الظاهرة مصدرا للتفاخر والتنافس في الأعراس، وكلّما زاد عددها وحجمها ومدتها، كان ذلك معبرا، في نظر البعض، عن الأهمية والمكانة الاجتماعية ومستوى الدخل”.

ويضيف: “لكنها في الحقيقة مصدر قلق للسكان؛ لأنها تستمر لعدة أيام من دون مراعاة لمشاعر الآخرين من المرضى وكبار السن”.

وتابع: “هي مؤذية، وبالإضافة إلى ذلك تزيد من معاناة الشباب المقدم على الزواج؛ لأنها تمثل عبئا إضافيا عليهم، وليس لها أي إيجابيات”.

أسامة الجبري (26 عاما) من أبناء مديرية شرعب السلام  يذكر لمنصة ريف اليمن أن استخدام مكبّرات الصوت في الأعراس يمثل إزعاجا قد يستمر لأسبوع وأكثر، وفي حالات نادرة قد يستمر إلى شهر من دون مراعاة مشاعر الآخرين.

ويضيف: “عندما تستمر كل هذه الفترة تكون مكلّفة على طرفي العرس، من جهة استئجار مكبرات الصوت ونثريات ضيوف الحفلات الكثيرة التي قد تستمر أسبوع بمسمياتها المختلفة”.

ويرى الصحفي عالم المندلي، من أبناء منطقة الربيعي التابعة لمديرية التعزية، أن من يستخدم مكبرات الصوت في الأعراس لا يهمه مشاعر الآخرين من مرضى وكبار السن، وأحيانا يصادف احتفال أهل العرس ورفع المكبّرات موتا وعزاء في منطقة لا تكون بعيدة.

ويضيف المندلي أن استخدام مكبّرات الصوت في الأعراس ولفترات طويلة لا فائدة منها، وتكفي يومان إلى ثلاثة أيام يُشهر فيها الأهالي العرس.

ويتسائل: “ما الفائدة التي يجنيها العريس من السهرات المصحوبة بالأغاني المرتفعة إذا كانت ستُنسى بعد أيام من إقامة حفل الزفاف؟ ويجيب: لا فائدة سوى مزيد من الهدر والإسراف بثانويات لا تحمل أي جدوى”.

مشكلة متكررة

الأخصائي الاجتماعي حسن المشولي قال: “إن تنامي ظاهرة الأعراس المزعجة أيا كانت ومهما كانت بقيمتها ينبغي تركها والحذر منها؛ حتى لا تتحول من مناسبة فرح عند أناس إلى مظاهر إزعاج للآخرين، وخصوصا في الليل”.

ويضيف حسن في حديثه لمنصة ريف اليمن: “الناس يريدون أن يناموا ويهدؤوا، وهناك مرضى بحاجة للهدوء، فيأتي من يستخدم مكبرات الصوت فيحول سكينة الناس إلى مصدر قلق واضطراب لا يستحب”.

أما أستاذ علم النفس بجامعة تعز الدكتور جمهور الحميدي فقال: “إن هذا السيناريو المتكرر لاستخدام مكبّرات الصوت يجب أن يخضع للقوانين التي تحتفظ للآخرين بالعيش الآمن”.

وأضاف الحميدي لمنصة ريف اليمن: “المجتمعات التي تحترم نفسها تعدّ القيام بتشغيل مكبّرات الصوت جريمة في حق الآخرين؛ لأنها مصدر من مصادر التلوث الضوضائي، ومصدر من مصادر الاضطرابات النفسية الجسدية، وواحد من الأسباب التي تنشئ التوتر بين أفراد المجتمع وتفقد الآخرين التركيز، لا سيما الطلاب الذين هم على وشك الامتحانات”، مشددا على أهمية الوقوف بجدية إزاء هذه الظاهرة السلبية، وتقنينها بما يحفظ للآخرين حقوقهم.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :