تمكّن سكان بعض المناطق الريفية اليمنية في السنوات الماضية من تنفيذ مبادرات مجتمعية عدّة، كان أبرزها تلك التي أسهمت في إصلاح كثير من الطرقات الوعرة، وشقّ أخرى جديدة، لإنقاذ حياة السكان، وللتخفيف من معاناتهم.
يقول عبد الغني النجار (40 عاما)، وهو سائق حافلة صغيرة، إنه يشعر بالارتياح الكبير بسبب نجاح مبادرة مجتمعية في قريته الواقعة بمنطقة منازل بردان بمحافظة إب، فقد أُصلحت الطريق الترابية المتهالكة ورُصفت، حتى أصبحت سالكة.
في السابق كان النجار لا يستطيع الوصول إلى القرية على الحافلة نتيجة وعورة الطريق، وظلّ يعاني مثل المئات من المواطنين لسنوات طويلة، حتى تكاتف السكان في المنطقة، وتمكّنوا من رصف الطريق، لتصبح صالحة لوصول جميع المركبات وجميع الخدمات المختلفة.
رصف الطرق
حسن العبادي أحد المسؤولين في عملية الرصف، قال لمنصة ريف اليمن: “كان الأهالي والسكان يعانون بسبب وعورة الطريق التي تبلغ نحو 400 متر؛ إذ كان مُلاك السيارات الصغيرة والحافلات لا يستطيعون الوصول إلى القرية، بالإضافة إلى الصعوبات التي كان يواجهها سائقو الدراجات النارية”.
ويضيف: “دفعت تلك المعاناة سكان القرية إلى التعاون والتكاتف وجمع الأموال للقيام بإصلاح الطريق، حيث بدأ مجموعة من وجهاء القرية بجمع الأموال من المواطنين وأصحاب السيارات والمغتربين، ثم نُفذت عملية الرصف التي استمرت لنحو ثلاثة أشهر متواصلة، بتكلفة مالية قدرها نحو 15 مليون ريال يمني، أي ما يعادل نحو 30 ألف دولار (الدولار يساوي 530 ريالا).
وأوضح العبادي أن عملية رصف الطريق تمت في أواخر عام 2022 بإسهام أبناء القرية جميعا، وكان الذين لا يستطيعون دفع الأموال يُسهمون بالعمل اليدوي، لافتاً إلى ابتهاج السكان وفرحتهم الكبيرة عند انتهاء المعاناة التي استمرت لسنوات طويلة.
وغالبا ما تكون طرق الأرياف اليمنية وعرة وصعبة المسالك، وبسببها يعاني السكان من صعوبة إيصال الاحتياجات الأساسية كالدقيق والغاز، أو حتى نقل المرضى؛ إذ يتطلب ذلك استئجار سيارة قديمة ذات دفع رباعي بتكلفة مضاعفة، غالبية السكان لا يستطعون دفعها، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية.
ليست المبادرة الوحيدة
ليس هذه المبادرة الوحيدة، حيث تمكنت مبادرة مجتمعية أخرى من إصلاح طريق تربط بين ثلاث قرى، هي الوهاري وجبات والضوالع، في منطقة بعدان بمحافظة إب، على عدة مراحل، بحسب المسؤول الإعلامي للمبادرة جمال ناشر.
يقول ناشر: “أُنجز المشروع على عدة مراحل، وقد استمرت المرحلة الأولى حوالي ثلاث سنوات، وبدأت برسم خطة شاملة لمناطق التوسعة، ثم فتح حساب لجمع التبرعات من أبناء القرية والمغتربين.
ويضيف في حديث لمنصة ريف اليمن: “بادر الرجال في القرية بالعمل تطوعاً، كما بادرت النساء ببيع بعض حليّهن، بالإضافة إلى إسهامهن في إعداد الطعام للعمال، وتقاسم الرجال والشباب العمل الطوعي يومياً بدون كلل أو ملل، وتعاونوا في نجاح عملية رصف الطريق”.
وتابع: “الإسهامات المجتمعية برغم بساطتها وقلة مواردها، خاصة من ذوي الدخل المحدود، أشعلت الشرارة الأولى في انطلاق المرحلة الثانية من المشروع، وقد تمثلت بمباشرة العمل واستخدام أدوات بسيطة كان يمتلكها أكثر العمال في بيوتهم، ثم بدأ رصف وصب الطريق بالمبلغ المجموع، وتكلل المشروع بالنجاح، وأسهم في تخفيف معاناة المواطنين”.
ويكمل قائلا: “حين استنفدت القرية كامل تبرعاتها، بدأ اليأس يتسلل إلى نفوس المواطنين، سواء في ذلك القاطنون في القرية أم المغتربون البسطاء، لكن بفضل الله اكتمل الحلم المنشود بالمتبرع حافظ الأهدل، وما زالت هناك عدة مراحل جارية في العمل، من ضمنها إعداد الرصيف ومجرى السيل، وإكمال الطريق إلى القرى المجاورة”.
وفي ظل النجاح الكبير الذي حققته بعض المبادرات المجتمعية في شق وإصلاح الطرقات الوعرة، لا تزال كثير من القرى والمناطق الريفية بحاجة ماسة إلى إصلاح طرقها، خصوصاً في المناطق الشرقية لمحافظة إب؛ إذ يواجه سكانها صعوبات وتحديات كبيرة في نقل الخدمات والمواد الغذائية بسبب وعورة الطرقات فيها.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة الانمائي، أصبحت الحياة أكثر صعوبة في المجتمعات الريفية في اليمن بسبب تقيد الطرق الوعرة الوصول إلى الخدمات الحيوية والموارد والتعليم وفرص العمل والإمدادات الغذائية.