يشعر الحاج حسن أحمد ( 60 عاما) بالارتياح الكبير، بعد نجاح مبادرة بطلها أحد شباب قرية محْطَب، لإنارة ظُلمة طريقه عند مدخل منزله، وفي الأزقة التي يمر بها أثناء ذهابه للصلاة بمسجد قريته، الواقعة بمديرية السياني بمحافظة إب وسط اليمن.
في مطلع نوفمبر 2023، نجح الشاب محمد عبد الجبار في شراء إنارات ليلية تعمل بالطاقة الشمسية على نفقته الخاصة، ووضعها في عدد من الطرق والأزقة في قرية محطب، بهدف خدمة السكان والتخفيف من معاناتهم.
قرية محطب
يقول عبد الجبار لمنصة ريف اليمن: “مبادرة الإنارات كانت بدافع عفوي من أجل خدمة المجتمع، لا سيما كبار السن في القرية، وقد وُضعت في الممرات والأماكن الرئيسية كي يستفيد منها غالبية المواطنين”.
وأكد أن الإنارات لها تأثير إيجابي على حياة المواطنين، وهي ليست باهظة الثمن وأنه بادر بشراء خمة كشافات إضاءه بالطاقة الشمسية، وقال: تكاليف شراء الإضاءة الواحدة يبلغ مابين 12 و 22 ألف ريال يمني، (الدولار 530 في صنعاء)”.
ونتيجة لاستمرار انقطاع التيار الكهربائي منذ سنوات، يستخدم الكثير من السكان في المناطق الريفية الألواح الشمسية لإنارة منازلهم، ويكتفي غالبية المواطنين لإنارة المصابيح داخل المنزل، دون خارجه، في حين أن البعض منهم يفتقر لوجودها تماما، بسبب الظروف المعيشية القاسية.
يقول الشاب محمد إنه يطمح إلى توسعة الإنارات لتشمل كافة الأَزِقَّة والمداخل، مضيفاً لـ منصة ريف اليمن: لدي خطة لاستكمال عمل المبادرة، وكذا نقل الفكرة إلى القرى والمناطق المجاورة”.
“هي لا تكلف مبالغ كبيرة”، يقول محمد، ويشدد على ضرورة الاهتمام والتعاون بين الأهالي في مختلف القرى والمناطق الريفية لإيجاد مثل هذه الإنارات لما له من أهمية في خدمة المجتمع.
مبادرة ذاتية
وقد لاقت المبادرة لذاتية للشاب محمد استحسان السكان، ويصفها الصحافي أبوبكر الفقيه بأنها “خطوة عظيمة”، مشيرا أنها تساهم في تخفيف معاناة المواطنين، سواء النساء اللواتي يذهبن لجلب المياه قبل بزوغ الفجر، أو كبار السن، كما أنها ستساهم في الحد من ظاهرة السرقة ونشر الأمن”.
ويضيف الفقيه لمنصة ريف اليمن: “لو أن كل صاحب منزل وضع إنارة أمام منزله، ستصبح كل القرى فيها إنارات، وستكون الخدمة للجميع، لا سيما أن تكاليف شرائها ليست مكلفة”، ودعا المغتربين ورجال الأعمال بالإسهام في توسيع نطاق الإنارات حتى تصل إلى كافة الأحياء السكنية بمختلف القرى والمناطق الريفية في اليمن.
أما حسن أنور فيقول مبتهجا: “حقا الضوء من الجنة، كنت في السابق أذهب تحت جنح الظلام الدامس في ساعات الفجر الأولى، وكنت أخشى على نفسي من الوقوع في أي حفرة”، ويلفت إلى أن الإضاءة التي يستخدمها غير كافية ولا تفي بالغرض.
وأضاف لمنصة ريف اليمن: “هذه المبادرة أسهمت في الحفاظ على سلامتنا الجسدية، وهي أيضا مصدر للأمان والطمأنينة، وتذكرنا بزمن ما قبل الحرب عندما كانت الكهرباء تصل إلى منازل المواطنين”.
ويكمل: “صحيح أن لها دورا إيجابيا، لكنها مع الأسف ليست مثل الكهرباء، فهي أحيانا تتوقف عن العمل بسبب الغيوم أو الأمطار، لكنني مع ذلك أشعر بالسعادة والفرح”.
تماماً مثل حسن، تشعر حاكمة مثنى (55 سنةً) بالارتياح والسعادة بفعل الإنارة التي وُضعت على بعد خطوات قريبة من منزلها، فهي تذهب في ساعات الفجر الأولى لجلب المياه من خزان الماء القريب من الحي الذي تسكن به بريف محافظة إب.
وتذكر السيدة حاكمة أنها استفادت كثيراً، فقد كانت قبل ذلك تذهب لجلب المياه تحت جنح الظلام، وتقول: “كنت أخشى على حياتي، وأخاف من التعرض لأي مكروه، على غرار عشرات النساء اللواتي يذهبن لجلب المياه سواء من الحي الذي يسكن فيه أم من أحياء أخرى بعيدة”.
وتذكّر حاكمة بضرورة توسعة الإنارات لتشمل كافة الأحياء السكنية، فهناك نساء يستخدمن إضاءة خافتة ويأتين من مسافات بعيدة، وتقول: “نحث الميسورين من ملاك البيوت إلى تركيب إنارات خارج منازلهم كي تستفيد منها النساء”.
وفي ظل الظروف المعيشية القاسية، ليس بمقدور غالبية المواطنين توفير تكاليف الإضاءة خارج منازلهم، لذلك من شأن الجهود الذاتية الرامية إلى نشر الإنارات أن تسهم في تخفيف معاناة المواطنين وتحسين حياتهم، خاصةً النساء اللواتي يذهبن لجلب المياه، أو كبار السن الذين يذهبون للصلاة، إضافة إلى الأمان والسكينة التي توفرها الأضواء في الأحياء السكنية.
تجدر الإشارة إلى أن إنارات الطرقات ظهرت بشكل لافت في كثير من القرى الريفية بمحافظة إب، وبات السكان يحرصون على تركيب إنارات ليلية جوار منازلهم يصل مداها إلى نحو أمتار خدمة للسكان.
يحاول اليمنيين خلق مبادرات إيجابية، رغم استمرار تدهور الأوضاع المعيشية، ووفق تقديرات أممية، لا تزال اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج ما يقدر بنحو 18.2 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية في عام 2024.