“لم أشترِ شيئاً من الاحتياجات الرمضانية، ظروفي قاسية، وبصعوبة أتمكن من تأمين متطلبات الحياة اليومية”، بهذه الكلمات بدأ محمد حِزام (50 عاما) سرد معاناته مع حلول شهر رمضان المبارك الذي يستقبله اليمنيون على وقع أوضاع صعبة جراء الحرب المستمرة.
ينحدر حزام من ريف السَّيّاني جنوب محافظة إب (وسط اليمن)، ويعمل بالأجر اليومي بمهنة النجارة منذ سنوات، لكنه على غرار ملايين اليمنيين المتعبين والمثقلين بهموم الحرب، يستقبل رمضان هذا العام وسط ظروف قاسية أثقلت كاهله وأجبرته على التخلي عن شراء الاحتياجات الرمضانية المتنوعة.
ومثل حزام ملايينُ اليمنيين بالمناطق الريفية النائية، يستقبلون رمضان في ظل أوضاع قاسية انعكست سلباً على مختلف مجالات الحياة وتسببت بحرمان غالبية المواطنين من شراء الاحتياجات الرمضانية التي طالما كانت تزيّن موائد الإفطار بمنازل اليمنيين منذ عقود طويلة.
يقول حزام إنه “سيكتفي بوجبة “الشَّفُوت” و”العَصيدة”، فهما الوجبتان المتاحتان على مائدة الإفطار”، مضيفاً بأنه سوف يُحرم من شراء الخضروات.
ويضيف لـ”منصة ريف اليمن”،: “الناس في ضيق كبير، سابقا كنا نستعد لقدوم شهر رمضان والأسواق مكتظة والبسمة بوجوه الناس، أما الآن فالوضع مختلف تماما، غيّبت الحرب طقوس اليمنيين الرمضانية”.
ويتميز رمضان باليمن بكثير من الطقوس التقليدية المتعارف عليها في الأكلات التي تحضر بالمطبخ اليمني، وتزين موائد الإفطار الرمضانية في منازل اليمنيين، وتختلف من منطقة إلى أخرى، وتنفرد كل محافظة بطقوسها الخاصة المتوارثة منذ عقود طويلة.
عامل البناء بريف محافظة إب بشير محسن البالغ من العمر (53 سنةً) أيضا لم يتمكن من تأمين الاحتياجات الرمضانية بسبب ظروفه المعيشية القاسية.
ويقول لـ” منصة ريف اليمن”، “كل همنا الوحيد هو توفير التمر والزبادي، أما بقية الأشياء فقد أصبحت من الماضي”، ويضيف: “وضعنا المعيشي صعب للغاية، حتى المساعدات الإنسانية التي كنا نحصل عليها كل ثلاثة أشهر أصبحت متوقفة منذ عدة شهور”.
من جانبه أكّد المزارع جابر مقبل (60 سنةً) الذي يعمل بالزراعة وتربية الثروة الحيوانية منذ طفولته قائلاً لمنصة ريف اليمن: “تمكّنت من شراء التمر وقليل من الاحتياجات الأخرى بفضل بيع إحدى المواشي. أما الزبادي فمن الأبقار، نحن مبتهجون بقدوم شهر رمضان”.
أسعار باهظة
في ظل تحذيرات دولية من ارتفاع جنوني بأسعار المواد الغذائية والوقود على المدى القصير في عموم اليمن، بسبب تأثيرات أحداث البحر الأحمر تشهد بعض أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية ارتفاعا ملحوظاً، ولا سيما الاحتياجات الرمضانية والأكثر استخداما خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى ارتفاع السلع الأساسية: القمح والدقيق والسكر والزيوت وغيرها من المواد الغذائية.
وتشكو السيدة عائشة محسن (37 سنةً) من ارتفاع أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية بشكل لافت وتقول لـ”منصة ريف اليمن”،:”أسعار السلع باهظة، زوجي يعمل موظفاً حكومياً وبسبب توقّف صرف الرواتب الحكومية أواخر عام 2016 ليس بمقدورنا تحمل أعباء الاحتياجات الرمضانية”.
وفي حين تشكو عائشة ومثلها ملايين اليمنيين بالمناطق الريفية من ارتفاع أسعار السلع، يؤكد الصحافي الاقتصادي وفيق صالح أن أزمة الغلاء تعود في المقام الأول إلى تفاقم الأزمات في سلاسل الإمداد إلى اليمن وارتفاع تكاليف الشحن البحري بصورة قياسية، بسبب تأثيرات التصعيد في البحر الأحمر.
وقال الصحافي صالح لـ”منصة ريف اليمن”،: “هناك موجة من الغلاء والتضخم تجتاح الأسواق التموينية شملت مختلف السلع الأساسية والضرورية، مع حلول شهر رمضان المبارك الذي تزداد فيه عملية الإقبال والطلب من قبل المستهلكين”.
على غير العادة، بدت الأسواق الشعبية في مراكز المديريات الريفية والمحلات التجارية هذه الأيام شبه خالية من المشترين مع تراجع ملحوظ للقدرة الشرائية عند المواطنين بشكل لافت مقارنة مع الأعوام الماضية، وذلك بسبب استمرار توقف الرواتب وركود الأعمال بمختلف القطاعات الحيوية، بحسب إفادة تجار من محافظة إب لمنصة ريف اليمن.
وبحسب الأمم المتحدة، يظل 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 32 مليونا بحاجة إلى المساعدات، في حين تعاني المنظمات الإغاثية من نقص تمويل عملياتها الإنسانية، ما يؤثر سلبا على حياة كثير من الفقراء في البلد الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.