تعيش المرأة الريفية في اليمن حالة من القهر منذ ولادتها كأنثى مرورا بالطفولة وحرمانها من التعليم وتقييدها بقوانين اجتماعية واسرية تحرمها من أبسط حقوقها، ومن أهم الحقوق المصادرة عليها التعليم والميراث، بالإضافة إلى التصرف الذاتي من قبل أهلها بمنعها من الزواج في بعص الأحيان لأسباب تخص ولي امرها فقط.
ونتيجة لعادات وتقاليد مازالت متجذرة يدعمها الجهل والفقر الذي يعاني منها غالبية الشعب اليمني تتكبد المرأة اليمنية وخاصة في الأرياف والمناطق النائية، مشاق الحياة والأعمال الموكلة اليها دون حصولها على أبسط الحقوق، وبعضهم يحرم النساء حقها بدعوى وموروث جاهلي.
وفاقمت الحرب التي اندلعت في اليمن قبل ثماني سنوات، من معاناة المرأة اليمنية بشكل عام وافقدتها المكتسبات التي حققتها خلال الاستقرار ويأتي التعليم في مقدمة ذلك، في حين توسعت الانتهاكات المرتبطة بالجهل والفقر بشكل أساسي وكانت النساء في الريف أكثر الضحايا.
وكنتيجة حتمية للفقر أجبرت “زينب” التي تنحدر من إحدى أرياف محافظة الحديدة (غرب اليمن) على الزواج في سن 16 سنة دون تحقيق حلمها في التعليم، وقالت: “ان والدها كان يؤمن ويكرر المثل الشعبي القائل “المرأة مالها الا الزوج او القبر”. بمعنى ان ذلك مصير حتمي لا ينبغي التفكير بغيره.
أصبحت الآن “زينب” في منتصف العقد الثالث من عمرها، ومازالت تجد نفسها إحدى النساء الضحايا وأنها عانت من العادات الاجتماعية والقوانين الصارمة المفروضة من قبل رب الاسرة. وقالت لمنصة “ريف اليمن”، “تم منعي من مواصلة التعليم الابتدائي رغم وجود مدرسة في قريتي كما تعرضت للضرب عدة مرات نتيجة لذهابي للمدرسة خفية ووصل الحال في نهاية المطاف الى منعي من الخروج نهائيا من المنزل حتى انتهاء السنة الدراسية”.
ووفقا لبيانات صادرة عن منظمات دولية وحكومية فإن نسبة 14 % من الفتيات اليمنيات يتزوجن دون سن 15 عام، فيما 54% يتزوجن في سن 18 عام مما يجعل الفتاة اليمنية عرضة للوفاة نتيجة لغياب المراكز الصحية. وتعاني المرأة في اليمن كأنثى وكريفية حيث تختلف نظرة المجتمع حول المرأة نتيجة لعوامل عدة منها الطبقية والدينة والسياسية الى جانب العادات والتقاليد.
ويستغل كثير من أولياء الأمور عادات وتقاليد قديمة تحرم المرأة من حقوقها ويجعلها تابعة له مدى الحياة، وإذا كان الفقر سبب زواج زينب (قاصرة) فالمال سبب عنوسة جارتها نادية محمد (30 عاماً) في ريف الحديدة حيث رفض والدها زواجها رغم أن من تقدم لخطبتها من خيرة شباب قريتها حسب قولها.
وبحرقة تقول نادية لمنصة “ريف اليمن”، “لم يكتف اخواني كوني محرومة من الزواج بل عملوا على حرماني من كثير من الأراضي الزراعية التي ورثناها من والدي وبالأخص الأراضي التي نملكها في قرى بعيده عن قريتنا حيث تقاسموها ولم يعطوني شيئاً”.
ورغم أن القانون اليمني ينص على أحقية المرأة في الحصول على حقها من الميراث إلا أن غياب تطبيق وتنفيذ القانون الى جانب عادات وتقاليد المجتمع التي تعيب مطالبة المرأة عبر المحاكم يقفا حاجزا امام المرأة ويضعانها تحت رحمة الرجل وتابعة له.
وترى وئام الطيري وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة “ان المرأة في كثير من الدول العربية تعاني من التبعية لكن المرأة اليمنية هي الأسوأ نتيجة لاختلال في القانون اليمني والذي يستخدم في كثير من الأحيان ضد المرأة ويقف حاجزا امام تطلعاتها”
وقالت في حديث لمنصة “ريف اليمن”، “ان المرأة الريفية تعيش حياة متعبة فائقة الوصف وبعيدة كل البعد عن ادراكنا وكأنها تعيش في عالم موازي لا نستطيع تقبله او فهمه حتى”.
منع من الزواج
ويرفض بعض اوليا الامور تزويج بناتهم لأسباب مختلفة دون اكتراث لحقها كامرأة بالزواج، وذلك نتيجة للجهل والذكورية المتسلطة على النساء، ويتشارك في هذا الظلم غياب دور التوعية الاجتماعية والدينية المنضبطة في بعض الاسر التي تمارس هذا الانتهاك لحق المرأة.
ووفقا لتصورات خاطئة وعادات وتقاليد عملت على تقسيم المجتمع لطبقات برزت معظم الانتهاكات التي تمارس بشكل عام في المجتمع، فيما تحملت المرأة اليمنية تبعات تلك الاعراف أكثر من غيرها الأمر الذي يضاعف من معاناتها ويجعلها عرضة للظلم، ويرفض بعض أولياء الأمور تزويج بناتهم وان كانت الشروط المتعارف عليها مجتمعياً و دينياً متوفرة فيمن يتقدم لهن.
ونتيجة للعادات والتقاليد فقد حرمت (فاطمة) ـ اسم مستعارـ من الزواج نتيجة لرفض والدها زواجها من شاب لا ينتمي الى طبقة عائلتهم، فيما حظيت شقيقاتها بأزواج من نفس العائلة التي حددتها تلك الاعراف ووافق عليهم والدها.
وأرجعت الطيري، سبب رفض كثير من أولياء الأمور زواج بناتهم الى الوضع المعيشي الصعب في اليمن والخوف من فقدان أحد الأفراد العاملين في توفير احتياجات الاسرة ومتطلباتها الاساسية.
وأضافت “يخشى كثير من أولياء الأمور تحول ممتلكاتهم الى خارج الأسرة فيعمد الى رفض من يتقدم لطلب الزواج فيما تدفع المرأة المكبلة بقيود العادات والاعراف ثمن ذلك الجشع والأنانية والجهل بسعادتها وحرمانها من كل مسرات الامومة التي خلقت من أجله”.
ودفعت المرأة اليمنية ثمن باهض نتيجة للانتهاكات المتواصلة الناتجة عن الحرب الدائرة في اليمن منذ مطلع 2015، ووفقا لمنظمات دولية ومحلية فقد قتل ما يزيد عن 3 آلاف امرأة منذ مطلع 2015 فيما جرحت ما يزيد عن 5 ألف امرأة في مناطق متفرقة من اليمن. وبحسب منظمة سام للحقوق “تجاوزت عدد الانتهاكات التي طالت النساء خلال عام 2022 المنصرم 100 حالة في مناطق تسيطر عليها جماعة الحوثي”.