التداوي بالأعشاب.. ملجأ سكان الريف في اليمن

التداوي بالأعشاب.. ملجأ سكان الريف في اليمن

بات التداوي بالأعشاب الطبيعية ملجأ سكان الريف اليمني الذين لا يملكون ثمن الأدوية الطبية، نتيجة لارتفاع تكاليف العلاج بالمستشفيات.

وتقول السيدة اليمنية مريم الملحاني، التي تمارس هذه المهنة بريف محافظة الحديدة، منذ نحو ثلاثين عاما، إن الناس يقبلون عليها بشكل يومي، وبات هذا العلاج يلاقي رواجا كبيرا بين السكان ،خصوصا مع ارتفاع التكاليف بالمستشفيات.

وورثت مريم الذي يطلق عليها أبناء مديرية جبل راس “السيدة الطبيبة”، خبرتها من أمها بتقديم المساعدات الطبية عبر الأعشاب، حيث تقول إن نتائجها  طيبة لدى كثير من المرضى.

وتضيف مريم ” لـ”منصة ريف اليمن“، غالبية نساء القرى المجاورة المصابات بأمراض الورم كالدمامل، الجمرات، والحبوب والأعصاب الناتجة عن الأعمال الشاقة يقصدن دارنا ونقوم بمعالجتهن عن طريق التدليك وصرف  أعشاب ودهانات.

وتشير إلى انها تعلمت من والدتها الكثير من أنواع الأعشاب الطبيعية، وكيفية إعدادها واستخدامها بعلاج الكثير من الأمراض غير المعقدة.

ومنذ آلاف السنين يستخدم الناس الأدوية العشبية. وتشمل مزايا هذا النوع من العلاجات التوافر الجيد، والملاءمة للجوانب الثقافية المحلية، والتوافق مع التفضيلات الفردية، لكن المشكلة الأساسية تكمن أنه على الرغم من شعبية الأدوية التقليدية بشكل عام والأعشاب بشكل خاص، لا يزال هناك الكثير من الالتباس وعدم اليقين حول مدى فاعليتها.

وتشير الأدلة التاريخية إلى أن العلاج بالأعشاب يعود إلى العصر الحجري القديم، منذ حوالي (60,000) عام. وأول الأدلة المكتوبة على العلاج بالأعشاب يعود إلى أكثر من 5,000 عام وتحديدا إلى حضارة السومريين.

تؤكد مريم أنها لم تكتف بتقديم خبرتها لمعالجة المرضى لسكان الريف، بل تعمل على توعية المرضى الذين لا تستطيع معالجتهم بضرورة زيارة الأطباء المختصين بالمستشفيات الحديثة، كما انها تعمل على نقل خبرتها لابنتها لتقوم مقامها مستقبلا.

المواطن أنور صالح، وهو من أبناء المنطقة، قال إن زوجته كانت تعاني من ورم بالثدي بعد ولادتها بطفلهما البكر، وعند ذهابهم للطبيبة مريم أخبرتهم بعدم معرفتها بنوع المرض، ونصحتهم بضرورة استشارة الأطباء المختصين بالمستشفيات الحديثة.

وأضاف صالح في حديثه لـ”منصة ريف اليمن“، “حاول أقاربي إقناعي بالذهاب للمدينة وتلقي العلاج من طبيبة أعشاب أخرى تفاديا للتكاليف العلاجية بالمستشفى، لكن مريم حذرتني من الأعشاب وأكدت على ضرورة إجراء فحوصات طبية لتشخيص المرض”.

وعقب إجراء الفحوصات يقول صالح، أثبت الأطباء بمستشفى الحديدة انها تعاني من ورم سرطاني وان حالتها المرضية ليست بالخطيرة.

ووفقا لأطباء مختصين فإن خطورة الطب البديل تكمن باحتمالية مضاعفات الجرعة كونها مادة خامة وقد تحتوي على الكثير من المواد الضارة، خلافا عن الجرعة بالنسبة للطب الحديث حيث تخضع للكثير من التجارب ويتم نزع المواد الضارة وتقليل المضاعفات الى أقل حيز ممكن.

كما يمكن أن تسبب علاجات الطب البديل ضررا إذا تم استخدامها بشكل غير صحيح، وحتى الأعشاب الطبيعية تحتوي على مواد صيدلانية قد تؤدي إلى آثار جانبية ومضاعفات.

وتعتقد الرابطة المركزية لأطباء الطب الطبيعي “زد إيه إي إن” أن الأدوية العشبية والطبيعية أخذت تكتسب قبولا لاسيما بين من لديهم أمراض حساسية أو مشكلات صحية مزمنة. وتقول المتحدثة باسم الرابطة كريستل بابينديك: “لا نريد إنكار الطب التقليدي. فالطب الطبيعي ليس بديلاً عنه. لكن يمكن للمرء أن يكون أكثر نجاحا إذا عمل على المسارين”.

الفتاة نجلة أحمد، قالت إنها كانت تعاني من ورم بالرقبة ، الأمر الذي تحتم عليها زيارة الطبيبة مريم نتيجة لعدم قدرتها على دفع تكاليف السفر الى المدينة وتلقي العلاج، وعند وصولها طمئنتها واعطتها خليط من الأعشاب والدهان، وبعد أيام وخزتها بإبرة وتلاش الألم والورم.

ونتيجة للتكاليف الكبيرة بالمستشفيات، فإن غالبية سكان المناطق الريفية اليمنية باتوا يلجؤون إلى التداوي بالأعشاب الطبيعية، غير أن بعض الأمراض تكون بحاجة إلى إجراء فحوصات طبية حديثة، والتأخر عن ذلك يضاعف الحالة المرضية.

ويقول الطبيب عبدالرحمن الأحمدي لـ”منصة ريف اليمن” إن غالبية المرضى الوافدين من المناطق الريفية يصلون للمستشفيات وحالاتهم حرجة بسبب تقاعسهم عن الذهاب مبكرا، الأمر الذي يقلل من نسبة نجاح العمليات الجراحية وخاصة ” الأورام” .

ويرى الأحمدي أن الأمر معقد فيما يخص النظرة السلبية لدى المجتمع الريفي تجاه الطب الحديث نتيجة لغياب التوعية الصحية من جهة، وافتقار كثير من المستشفيات الحكومية والخاصة الى أطباء مختصين من جهة اخرى.

ونتيجة للصعوبات التي يعاني منها سكان المناطق الريفية وحالتهم المادية الصعبة الى جانب الجهل يعتمد كثير من المرضى على وصفات أطباء الأعشاب فيما تنتشر بالمجتمع الريفي  بعض الحالات الناجحة كإنجاز للطب البديل، مما يزيد ثقة المواطنين به.

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن 80 في المائة من سكان بعض البلدان الآسيوية والأفريقية يستخدمون حاليا طب الأعشاب في بعض جوانب الرعاية الصحية الأولية.

ويعتقد أن عددا من الأعشاب من المحتمل أن يسبب تأثيرات ضارة. وعلاوة على ذلك، فإن “الغش أو التركيب غير المناسب أو عدم فهم التفاعلات بين النباتات والأدوية أدى إلى ردود فعل سلبية تهدد الحياة أحيانًا أو قاتلة”.

وتشير هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة إلى أن الأدلة على فعالية الأدوية العشبية بشكل عام محدودة للغاية، تضيف الهيئة أن استخدام المستهلكين لمثل هذه الأدوية في كثير من الحالات يستند إلى المعتقدات الشعبية أكثر من الاعتماد على الأدلة والبحث العلمي.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :