بجهود ذاتية، تمكنت فتاة يمنية ريفية، من تأسيس مبادرة اجتماعية، هدفت لاستيعاب النساء والشباب والأطفال في القرى المحيطة بها جنوب مدينة تعز، والعمل على تأهيلهم، وصقل مهاراتهم، ليكونوا جزءًا من التغيير الإيجابي في الأسرة والمجتمع.
تقول الفتاة “اعتماد عبد الباقي”، المنحدرة من مديرية المواسط بريف تعز الجنوبي، إنها “قررت أن تضع لها بصمة إيجابية بالحياة، من خلال إنشاء ” مركز ” لاستيعاب أهم شرائح المجتمع من نساء، وشباب، وأطفال، لإفادتهم، وإشغال فراغهم بما يعود عليهم بالنفع”.
وتضيف خلال حديثها مع ” منصة ريف اليمن”، ” جاءت فكرة إنشاء مركز أو منتدى “أنت المبدع” لمعالجة انشغال الشباب والفتيات في أمور غير مجدية، ولمعالجة ضعف الالتحاق في المدارس، ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، وكذلك لمعالجة الآثار السلبية التي خلفتها الحرب”.
تم تأسيس المنتدى عام 2014 بجهود ذاتية، واستمرت “اعتماد” بطلة قصة النجاح بإدارته حتى موسمه الرابع، ومع تزايد عدد المقبلين عليه، وجدت صعوبة كبيرة في الاستمرار، مما اضطرها إلى التواصل مع فاعلي الخير لطلب الدعم والمساندة، إلا أن التفاعل كان ضعيفا”.
ماذا يقدم المنتدى؟
ويحتضن المنتدى مواهب متنوعة في مجال حفظ القرآن الكريم، والرسم، والشعر، والإنشاد، والحياكة، وصناعة الورود بالإضافة إلى الأشغال اليدوية، وغيرها. تقول اعتماد: “نخلق الحماس في نفوس المجتمع من خلال الأنشطة والمسابقات التنافسية العلمية والثقافية والإبداعية”.
وتمر المسابقات والأنشطة التي يقيمها المركز بثلاث مراحل، الأولى الإعلان عنها، ومن ثم إقامتها على مستوى كافة مدارس المنطقة، أما المرحلة الثانية فيتم خلالها تقسيم المنطقة إلى مجموعات، تضم كل مجموعة عدة قرى ومدارس، وفي المرحلة الثالثة تكون التصفيات النهائية لاختار الفائزين.
واستطاعت اعتماد أن تخلق جوًا تنافسيًا إبداعيًا بين كافة المدارس والقرى المجاورة لها من خلال إقامة مسابقة سنوية، وكذلك من خلال إقامة دورة تدريبية علمية ومهارات إعلامية وقد أدى ذلك إلى زيادة عدد المنافسين في كل سنة، مؤكدة أن فكرة المنتدى حققت أهدافها في تشجيع المبدعين، واحتواء مواهبهم، وصقلها، وإرشادهم نحو الطريق الصحيح.
مشيرة إلى أن الجميع أصبح متشوقًا للمشاركة في فعاليات المنتدى المختلفة، من أجل إبراز مواهبهم، كما يتقدم عدد كبير من أولياء الأمور للدفع بأبنائهم إلى الإدارة للتسجيل في هذه الفعاليات.
نماذج نجاح
ومنذ تأسيسيه حتى نهاية عام 2023، تمكن المنتدى من إكساب المئات من الشباب والفتيات مهارات لسوق العمل، وبلغ عدد من تم تكريمهم 5876 شابا وفتاة، بما يعادل نحو 650 متدربا سنويا، في إنجاز ليس بالسهل لمبادرة ذاتية خاصة في ظل ما تمر به البلاد من ظروف معقدة.
ومن ضمن نماذج النجاح التي حققها المركز، الطالبة أمة الرحمن حمد، التي بدأت شق طريقها أسوة ببقية زملائها نحو المستقبل، من خلال الأشغال اليدوية التي تدربت عليها، وأصبحت الآن تمارسها لخدمة نفسها ومجتمعها.
تقول أمة الرحمن ، لـ” منصة ريف اليمن”، إن “منتدى أنت المبدع”، كان المرشد الأهم لها في حياتها، والسبيل الوحيد الذي ساعدها على اكتشاف ذاتها، والتعرف على موهبتها وصقلها، بفضل التدريب والتشجيع المستمر الذي تلقته”.
وتضيف” تمكنت من إتقان فن الأشغال اليدوية المختلفة كالحياكة، وصناعة الورود، وفن الريزن الذي يشبه الزجاج في جماله ومتانته، بالإضافة إلى تصميم وإصدار البروشورات، والإعلانات الخاصة بالمدارس والمناسبات كالأعراس وغيرها.
أيمن نسب نماذج نجاح آخر، قال إن المنتدى ساعده وقدم له فرصة لحفظ القرآن الكريم من خلال تشجيعه على حفظه ضمن مسابقات تتضمن تدريجاً في حفظ الأجزاء، بدءًا من ثلاثة أجزاء وصولاً إلى خمسة ، ثم عشرة، وعشرين جزءا وأخيراً الوصول إلى حفظ المصحف كاملاً”.
ويقول نسب لـ”منصة ريف اليمن”، إن المنتدى بعد أن كان فكرة، أصبح واقعا وتمكن من خدمة أبناء المنطقة، بالإمكانيات المتاحة، متمنيا حصول المنتدى على الدعم الكافي لاستيعاب أكبر قدر من الشباب والفتيات وتدريهم وجعلهم مفيدين لأنفسهم ومجتمعهم.
صعوبات
رغم النجاحات الكبيرة التي حققه المنتدى، فإنه يواجه تحديات كبيرة، تخشى مؤسسته اعتماد عبدالباقي من توقفه بسببها، أبرزها نقص الدعم المالي، وعدم وجود مقر خاص به، بالإضافة إلى انعدم المعدات، مما يحد من قدرته على تقديم خدمات تعليمية وتربوية وثقافية ذات جودة عالية.
وبحسب اعتماد فإن من أبرز الصعوبات كذلك هي نقص الكوادر البشرية المدربة في مجال الأشغال اليدوية، بما في ذلك الحرف اليدوية، والحياكة، والتصاميم، وصناعة الميداليات، وتتطلب هذه المجالات دورات تدريبية ومدربين ومعدات، إلا أنها غير متوفرة في المنطقة.
لافتة إلى أن معظم الأنشطة والمسابقات التي يقيمها المنتدى تقام في المدارس، بسبب عدم وجود مقر خاص بالمنتدى، مناشدة رجال الأعمال وفاعلو الخير للمساهمة بإيجاد مقر خاص للمنتدى وتوفير المعدات، والتكفل بمستحقات المدربين، حتى يصبح المنتدى أكثر قدرة وفاعلية على إقامة التدريب والتطوير والتأهيل بجودة عالية لخدمة المجتمع.