يشكو المزارع أحمد عيسى (53 عاما) من الرياح الغربية الموسمية وزحف الكثبان الرملية إلى الأراضي الزراعية، في مديريتي موزع والمخا الساحلية بمحافظة تعز وسط اليمن.
وكغيره من المزارعين في المناطق القريبة من الصحراء، قال عيسى: “إن الرياح تعمل على طمر الأراضي والمزروعات والآبار”، وتعاني مناطق واسعة من ظاهرة التصحر في عدة محافظات يمنية أبرزها أبين والحديدة وتعز ومأرب شمال شرق اليمن.
ويعجز كثير من المواطنين استعادة أراضيهم، ودفع تكاليف المعدات الثقيلة التي تعمل على جرف الكثبان الرملية من الأراضي الزراعية وزيادة إنتاجها.
وتمتد كارثة الرياح الموسمية، وزحف الصحراء لتصل الى طمر المنازل المبنية من الطين والقش (العُشش) ما يفرض على السكان العمل باستمرار لإزاحة الرمال أثناء موسمي الرياح الغربية والشرقية، حسب أحد المواطنين.
وقال عبدالرحمن الصبري “لا يستطيع كثير من السكان استعادة أراضيهم وتحمل تكاليف إزاحة الرمال من جوار منازلهم، مما دفع البعض للهجرة الى مدن ومديريات مجاورة لتأمين معيشتهم بعد فقدان مزارعهم”.
وأضاف لـ”منصة ريف اليمن”، “دفعت 250 الف ريال لصاحب الحراثة من أجل إزاحة الرمال المتراكمة أمام بيتي وجوارها وستاتي الرياح الشرقية وتعيدها كما كانت في السابق”.
بدوره قال المزارع صالح الشميري: “إن المزرعة الواحدة، بحاجة الى ما يزيد عن 7 الف دولار لاستعادتها كما كانت في السابق، الأمر الذي يجعل من منطقة الزهاري والمشالحة وغيرها معرضة للتصحر بعد أن كانت أراضي خصبة تعتمد عليها مئات الأسر”.
تهديد الزراعة
ويمثل تغير المناخ تهديد كبير على الأراضي الزراعية، وزيادة المساحات الصحراوية وهجرة آلاف الأسر وزيادة الفقر في كثير من دول العالم النامي.
ولأن اتساع دائرة التصحر وقطع الأشجار، الى جانب عوامل عدة كانبعاث الغازات وحرق الوقود الأحفوري، يزيد من اطلاق ثاني أكسيد الكربون ويضاعف من عملية الاحتباس الحراري مما ينعكس تأثيرها على السكان بشكل مباشر.
وتشير الإحصائيات، الى ان اليمن واحدة من الدول الأكثر عرضة للتغيرات المناخية وزيادة المساحات الصحراوية، بنسبة تصل الى 86 بالمئة من إجمالي مساحة الدولة خلال العقود القليلة المقبلة.
وأرجعت الدراسة التي أعدتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي، السبب الى التغيرات المناخي، وسوء استخدام المياه الجوفية وتدهور الموارد الطبيعية.
وطمرت الرياح الموسمية عشرات الآبار في مديريات الساحل التهامي، أبرزها مديريات “موزع” و “المخا” و”الزهاري”، مما يضاعف معاناة السكان ويقلل من احتمالية استعادة الأراضي الزراعية.
وقال محمد عبيد (47 عاما) “ان عشرات الآبار طمرتها الصحراء في المناطق القريبة من زحف الرمال مثب قرى “البزية”، “الجرب”، حتى جبل العكي والثعباني، بعزلة المشالحة، فيما لاتزال مديريات بأكملها تحت تهديدات التغيرات المناخية”.
ووفقا لعبيد – الذي يعد أحد الشخصيات الاجتماعية في المنطقة – “يقدر عدد الآبار التي طمرتها الرمال الموسمية، ما يزيد عن 800 بئر متفرقة في القرى والمزارع القريبة للصحراء”.
وتبلغ مساحة الأراضي المتصحرة في اليمن 405 ألف كيلو متر مربع ما يعادل 71.6% من إجمالي المساحة فيما تمثل الأراضي المهددة بالتصحر 15.9% من إجمالي مساحة البلاد.
تهجير السكان
تتفاقم مشكلة التصحر والتغيرات المناخية لدى كثير من المزارعين في المناطق المتاخمة للصحراء والمرتفعات الجبلية في كثير محافظات الجمهورية، مما ينذر بحرمانهم من مصدر دخلهم والتفكير بالنزوح داخليا أو الهجرة خارجيا.
وأجبرت الرياح الصحراوية الحاج محمد الفقيه (55 عاما) على ترك منزله في ريف المخا والهجرة الى مدينة تعز، بعد أن عجز عن دفع الضرر الناتج عن زحف الصحراء وما تسببه الرياح الموسمية من تعرية للأراضي الزراعية.
ويرى مختصون في البيئة، أن التغيرات المناخية تزيد من احتمالية التصحر نتيجة لارتفاع نسبة الاحتباس الحراري كل عام، مما يتسبب في نتائج سلبية على القطاع الزراعي وزيادة الهجرة الداخلية والفقر والبطالة.
ويهدد التصحر والتغيرات المناخية كثير من سكان المناطق الريفية والتي يبلغ نسبتها 71.15% من إجمالي عدد السكان مما سيخلف صدمات غذائية قاسية وارتفاع نسبة البطالة في المستقبل إذا لم تواجه تلك العوامل بحلول جذرية من قبل الجهات المعنية.
وتتفاقم الأزمة الإنسانية نتيجة الحروب التي تشهدها البلاد منذ مطلع 2015، وتتجلى في احتياج ما يزيد عن 80% من السكان الى المساعدات الإنسانية فيما بلغ عدد النازحين 4.3 مليون، وفقا لتصريحات حكومية.
ويواجه اليمن مشكلات بيئية خطيرة ويحتل المرتبة 171 من أصل 182 دولة على مؤشر نوتردام العالمي للتكيف، والذي يقيم قابلية التأثر بتغيرات المناخ والاستعداد للتكيف معه.