في الـ5 من سبتمبر الماضي، كانت إحدى القرى النائية في مديرية القبيطة بمحافظة لحج، على موعد مع وصول أول وسيلة مواصلات “دفع رباعي” إلى ساحاتها، كاسرة سنوات طويلة من عزلتها عن القرى المجاورة، ومؤذنةً بعهد جديد، وحياة تختلف عن تلك التي عاشها الأهالي في الماضي.
قبل هذا التاريخ، كانت معاناة السكان قد وصلت إلى الذروة، حيث ظل الأهالي يمشون سيراً على الاقدام، عبر منحدر جبلي وعر، بمسافة تزيد عن 5 كيلو متر، للوصول إلى أقرب نقطة تصل قريتهم.
“شق طريق (العشة- عراصم) سُيخفف من معاناة نحو 10 آلاف نسمة، من سكان قرية جبل العشة في القبيطة، من خلال تسهيل وصول المواد الغذائية والتموينية، وإسعاف المرضى، وربط المنطقة مباشرة بسوق العند، وبقية قرى ومناطق المديرية، بالمختصر الطريق كان حلما بالنسبة لنا”، يؤكد فهيم سعيد، المسؤول الإعلامي للمبادرة.
يلفت المسؤول الإعلامي لمبادرة شق طريق، في حديثه لريف اليمن، (العشة-عراصم)، إلى أن “المشروع الذي استمر العمل فيه لمدة عام، ووصلت تكلفته إلى قرابة 30 مليون ريال، ما زال يحتاج حاليا إلى المزيد من الدعم، لاستكمال ردم ورصف بعض المناطق، التي تحتاج لذلك، وبناء الجدران الساندة وغيرها”.
شق الطرقات في القبيطة
مبادرة شق طريق (العشة-عراصم) التي كتب لها النجاح بفضل تفاني الأهالي وتعاونهم، واحدةً من 37 مبادرة مجتمعية، تشهدها مديرية القبيطة خلال عام 2023، وتتمحور حول شق ورصف الطرقات، وتعبيدها وتوسيعها، وفقا لتقرير الحصاد التعاوني السنوي، الذي أعده القائمون على المبادرات المجتمعية وحصلت “ريف اليمن”، على نسخة منه.
بعض تلك المشاريع، تمكنت من رؤية النور، وبعضها شارفت على الإنجاز، وتحتاج إلى تدخل وإسناد حقيقي، من قبل الجهات المعنية، والداعمين كمشروع شق طريق (شرارة-ثوجان-الرماء) الذي بدأ الأهالي العمل به في منتصف أغسطس عام 2020، ويجري حاليا إنجاز مرحلته الرابعة والأخيرة، بحسب المسؤول المالي للمبادرة، فتحي الغساني.
يلفت الغساني إلى أن “عوامل عدة تسببت بعرقلة استمرار العمل بشكل متواصل، وأبطأت من وتيرة إنجازه، منها توقف الدعم المالي، والتضاريس الجبلية الوعرة التي تمر بها الطريق، وما قد تم إنجازه حاليا تزيد مسافته عن 1900 متر من إجمالي 3450 متر المسافة الكلية للطريق، وبتكلفة تقارب 40 مليون ريال يمني من الفئة الجديدة”.
الغساني ناشد “السلطة المحلية والجهات المعنية، من منظمات، وجمعيات وتجار ومحبي التنمية والخير، إلى دعم المشروع حتى استكماله، وتحقيق الغاية التي بذل الأهالي من أجلها الكثير من الجهد والأمنيات”.
مجالات متنوعة
مشاريع شق وتعبيد الطرقات، أخذت النصيب الأكبر من تركيز المبادرات المجتمعية، لما للطرقات من أهمية ماسة في كونها الأساس لكل المشاريع كالتعليم والصحة والتجارة والتنمية بشكل عام، إضافة إلى وجود مجالات كثيرة كبناء المنشآت التعليمية والصحية،وحفر آبار المياه، ودعم وتشجيع المزارعين، وبناء دور العبادة، وتسوير المقابر، وتأسيس أندية ونشاطات رياضية، والتي سجلت حضورا لافتا هي الأخرى.
تقرير الحصاد السنوي الصادر عن المبادرات المجتمعية، يشير إلى أنه يجري العمل بـ 15 مشروعا في مجال الزراعة والمياه، تتمحور حول حفر وتأهيل آبار مياه الشرب، ورفدها بمنظومات الطاقة الشمسية، وبناء خزانات تجميعية لمياه الامطار، وأخرى بجانب الآبار، وتوفير محطة تحلية للمياه، في إحدى القرى، كذلك توزيع شتلات البن والهيل، من قبل صندوق حبيب التنموي الخيري.
ما تشهده مناطق القبيطة، من حراك تعاوني له نماذج مشابهة في مختلف محافظات اليمن، فخلال سنوات الحرب نشطت المئات من المبادرات التنموية، في المناطق الريفية النائية، وحققت إنجازات جبارة، ستظل شاهدا على عظمة الإنسان اليمني، الذي انتصر على سطوة الموت والدمار.
عيد تعاوني
المبادرات التعاونية في القبطية، دفعت الأهالي، إلى تخصيص عيد سنوي للاحتفاء بها والذي يصادف الـ9 من ديسمبر من كل عام، للوقوف أمام ما حققته من إنجازات، والتأكيد على القيم الإيجابية التي تعززها بالمجتمع”، بحسب عضو فريق تقرير الحصاد التعاوني للعام 2023، عبده أحمد ناصر.
ويشير إلى أن سبب اختيارهم تاريخ الـ9 من ديسمبر على وجه التحديد، كعيد لمبادرتهم التعاونية، يعود إلى “كونه اليوم الذي تم فيه إنجاز طريق منطقة (الكعبين-الجعيدة-الكريفة) وهو المشروع الذي كان باكورة لكل المبادرات المجتمعية، وأوجد بيئة من التنافس الإيجابي، بين أبناء المديرية، لتدشين مبادراتهم التنموية في مناطق عديدة”.