بدأت في مديريتي الخبت وبني سعد بمحافظة المحويت، أعمال مبادرة لزراعة 10 آلاف شتلة من أشجار السدر، بدعم وتنفيذ من جمعية بني سعد التعاونية الزراعية، وبالتعاون مع السلطة المحلية، وطلاب المدارس، والنحالين.
وشجرة السدر التي تعرف في اليمن بـ”العلب”، تُعد واحدة من أقدم الأشجار التي رافقت الإنسان في مختلف حضاراته، وقد نالت مكانة خاصة بسبب خصائصها الطبية والغذائية، وتعرف في اليمن أنها شجرة العسل؛ حيث تتغذى النحل منها، ويتم منها إنتاج أجود أنواع العسل اليمني.
مواضيع مقترحة
-
شجرة السدر.. طرق الزراعة والعناية
-
المناخ والصراع يهددان التنوّع البيولوجي باليمن
-
ذمار.. وصاب وعُتمة تحت وطأة التحطيب الجائر
وقال عثمان ياسين، أمين عام الجمعية، في تصريح لمنصة ريف اليمن، أن هذه المبادرة تهدف إلى مكافحة انجراف التربة، وتوسيع إنشاء المحميات الطبيعية، التي تمثل بيئة مناسبة للماشية والنحل، مما يعزز إنتاج العسل الدوائي والغذائي.

موضحا أن المبادرة انطلقت منذ نحو عشرة أيام، ضمن خطة زراعية أوسع تشمل زراعة 30 ألف شتلة سدر في مناطق مختلفة من المحافظة، لافتًا إلى أن 2000 شتلة قد زُرعت بالفعل كدفعة أولى، في أماكن متفرقة تشمل الوديان، وأطراف الجبال، وأحواش المدارس.
وأشار ياسين إلى أنه تم إشراك طلاب المدارس في العناية بالشتلات مقابل منحهم درجات تحفيزية، كما تم إلزام النحالين في المحميات والمراعي بزراعة أعداد من الشتلات ورعايتها حتى تنمو وتتحول إلى مصدر دائم لغذاء النحل.
مصدر استراتيجي لغذاء النحل
وبيّن أن اختيار مناطق زراعة السدر جاء بناءً على كونها من أكثر المناطق إنتاجًا لعسل السدر، لكنها تعاني من الاحتطاب الجائر، ما يهدد مصادر غذاء النحل، ويؤثر سلبًا على إنتاج العسل، منوها أن شجرة السدر تحتاج إلى رعاية طويلة الأمد تصل إلى سبع سنوات لتصل إلى مرحلة الإثمار وإنتاج الرحيق، مما يجعلها استثمارًا بيئيًا واقتصاديًا مهمًا على المدى البعيد.

عضو جمعية اتحاد النحالين اليمنيين صادق مشوار، أشاد بالمبادرة، معتبرًا أن زراعة السدر تمثل مصدرًا استراتيجيًا لغذاء النحل، كون عسل السدر يُعد من أجود أنواع العسل اليمني وأكثرها طلبًا.
وأضاف مشوار في حديثه لمنصة ريف اليمن، أن النحل يتغذى على أزهار السدر وينتج منها عسلًا عالي الجودة، ما يدفع غالبية النحالين إلى الاعتماد عليه كمصدر رئيسي.
أما المهندس الزراعي نبيل العامري، فأكد أن ثمرة السدر وأزهارها مستساغة للنحل، ويمكن تحويلها بسهولة إلى عسل ذي خصائص غذائية وعلاجية، مضيفًا أن مثل هذه المبادرات تساهم أيضًا في مكافحة التصحر والجفاف، بفضل قدرة شجرة السدر على مقاومة العوامل البيئية القاسية.
تعزيز الغطاء الأخضر
وفي السياق نفسه، قال المهندس عبدالحبيب مهيوب، رئيس قسم الغابات والمراعي بمحطات أبحاث المرتفعات الجنوبية، إنه ضمن فريق أجرى دراسات ميدانية في صنعاء والمحويت، وتبيّن أن المناطق المنخفضة تعاني من الاحتطاب الجائر الذي يهدد مزارع النحل والثروة الحيوانية.

وأشار مهيوب لمنصة ريف اليمن، إلى أن زراعة شجرة السدر توفر حلًّا بيئيًا مزدوجًا، يتمثل في تعزيز الغطاء الأخضر من جهة، وتوفير غذاء مستدام للنحل من جهة أخرى، بما يعزز إنتاج العسل ويساهم في تحريك عجلة الاستثمار الريفي.
وتُعد شجرة السدر من الأشجار البرية المعمّرة ذات الأهمية البيئية والاقتصادية الواسعة وتتميز بتحمّلها للجفاف والملوحة، وقدرتها على التكيف مع البيئات القاسية، وتلعب دورا مهما في حماية التربة من الانجراف، وتعزيز التنوع البيئي.
وتكتسب الشجرة أهمية استثنائية في قطاع النحل، إذ تعتبر الزهور والرحيق الصادر عنها المصدر الأساسي لإنتاج “عسل السدر اليمني”، الذي يُصنف كأحد أجود أنواع العسل في العالم، ومع تزايد التهديدات البيئية تزايدت الدعوات إلى إعادة تشجير السدر وإنشاء محميات خاصة بها، خصوصًا من قبل النحالين والجهات الزراعية.