تعتبر جزيرة كمران الواقعة بمحافظة الحديدة غربي اليمن، من أكبر الجزر اليمنية، فهي ذات أهمية تاريخية واستراتيجية وبيئية، إذ تعرضت للاحتلال الأجنبي، في القرون الماضية، كما أنها حالياً تواجه تحديات كبيرة لا سيما عقب اندلاع الحرب في اليمن عام 2015.
تزخر جزيرة كمران والتي تعد لؤلؤة البحر الأحمر بمظاهر التنوع الحيوي والنباتي، والبيولوجي، والشعب المرجانية، حيث أعلنت عنها الحكومة اليمنية منطقة شمال الجزيرة محمية ساحلية في أغسطس/ آب عام 2009، ويطلق عليها “سقطرى البحر الأحمر”، وتمتاز بثراء وتنوع حيوي وشواطئ سياحية مذهلة.
وبسبب إشرافها موقعها الإستراتيجي المشرف على ممر الملاحة الدولية البحرية، كانت مطمع للاستعمار وحروب السيطرة، وتكشف معالمها الأثرية جانبًا من تاريخها مع المحتلين منذ عهد الرومان وانتهاء بالاستعمار البريطاني القرن الماضي.
مواضيع ذات صلة
أرخبيل سقطرى: الجوهرة الطبيعة وثروة اليمن الخفية
محمية الحسوة في عدن: وجهة الطيور تحتاج إنقاذ
محمية عُتمة.. تنوع طبيعي فريد
الموقع والمساحة
تقع جزيرة كمران قبالة الساحل الغربي لمنطقة الصليف، بمحافظة الحديدة غربي اليمن، وتبعد عن منطقة الصليف نحو 6 كيلو متر، وهي من أكبر وأجمل الجزر اليمنية في البحر الأحمر.
وتبلغ مساحتها حاولي 52.57 كيلومتر مربع، وتبلغ مساحة المسطحات المائية فيها نحو 18.49 كيلو متر مربع، في حين يبلغ عدد سكانها نحو 2.465 بحسب التعداد السكاني لعام 2004.
ويوجد في الجزيرة ثلاث تجمعات سكانية، فإلى جانب مدينة كمران العاصمة يوجد قرية “مكرم” الشاطئية عند منتصف الساحل الغربي وتبعد 8 كم عن مركز الجزيرة، وفي أقصى الجنوب تقع قرية “اليمن” بمسافة 10 كم من مدينة كمران، أما عند نهاية الجنوب الغربي للجزيرة والمسمى بالفُرّة أو (الفُرَّع).

جزيرة كمران والأطماع
تعرضت الجزيرة للاحتلال الأجنبي، حيث احتلها البرتغاليون عام 1513، وكذلك المماليك عام 1515، ثم عاد البرتغاليون إليها مرة أخرى عام 1517، بقيادة لوب سوليز ومن ثم احتلتها بريطانيا عام 1867 حتى طردهم منها العثمانيون عام 1882.
ثم عاد البريطانيون لاحتلالها مجددًا في الحرب العالمية الأولى حتى تم إجلاؤهم منها عام 1967، كما أنشأ الاحتلال البريطاني مطار كمران في عام 1932والذي احتل الجزيرة عام 1915، وكانت تنطلق منه الطائرات الحربية لضرب ميناء مصوع وأسمرة أثناء حربها مع الإيطاليين وشهد مطار كمران عام 1940 نشاطًا تجاريًا من خلال فتح الخط المدني الجوي الذي ربط الجزيرة بمدينة عدن جنوبي اليمن.
المعالم الأثرية والتاريخية
تضم جزيرة كمران الكثير من المعالم الأثرية والتاريخية أبرزها:
- قلعة كمران
لذي ترجح المصادر أنها تعود إلى فترة الاحتلال الفارسي للجزيرة عام 620، وقد تم تجديد بنائها على فترات متلاحقة منها عام 1516 أثناء الحملة البرتغالية، وتتكون القلعة من عدة غرف متفرقة تحيط بها متاريس، ويوجد بها مخازن لحفظ الحبوب والطعام وبئر ماء بالإضافة إلى نفق.
- الجوامع القديمة
وأبرز الجوامع الجامع الكبير هو يعد من أهم المعالم التاريخية والأثرية في جزيرة كمران وترجح كثيرًا من المصادر بداية تأسيسه إلى حسين الكردي قائد الحملة المملوكية على اليمن عام 921 هجرية، وشهد عمليات تجديد متكررة وتوسيع كان أخر عام 1948 من قبل الملك فاروق ملك مصر السابق عند زيارته للجزيرة.
بالإضافة إلى جامع الجبانة، والذي ي=يعود تاريخ إنشائه إلى فترة تواجد المماليك في الجزيرة لصد حملات البرتغاليين عن جنوب البحر الأحمر حوالي عام 921 هجرية – 1515 ميلادية.
كما يوجد بها العديد من المعالم الأثرية الأخرى التي تعود إلى فترات تاريخية متباينة مثل مسجد العقل الذي يعود إلى الفترة التركية ومسجد سابق الريح وحديقة الترار التي تعود إلى الاحتلال الإنجليزي للجزيرة في العام 1938م.

- بقايا آثار
كما توجد في الجزيرة بقايا لآثار قديمة لسكة قطار داخلي، وقلعة فارسية، وسارية منتصبة أمام باحة منزل الحاكم البريطاني، والغابة المائية العائمة التي نزل فيها الملك فاروق في زيارته السياحية للجزيرة.
فبالإضافة إلى الملك فاروق يقال إن أم الأمير تشارلز قضت في الجزيرة شهر العسل. ونظرا إلى تزايد الاهتمام البريطاني بالجزيرة تم ضمها إلى مستعمرات عدن في العام 1949م قبل أن يتم فصلها عن عدن وألحقتها بالسلطة الإدارية والعسكرية في لندن.
التنوع البيئي
تزخر جزيرة كمران بالجمال وتتمثل مقوماتها في طبيعتها الخلابة ذات الغابات الكثيفة من أشجار المانجروف، وشواطئ رملية ذهبية ومتعددة في شمالها وجنوبها وشرقها وغربها بالإضافة إلى مياه صافية غير ملوثة وكذا بيئة بحرية خالية من أي تلوث حيث تحوي على شعاب مرجانية فريدة من نوعها.
كما تضم الجزيرة أحياء ونباتات وأسماك لا حصر لها بالإضافة إلى تعدد مناطق الغوص فيها، وهي أيضاً تعد ذات بيئة غاية في الجمال والروعة نتيجة لارتباطها بالعديد من الجزر القريبة منها والمسماة بجزر أرخبيل كمران.
وتضم جزيرة كمران أشجار الشورى الواقعة شمال الجزيرة الشورى والتي تصل مساحتها إلى أكثر من 30 كيلو متر مربع، بالإضافة الطيور المهاجرة والمستوطنة –ذات جذب سياحي وهي من الجزر المرشحة لإعلانها كمحمية طبيعية.
وتتواجد الشعاب المرجانية في جنوب وغرب الجزيرة مع قلتها وندرتها في شرق الجزيرة وشمالها، حيث تشهد بيئة الشعاب المرجانية تنوع سمكي كبير جعل من الجزيرة من أهم المصائد السمكية خاصة مصائد أسماك الزينة في اليمن.
وفي النصف الشمالي من الجزيرة، تمتد أراضٍ مسطحة تنتهي بشواطئ رملية ناعمة، فيما تنتشر أشجار القرم الساحلي على مساحات شاسعة من شمال وشمال شرق الجزيرة. هذه البيئة تعد ملاذًا للغزلان والطيور المهاجرة، كما تُعتبر موائل مثالية لتكاثر الأسماك والأحياء البحرية الأخرى، مما يجعلها موقعًا مرشحًا لإعلانها محمية طبيعية.
المقومات السياحية
تعد جزيرة كمران واحدة من أجمل الجزر اليمنية وأكثرها ثراءً بالتنوع البيئي والثقافي، وتتميز بطبيعتها الفريدة وطقسها المعتدل طوال العام، مما يجعلها وجهة مثالية لعشاق السياحة والطبيعة.
تتمتع كمران بتضاريس جميلة فهي عبارة عن هضبة من الصخور المرجانية، تُبرزها أمواج البحر التي شكّلت أشكالًا صخرية غاية في الروعة على مر العصور.
تحيط بها شواطئ متنوعة ما بين الرملية والصخرية، فيما تتوسطها منخفضات واسعة تُصبح صالحة للزراعة عند هطول الأمطار أو توفر مياه عذبة، خاصة في المناطق الجنوبية للجزيرة.
وتعد قرى “مكرم” و”اليمن” مواقع مثالية للصيد والاستجمام، بالإضافة إلى منطقة “الفُرّة” التي تُزينها واحات من أشجار الدوم والنخيل، ما يجعلها وجهة مثالية للأنشطة السياحية والرياضات المائية.

تتميز كمران بطبيعة ساحرة تجعل شواطئها ومواقعها البحرية مثالية للسياحة البيئية والترفيهية. مواقع مثل شاطئ الفُرّة توفر مناظر خلابة مع مياه صافية وزرقاء تجذب هواة التصوير لتوثيق لحظات الغروب الساحرة.
تعتبر شواطئ جزيرة كمران الجميلة من أهم المقومات السياحية التي تتمتع بها الجزيرة أبرزها، شواطئ مطير، وشواطئ التويس شمال شرق الجزيرة، وشواطئ الصياد، وشواطئ مكرم، وشواطئ السليلة جنوب الجزيرة.
وتزخر الجزيرة بمقومات سياحية أخرى إذ تعد مراسيها وأرصفتها البحرية من أهم مقومات التنمية السياحية والاقتصادية والاجتماعية والتي تتوزع أرصفتها البحرية كالتالي: – مرسى فرهة، مرسى مطير.
بالإضافة إلى، رصيف يرتجي باقيس، مرسى مكرم، ورصيف المتجرة، ومرسى المحاسير، ورصيف المشجاح، ومرسى الشورى، ورصيف القسم، ومرسى البطن، ورصيف إدارة الحامية، ومرسى خور تونس، ومرسى سابق الريح.
كما يحيط بالجزيرة العديد من مناطق للغوص والذي تعتبر ذات جذب سياحي كبير ومن أهم هذه المواقع، منطقة جنوب الجزيرة، مواقع الغوص جنوب غرب فرهه، ومواقع فى منطقة شواطئ المحاسير.
لمحة عن الوضع الحالي
يواجه سكان جزيرة كمران صعوبات وتحديات كبيرة، إذ انعكست الحرب سلباً على حياة حياتهم، وفاقمت معاناتهم خصوصاً الصيادين الذين يعتمدون على الاصطياد في تأمين احتياجاتهم اليومية.
وخلال الفترة الماضية، تحولت جزيرة كمران، إلى منطقة عسكرية، حيث تشن الولايات المتحدة الأمريكية ضربات جوية منذ 15 مارس /آذار 2025 ضد جماعة الحوثي الذي تسيطر على الجزيرة منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015.
المصدر: ريف اليمن + المركز الوطني للمعلومات